صفحة جزء
وممن توفي فيها من الأعيان :

أحمد بن محمد بن زكريا بن أبي عتاب أبو بكر البغدادي الحافظ .

ويعرف بأخي ميمون روى عن نصر بن علي الجهضمي وغيره وروى عنه الطبراني وكان يمتنع من أن يحدث وإنما يسمع منه في المذاكرات ، توفي في شوال منها .

أبو بكر الأثرم .

أحمد بن محمد بن هانئ أبو بكر الطائي الأثرم
،
تلميذ الإمام أحمد ، سمع عفان وأبا الوليد والقعنبي وأبا نعيم وخلقا كثيرا وكان حاذقا صادقا قوي الذاكرة ، كان ابن معين يقول عنه : كان أحد أبويه جنيا . لسرعة فهمه وحفظه وحذقه ، وله كتب مصنفة في العلل والناسخ والمنسوخ وكان من بحور العلم .

[ ص: 752 ] خلف بن عمرو بن عبد الرحمن بن عيسى .

أبو محمد العكبري سمع الحديث وكان ظريفا ، له ثلاثون خاتما وثلاثون عكازا يلبس في كل يوم من الشهر خاتما ويأخذ في يده عكازا ثم يستأنف ذلك في الشهر الثاني وكان له سوط معلق في منزله فإذا سئل عن ذلك ، يقول : ليرهب العيال منه

ابن المعتز الشاعر الذي بويع بالخلافة

عبد الله بن المعتز بالله محمد بن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بالله محمد بن الرشيد هارون ، يكنى ابن المعتز أبا العباس ، الشاعر الهاشمي العباسي الفصيح البليغ المطبق ، وقريش قادة الناس في الخير ودفع الشر ، وقد سمع المبرد وثعلبا وقد روي عنه من الحكم والآداب شيء كثير ، فمن ذلك قوله : أنفاس الحي خطاه . أهل الدنيا ركب يسار بهم وهم نيام . ربما أورد الطمع ولم يصدر . ربما شرق شارب الماء قبل ريه . من تجاوز الكفاف لم يغنه الإكثار ، كلما عظم قدر المنافس فيه عظمت الفجيعة به . من ارتحله الحرص أضناه الطلب . الحرص ينقص من قدر الإنسان ولا يزيد في حظه . أشقى الناس أقربهم من [ ص: 753 ] السلطان كما أن أقرب الأشياء إلى النار أسرعها احتراقا . من شارك السلطان في عز الدنيا شاركه في ذل الآخرة . يكفيك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك . الفرصة سريعة الفوت بعيدة العود . الأسرار إذا كثر خزانها ازدادت ضياعا . العزل يضحك من تيه الولاية . الجزع أتعب من الصبر . لا تشن وجه العفو بالتقريع . تركة الميت عز للورثة . إلى غير ذلك من كلامه وحكمه .

ومن شعره في الحكم مما يناسب هذا المعنى الأخير قوله


سابق إلى مالك وراثه ما المرء في الدنيا بلباث     كم صامت يخنق أكياسه
قد صاح في ميزان ميراث

وله أيضا :


يا ذا الغنى والسطوة القاهره     والدولة الناهية الآمره
ويا شياطين بني آدم     ويا عبيد الشهوة الفاجره
انتظروا الدنيا فقد أقربت     وعن قليل تلد الآخره

وله أيضا :

[ ص: 754 ]

ابك يا نفس وهاتي     توبة قبل الممات
قبل أن يفجعنا الده     ر ببين وشتات
لا تخونيني إذا م     ت وقامت بي نعاتي
إنما الوافي بعهدي     من وفى بعد وفاتي

قال الصولي : نظر ابن المعتز في حياة أبيه الخليفة إلى جارية فأعجبته فمرض من حبها فدخل أبوه عليه عائدا ، فقال له : كيف تجدك ؟ فأنشأ يقول :


أيها العاذلون لا تعذلوني     وانظروا حسن وجهها تعذروني
وانظروا هل ترون أحسن منها     إن رأيتم شبيهها فاعذلوني

قال : ففحص أبوه عن القضية واستعلم خبر الجارية ثم بعث إلى سيدها فاشتراها منه بسبعة آلاف دينار وبعثها إليه .

وقد ذكرنا أن في ربيع الأول من هذه السنة اجتمع القواد والأعيان والقضاة على خلع المقتدر وتولية عبد الله بن المعتز هذا ، ولقب بالمرتضي والمنتصف بالله فما مكث في الخلافة إلا يوما أو بعض يوم ثم غالب المقتدر وقتل عامة من خرج عليه واعتقله في دار السلطان ، ووكل به يونس الخادم ، فقتل في أوائل ربيع الآخر لليلتين خلتا منه ، ويقال : إنه أنشد في آخر يوم من حياته :

[ ص: 755 ]

يا نفس صبرا لعل الخير عقباك     خانتك من بعد طول الأمن دنياك
مرت بنا سحرا طير فقلت لها     طوباك يا ليتني إياك طوباك
إن كان قصدك شرقا فالسلام على     شاطي الصراة ابلغي إن كان مسراك
من موثق بالمنايا لا فكاك له     يبكي الدماء على إلف له باكي
فرب آمنة جاءت منيتها     ورب مفلتة من بين أشراك
أظنه آخر الأيام من عمري     وأوشك اليوم أن يبكي لي الباكي

ولما قدم ليقتل أنشأ يقول :


فقل للشامتين بنا رويدا     أمامكم المصائب والخطوب
هو الدهر الذي لا بد من أن     يكون إليكم منه ذنوب

ثم كان ظهور قتله لليلتين من ربيع الآخر من هذه السنة وقد ذكر له القاضي ابن خلكان مصنفات كثيرة ، منها : " طبقات الشعراء " وكتاب " أشعار الملوك " وكتاب " الآداب " وكتاب " البديع " وكتاب في الغناء وغير ذلك ، وذكر أن طائفة من الأمراء خلعوا المقتدر وبايعوه يوما وليلة ثم تمزق شمله واختفى في بيت ابن الجصاص الجوهرى ثم ظهر عليه فقتل وصودر ابن الجصاص بألفي ألف دينار وبقي معه سبعمائة ألف دينار .

قيل : وكان أسمر اللون مسنون الوجه يخضب بالسواد عاش خمسين [ ص: 756 ] سنة وذكر شيئا من كلامه وأشعاره رحمه الله

محمد بن الحسين بن حبيب .

أبو حصين الوادعي القاضي
صاحب " المسند " من أهل الكوفة قدم بغداد وحدث بها عن أحمد بن يونس اليربوعي ويحيى بن عبد الحميد وجندل بن والق ، وعنه ابن صاعد والنجاد والمحاملي .

قال الدارقطني : كان ثقة توفي بالكوفة في هذه السنة .

محمد بن داود بن الجراح أبو عبد الله الكاتب عم الوزير علي بن عيسى كان من أعلم الناس بالأخبار وأيام الخلفاء ، له مصنفات في ذلك روى عن عمر بن شبة وغيره . كانت وفاته في ربيع الأول منها عن ثلاث وخمسين سنة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية