صفحة جزء
وممن توفي فيها من الأعيان :

إبراهيم بن عبد الله بن مسلم الكجي
.

أحد المشايخ المعمرين كان يحضر مجلسه خمسون ألفا ممن معه محبرة سوى النظارة ويستملي عليه سبعة مستملين كل يبلغ صاحبه ويكتب بعض الناس وهم قيام وكان كلما حدث بعشرة آلاف حديث تصدق بصدقة ولما فرغ من قراءة السنن عليه عمل مأدبة غرم عليها ألف دينار ، وقال : شهدت اليوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلت شهادتي وحدي أفلا أعمل شكرا لله عز وجل . وروى ابن [ ص: 729 ] الجوزي والخطيب عن أبي مسلم الكجي .

قال : خرجت ذات ليلة من المنزل بليل فمررت بحمام وعلي جنابة فدخلته ، فقلت للحمامي : أدخل حمامك أحد بعد ؟ فقال : لا ، فدخلت ، فلما فتحت باب الحمام الداخل إذا قائل يقول : أبا مسلم أسلم تسلم ، ثم أنشأ يقول :


لك الحمد إما على نعمة وإما على نقمة تدفع     تشاء فتفعل ما شئته
وتسمع من حيث لا تسمع

قال : فبادرت فخرجت ، فقلت للحمامي : أنت زعمت أنه لم يدخل حمامك أحد ، فقال : نعم وما ذاك ؟ فقلت : إني سمعت قائلا يقول كذا .

قال : أوسمعته ؟ قلت : نعم ، فقال : يا سيدي هذا رجل من الجان يتبدى لنا في بعض الأحيان ، فينشد الأشعار ويتكلم بكلام حسن فيه مواعظ ، فقلت : هل حفظت من شعره شيئا ؟ فقال : نعم ، ثم أنشدني من شعره :


أيها المذنب المفرط مهلا     كم تمادى وتركب الذنب جهلا
كم وكم تسخط الجليل بفعل     سمج وهو يحسن الصنع فعلا
كيف تهدا جفون من ليس يدري     أرضي عنه من على العرش أم لا

عبد الحميد بن عبد العزيز أبو حازم القاضي الحنفي كان من خيار القضاة وأعيان الفقهاء ومن أئمة العلماء ، ورعا نزها كثير الصيانة والديانة [ ص: 730 ] والأمانة وقد ذكر له ابن الجوزي في " المنتظم " آثارا حسنة وأفعالا جميلة رحمه الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية