صفحة جزء
[ ص: 77 ] ثم دخلت سنة ثنتين وعشرين وثلاثمائة

فيها قصد ملك الروم ملطية في خمسين ألفا ، فحاصرها ، ثم أعطاهم الأمان حتى تمكن منهم ، فقتل خلقا كثيرا ، وأسر ما لا يحصون كثرة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

وفيها وردت الأخبار بأن مرداويج قد تسلم أصبهان وانتزعها من علي بن بويه ، وأن علي بن بويه توجه إلى أرجان فأخذها ، وقد أرسل ابن بويه إلى الحضرة الخليفية بالطاعة والمعونة ، وإن أمكن أن يقبل العتبة الشريفة ويحضر بين يدي الخليفة إن رسم ، أو يذهب إلى شيراز فيكون مع ياقوت . ثم اتفق الحال بعد ذلك أن صار إلى شيراز وأخذها من نائبها ياقوت بعد قتال عظيم ظفر فيه ابن بويه بياقوت وأصحابه ، فقتل منهم خلقا ، وأسر جماعة ، فلما تمكن أطلقهم ، وأحسن إليهم ، وخلع عليهم ، وعدل في الناس .

وكانت معه أموال كثيرة قد استفادها من أصبهان وقبلها من الكرج ومن همذان وغيرها . إلا أنه كان كريما جوادا معطاء للجيوش الذين قد التفوا عليه ، ثم [ ص: 78 ] إنه أملق في بعض الأحيان وهو بشيراز ، وطالبه الجند بأرزاقهم ، وخاف أن ينحل نظام أمره ، فاستلقى يوما على قفاه مفكرا في أمره ، وإذا حية قد خرجت من سقف المكان الذي هو فيه ، ودخلت في آخر ، فأمر بنزع تلك السقوف ، فوجد هناك مكانا فيه من الذهب شيء كثير جدا نحو من خمسمائة ألف دينار ، فأنفق في جيشه ما أراد ، وبقي عنده شيء كثير .

وركب ذات يوم يتفرج في خراب البلد ، وينظر إلى أبنية الأوائل ، ويتعظ بمن كان قبله ، فانخسفت الأرض من تحت قائمة جواده ، فأمر فحفر هنالك فوجد من الأموال شيئا كثيرا أيضا .

واستعمل عند رجل خياط قماشا ليلبسه ، فاستبطأه فأمر بإحضاره ، فلما وقف بين يديه تهدده ، وكان الرجل أصم لا يسمع جيدا ، فقال : والله ما لابن ياقوت عندي سوى اثني عشر صندوقا ، لا أدري ما فيها . فأمر بإحضارها فإذا فيها أموال عظيمة تقارب ثلاثمائة ألف دينار .

واطلع على ودائع كانت ليعقوب وعمرو ابني الليث ، فيها من الأموال ما لا يحد ولا يوصف كثرة ، فقوي أمره ، وعظم سلطانه جدا ، وهذا كله من الأمور المقدرة لما يريده الله بهم من السعادة الدنيوية . وربك يخلق ما يشاء ويختار [ القصص : 68 ] و لله الأمر من قبل ومن بعد [ الروم : 4 ] .

وكتب إلى الراضي ووزيره أبي علي بن مقلة يطلب أن يقاطع على ما قبله من البلاد على ألف ألف في كل سنة ، فأجابه الراضي إلى ذلك ، وبعث إليه بالخلع [ ص: 79 ] واللواء وأبهة الملك .

وفيها قتل القاهر بالله أميرين كبيرين ; وهما إسحاق بن إسماعيل النوبختي ، وهو الذي كان قد أشار على الأمراء بخلافة القاهر ، وأبو السرايا بن حمدان أصغر ولد أبيه ، وكان في نفس القاهر منهما ; بسبب أنهما زايداه مرة من قبل أن يلي الخلافة في جاريتين مغنيتين ، فاستدعاهما إلى المسامرة فتطيبا وحضرا ، فأمر بإلقائهما في بئر هنالك ، فتضرعا إليه فلم يرحمهما ، بل ألقيا فيها ، وطينها عليهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية