[ ص: 94 ] ثم دخلت سنة أربع وعشرين وثلاثمائة 
فيها جاءت الجند ، فأحدقوا بدار الخلافة ، وقالوا : ليخرج إلينا الخليفة 
الراضي  بنفسه فيصل بالناس . فخرج فصلى بهم وخطبهم ، وقبض الغلمان على الوزير 
أبي علي بن مقلة  ، وسألوا من الخليفة أن يستوزر غيره ، فرد الخيرة إليهم ، فاختاروا 
علي بن عيسى  ، فلم يقبل ، وأشار بأخيه 
عبد الرحمن بن عيسى  فاستوزره ، وأحرقت دار 
ابن مقلة ،  وسلم هو إلى 
عبد الرحمن بن عيسى  ، فضرب ضربا عنيفا ، وأخذ خطه بألف ألف دينار ، ثم عجز 
عبد الرحمن بن عيسى  ، فعزل بعد خمسين يوما ، وقلد الوزارة 
أبو جعفر محمد بن القاسم الكرخي  ، فصادر 
علي بن عيسى  بمائة ألف دينار ، وصادر أخاه 
عبد الرحمن بن عيسى  بسبعين ألف دينار ، ثم عزل بعد ثلاثة أشهر ونصف ، وقلد 
سليمان بن الحسين  ، ثم عزل 
 nindex.php?page=showalam&ids=11888بأبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات  ، ولكن في السنة الآتية ، وأحرقت داره كما أحرقت دار 
ابن مقلة  في اليوم الذي أحرقت تلك فيه ، بينهما سنة واحدة . وهذا كله من تخبيط 
الأتراك  والغلمان . ولما أحرقت دار 
ابن مقلة  في هذه السنة كتب بعض الناس على بعض جدرانها : 
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر      [ ص: 95 ] وسالمتك الليالي فاغتررت بها 
وعند صفو الليالي يحدث الكدر 
وضعف أمر الخلافة جدا ، وبعث 
الراضي  إلى 
محمد بن رائق    - وكان 
بواسط    - يستدعيه إليه ; ليوليه إمرة الأمراء 
ببغداد  ، وأمر الخراج والمعاون في جميع البلاد والدواوين ، وأمر أن يخطب له على جميع المنابر ، وأنفذ إليه بالخلع ، فقدم 
ابن رائق  إلى 
بغداد  على ذلك كله ، ومعه الأمير 
بجكم التركي  غلام مرداويج ، وهو الذي ساعد على قتله وأراح المسلمين منه ، واستحوذ 
ابن رائق  على أمر 
العراق  بكماله ، ونقل أموال بيت المال إلى داره ، ولم يبق للوزير تصرف في شيء بالكلية ، ووهى أمر الخلافة جدا ، واستقل نواب الأطراف بالتصرف فيها ، ولم يبق للخليفة حكم في غير 
بغداد  ومعاملاتها ، ومع هذا ليس له مع 
ابن رائق  نفوذ في شيء ، ولا كلمة تطاع ، وإنما يحمل إليه 
ابن رائق  ما يحتاج إليه من الأموال والنفقات وغيرها ، وهكذا صار أمر من جاء بعده من أمراء الأمراء . وأما بقية الأطراف ، 
فالبصرة  مع 
ابن رائق  هذا ، وأمر 
خوزستان  في يدي 
أبي عبد الله البريدي  ، وقد غلب 
ياقوت  في هذه السنة على ما كان بيده من مملكة 
تستر  وغيرها ، واستحوذ على حواصله وأمواله ، وأمر 
فارس  إلى 
 nindex.php?page=showalam&ids=16647عماد الدولة أبي الحسن علي بن بويه  ، 
والري  وأصبهان  والجبل بيد أخيه 
ركن الدولة ابن بويه  ، ومنازعه في ذلك 
وشمكير أخو مرداويج  ، 
وكرمان  بيد 
أبي علي محمد بن إلياس بن اليسع  ، وبلاد 
الموصل  والجزيرة  وديار بكر 
ومضر  وربيعة  مع 
بني حمدان  ، 
ومصر  والشام  في يد 
محمد بن طغج  ، وبلاد 
إفريقية  والمغرب  في يد   
[ ص: 96 ] القائم بأمر الله بن المهدي المدعي  أنه فاطمي ، وقد تلقب بأمير المؤمنين ، 
والأندلس  في يد 
عبد الرحمن بن محمد ، الملقب بالناصر الأموي  ، 
وخراسان  وما وراء النهر في يد 
السعيد نصر بن أحمد الساماني  ، 
وطبرستان  وجرجان  في يد 
الديلم  ، 
والبحرين  واليمامة  وهجر  في يد 
 nindex.php?page=showalam&ids=14981أبي طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي القرمطي  ، لعنه الله . 
وفيها وقع 
ببغداد  غلاء عظيم وفناء كثير ، بحيث عدم الخبز منها خمسة أيام ، ومات من أهل البلد خلق كثير ، وأكثر ذلك كان في الضعفاء ، وكان الموتى يلقون في الطرقات ليس لهم من يقوم بأمرهم ، ويحمل على الجنازة الواحدة الاثنان من الموتى ، وربما يوضع بينهم صبي ، وربما حفرت الحفرة الواحدة فتوسع حتى يوضع فيها جماعة ، ومات من 
أصبهان  نحو مائتي ألف إنسان . 
ووقع فيها حريق 
بعمان  احترق فيه من 
السودان  ألف ، ومن البيضان خلق كثير ، وكان من جملة ما احترق فيه أربعمائة حمل كافور . 
وعزل الخليفة أحمد بن كيغلغ  عن نيابة الشام  وأضاف ذلك إلى 
ابن طغج  نائب الديار المصرية . 
وفيها ولد 
عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة بن بويه  بأصبهان    .