صفحة جزء
[ ص: 268 ] ذكر امرئ القيس بن حجر

الكندي
صاحب إحدى المعلقات


وهي أفخرهن وأشهرهن ، التي أولها

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل



قال الإمام أحمد : حدثنا هشيم حدثنا أبو الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار وقد روى هذا الحديث عن هشيم جماعة كثيرون منهم بشر بن الحكم ، والحسن بن عرفة ، وعبد الله بن هارون أمير المؤمنين المأمون أخو الأمين ، ويحيى بن معين ، وأخرجه ابن عدي من طريق عبد الرزاق عن الزهري به . وهذا منقطع ، وروي من وجه آخر ، عن أبي هريرة ولا يصح من غير هذا الوجه .

[ ص: 269 ] وقال الحافظ ابن عساكر : هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن يعرب بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة أبو يزيد ، ويقال : أبو وهب ويقال : أبو الحارث الكندي ، كان بأعمال دمشق وقد ذكر مواضع منها في شعره فمن ذلك قوله


قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل     بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها     لما نسجتها من جنوب وشمأل

قال : وهذه مواضع معروفة بحوران .

ثم روى من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلبي حدثني فروة بن سعيد بن عفيف بن معدي كرب عن أبيه عن جده قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل وفد من اليمن فقالوا : يا رسول الله لقد أحيانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس قال : وكيف ذاك ؟ قالوا : أقبلنا نريدك حتى إذا كنا ببعض الطريق أخطأنا الطريق فمكثنا ثلاثا لا نقدر على الماء فتفرقنا إلى أصول طلح وسمر ; ليموت كل رجل منا في ظل شجرة فبينا نحن بآخر رمق إذا راكب يوضع على بعير فلما رآه بعضنا - قال [ ص: 270 ] والراكب يسمع - :


ولما رأت أن الشريعة همها     وأن البياض من فرائصها دامي
تيممت العين التي عند ضارج     يفيء عليها الظل عرمضها طامي

فقال الراكب : ومن يقول هذا الشعر ؟ - وقد رأى ما بنا من الجهد - قال : قلنا : امرؤ القيس بن حجر قال : والله ما كذب هذا ضارج عندكم فنظرنا فاذا بيننا وبين الماء نحو من خمسين ذراعا فحبونا إليه على الركب فاذا هو كما قال امرؤ القيس عليه العرمض يفيء عليه الظل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك رجل مذكور في الدنيا منسي في الآخرة ، شريف في الدنيا خامل في الآخرة ، بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار
.

وذكر الكلبي أن امرأ القيس أقبل براياته ، يريد قتال بني أسد حين قتلوا أباه فمر بتبالة وبها ذو الخلصة ، وهو صنم وكانت العرب تستقسم عنده فاستقسم فخرج القدح الناهي ثم الثانية ثم الثالثة كذلك فكسر القداح وضرب بها وجه ذي الخلصة ، وقال : عضضت بأير أبيك لو كان أبوك المقتول لما عوقتني ، ثم أغار على بني أسد فقتلهم قتلا ذريعا . قال ابن [ ص: 271 ] الكلبي : فلم يستقسم عند ذي الخلصة حتى جاء الإسلام .

وذكر بعضهم أنه امتدح قيصر ملك الروم يستنجده في بعض الحروب ، ويسترفده فلم يجد ما يؤمله عنده فهجاه بعد ذلك فيقال : إنه سقاه سما فقتله فألجأه الموت إلى جنب قبر امرأة عند جبل يقال له : عسيب فكتب هنالك


أجارتنا إن المزار قريب     وإني مقيم ما أقام عسيب
أجارتنا إنا غريبان هاهنا     وكل غريب للغريب نسيب

وقد ذكروا أن المعلقات السبع كانت معلقة بالكعبة ، وذلك أن العرب كانوا إذا عمل أحدهم قصيدة عرضها على قريش فإن أجازوها علقوها على الكعبة تعظيما لشأنها فاجتمع من ذلك هذه المعلقات السبع فالأولى لامرئ القيس بن حجر الكندي كما تقدم وأولها


قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل     بسقط اللوى بين الدخول فحومل

والثانية للنابغة الذبياني واسمه زياد بن معاوية ، ويقال : زياد بن عمرو بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض ، وأولها

[ ص: 272 ]

يا دار مية بالعلياء فالسند     أقوت وطال عليها سالف الأبد

والثالثة لزهير بن أبي سلمى ربيعة بن رياح المزني ، وأولها


أمن أم أوفى دمنة لم تكلم     بحومانة الدراج فالمتثلم

والرابعة لطرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، وأولها


لخولة أطلال ببرقة ثهمد     تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

والخامسة لعنترة بن شداد بن معاوية بن قراد بن مخزوم بن ربيعة بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس العبسي ، وأولها


هل غادر الشعراء من متردم     أم هل عرفت الدار بعد توهم

والسادسة لعلقمة بن عبدة بن النعمان بن قيس أحد بني تميم ، وأولها


طحا بك قلب في الحسان طروب     بعيد الشباب عصر حان مشيب

والسابعة - ومنهم من لا يثبتها في المعلقات وهو قول الأصمعي وغيره - [ ص: 273 ] وهي للبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر ، وأولها


عفت الديار محلها فمقامها     بمنى تأبد غولها فرجامها

فأما القصيدة التي لا يعرف قائلها فيما ذكره أبو عبيدة والأصمعي والمبرد وغيرهم فهي قوله


هل بالطلول لسائل رد     أم هل لها بتكلم عهد

وهي مطولة ، وفيها معان حسنة كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية