صفحة جزء
وممن توفي فيها من الأعيان :

أحمد أمير المؤمنين المعتمد ، كما تقدم ترجمته قريبا .

وأبو بكر بن أبي خيثمة وأحمد بن زهير بن خيثمة صاحب التاريخ وغيره ، سمع أبا نعيم وعفان وأخذ علم الحديث عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ، وعلم النسب عن مصعب الزبيري وأيام الناس عن أبي الحسن علي بن محمد المدائني ، وأخذ الأدب عن محمد بن سلام الجمحي ، وكان ثقة حافظا ضابطا مشهورا ، وفي تاريخه هذا فوائد كثيرة وفرائد غزيرة .

[ ص: 646 ] روى عنه البغوي وابن صاعد وابن أبي داود وابن المنادي ، وقد كانت وفاته في جمادى الأولى من هذه السنة عن أربع وتسعين سنة رحمه الله .

وخاقان أبو عبد الله الصوفي كانت له أحوال وكرامات .

ونصر بن أحمد بن أسد بن سامان ، الساماني أحد ملوكهم الأكابر ، وقد كانوا من سلالة الأكاسرة كان جدهم سامان من أصحاب أبي مسلم الخراساني وأصله من ذرية بهرام بن أزدشير بن سابور ثم كان ابنه أسد من عقلاء الرجال وخلف نوحا وأحمد ويحيى وإلياس وقد ولي كل واحد من هؤلاء مملكة ناحية من النواحي وهم السامانية .

البلاذري المؤرخ .

أحد المشاهير أحمد بن يحيى بن جابر بن داود أبو الحسن ، ويقال أبو جعفر ، ويقال أبو بكر - البغدادي البلاذري صاحب التاريخ المنسوب إليه . سمع هشام بن القاسم بن سلام وأبا الربيع الزهراني وجماعة وعنه يحيى بن النديم وأحمد بن عمار وأبو يوسف يعقوب بن نعيم بن قرقارة الأزدي .

قال الحافظ ابن عساكر : كان أديبا راوية ، له كتب جياد ، ومدح المأمون بمدائح ، وجالس المتوكل ، وتوفي أيام المعتمد ووسوس في آخر عمره .

[ ص: 647 ] وروى ابن عساكر عن البلاذري قال : قال لي محمود الوراق : قل من الشعر ما يبقى لك ذكره ، ويزول عنك إثمه . فقلت :


استعدي يا نفس للموت واسعي لنجاة فالحازم المستعد     قد تبينت أنه ليس للحي
خلود ولا من الموت بد     إنما أنت مستعيرة ما سو
ف تردين والعواري ترد     أنت تسهين والحوادث لا تس
هو وتلهين والمنايا تجد     أي ملك في الأرض أو أي حظ
لامرئ حظه من الأرض لحد     لا ترجي البقاء في معدن المو
ت ودار حتوفها لك ورد     كيف يهوى امرؤ لذاذة أيا
م عليه الأنفاس فيها تعد

الترمذي .

واسمه محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك . وقيل : محمد بن عيسى بن يزيد بن سورة بن السكن . ويقال : محمد بن عيسى بن سورة بن شداد أبو عيسى السلمي الترمذي الضرير . ويقال : إنه ولد أكمه . وهو أحد أئمة هذا الشأن في زمانه ، وله المصنفات المشهورة ، منها " الجامع " و " الشمائل " و " أسماء الصحابة " وغير ذلك ، وكتاب " الجامع " أحد الكتب الستة التي يرجع إليها العلماء في سائر الآفاق ، وجهالة ابن حزم لأبي عيسى [ ص: 648 ] حيث قال في " محلاه " : ومن محمد بن عيسى بن سورة ؟ - لا تضره في دينه ودنياه ، ولا تضع من قدره عند أهل العلم ، بل تحط من منزلة ابن حزم عند الحفاظ .


وكيف يصح في الأذهان شيء     إذا احتاج النهار إلى دليل

وقد ذكرنا مشايخه في كتابنا " التكميل " . وروى عنه غير واحد من العلماء منهم محمد بن إسماعيل البخاري في غير " الصحيح " ، والهيثم بن كليب الشاشي صاحب " المسند " ، ومحمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي راوي " الجامع " عنه ، ومحمد بن المنذر شكر . قال الحافظ أبو يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي القزويني في كتابه " علوم الحديث " : محمد بن عيسى بن سورة بن شداد الحافظ متفق عليه له كتاب في السنن وكلام في الجرح والتعديل . روى عنه ابن محبوب والأجلاء وهو مشهور بالأمانة والعلم ، مات بعد الثمانين ومائتين . كذا قال في تاريخ وفاته . وقد قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سليمان الغنجار في " تاريخ بخارى " : محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي الترمذي الحافظ دخل بخارى وحدث بها وهو صاحب " الجامع " و " التاريخ " توفي بالترمذ ليلة الإثنين لثلاث عشرة خلت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين . وذكره الحافظ أبو حاتم [ ص: 649 ] بن حبان في الثقات ، فقال : كان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر . قال الترمذي : كتب عني البخاري حديث عطية عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك وروى ابن نقطة في تقييده عن الترمذي أنه قال : صنفت هذا المسند الصحيح فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به وعرضته على علماء العراق فرضوا به وعرضته على علماء خراسان فرضوا به ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم . قالوا : وجملة " الجامع " مائة وإحدى وخمسون كتابا وكتاب " العلل " صنفه بسمرقند وكان فراغه منه في يوم عيد الأضحى من سنة سبعين ومائتين . قال ابن نقطة : سمعت محمد بن طاهر المقدسي سمعت أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري يقول : كتاب الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم ، قلت : ولم ؟ قال : لأنه لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من هو من أهل المعرفة التامة ، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبينها ، فيصل إليها كل أحد من الناس من الفقهاء والمحدثين وغيرهما ، قلت : والذي يظهر من حاله أنه إنما طرأ عليه العمى بعد أن رحل وسمع وكتب وذاكر وناظر وصنف ، ثم اتفق موته في بلده في رجب من هذه السنة على الصحيح المشهور ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية