[ ص: 204 ] ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة 
في هذه السنة المباركة في ذي القعدة منها 
رد الحجر الأسود المكي إلى مكانه ، وكانت القرامطة  قد أخذوه في سنة سبع عشرة وثلاثمائة كما تقدم ، وكان ملكهم إذ ذاك 
أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسن الجنابي  ، ولما وقع ذلك ، أعظم المسلمون ذلك جدا ، وقد بذل لهم الأمير 
بجكم التركي  خمسين ألف دينار ; ليردوه إلى موضعه ، فلم يقبلوا ، وقالوا : نحن أخذناه بأمر ، ولا نرده إلا بأمر من أخذناه بأمره . 
فلما كان في هذا العام حملوه إلى 
الكوفة  وعلقوه على الأسطوانة السابعة من جامعها ; ليراه الناس ، وكتب إخوة 
أبي طاهر  كتابا فيه : إنا أخذنا هذا الحجر بأمر ، وقد رددناه بأمر من أمرنا بأخذه ; ليتم حج الناس ومناسكهم . ثم أرسلوه إلى 
مكة  بغير شيء على قعود ، فوصل في ذي القعدة من هذه السنة ، ولله الحمد والمنة . وكان مدة مقامه عندهم ثنتين وعشرين سنة ، ففرح المسلمون بذلك فرحا شديدا . 
وقد ذكر غير واحد أن 
القرامطة  حين أخذوه حملوه على عدة جمال ،   
[ ص: 205 ] فعطبت تحته ، واعترى أسنمتها العقر ، ولما ردوه حمله قعود واحد لم يصبه بأس ، ولله الحمد والمنة . 
وفيها دخل 
 nindex.php?page=showalam&ids=16077سيف الدولة بن حمدان  بجيش كثيف نحو من ثلاثين ألفا إلى بلاد 
الروم  ، فوغل فيها ، وفتح حصونا ، وقتل خلقا ، وأسر أمما ، وغنم شيئا كثيرا ثم رجع فأخذت 
الروم  عليه الدرب الذي يخرج منه ، فقتلوا عامة من معه ، وأسروا بقيتهم ، واستردوا ما كان أخذه لهم ، ونجا 
سيف الدولة  في نفر يسير من أصحابه ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . 
وفيها مات الوزير 
أبو جعفر الصيمري  ، فاستوزر 
معز الدولة  مكانه 
أبا محمد الحسن بن محمد المهلبي  في جمادى الأولى ، فاستفحل أمر 
 nindex.php?page=showalam&ids=16690عمران بن شاهين الصياد  ، وتفاقم الحال به ، وبعث إليه 
معز الدولة  جيشا بعد جيش ، يهزمهم مرة بعد مرة ، ثم عدل 
معز الدولة  إلى مصالحته ، واستعماله له على بعض تلك النواحي .