صفحة جزء
وممن توفي فيها من الأعيان :

غلام ثعلب محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم أبو عمر

الزاهد غلام ثعلب روى عن الكديمي وموسى بن سهل الوشاء وغيرهما ، وروى عنه جماعة ، وآخر من حدث عنه أبو علي بن شاذان .

وكان كثير العلم والزهد ، حافظا مطبقا ، يملي من حفظه شيئا كثيرا ، ضابطا لما يحفظه .

ولكثرة إغرابه اتهمه بعضهم ورماه بالكذب ، وقد اتفق له مع القاضي أبي عمر - وكان يؤدب ولده - أنه أملى من حفظه ثلاثين مسألة بشواهدها وأدلتها [ ص: 228 ] من لغة العرب ، واستشهد على بعضها ببيتين غريبين جدا ، فعرضها القاضي أبو عمر على ابن دريد وابن الأنباري وابن مقسم ، فلم يعرفوا منها شيئا ، حتى قال ابن دريد هذا ما وضعه أبو عمر من عنده . فلما جاء أبو عمر ذكر له القاضي ما قاله ابن دريد عنه ، فطلب أبو عمر من القاضي أن يحضر له من كتبه دواوين العرب . فلم يزل يأتيه بشاهد لما ذكره بعد شاهد ، حتى خرج من الثلاثين مسألة ، ثم قال : وأما البيتان فإن ثعلبا أنشدناهما وأنت حاضر ، فكتبتهما في دفترك . فطلب القاضي دفتره ، فإذا هما فيه ، فلما بلغ ذلك ابن دريد كف لسانه عن أبي عمر الزاهد ، فلم يذكره حتى مات .

وتوفي أبو عمر هذا يوم الأحد ، ودفن يوم الاثنين الثالث عشر من ذي القعدة ، ودفن في الصفة المقابلة لقبر معروف الكرخي ببغداد ، رحمه الله .

محمد بن علي بن أحمد بن رستم أبو بكر المادرائي الكاتب

كان مولده في سنة سبع وخمسين ومائتين بالعراق ، ثم صار إلى مصر هو وأخوه أحمد مع أبيهما ، وكان على الخراج لخمارويه بن أحمد بن طولون ثم صار هذا الرجل من رؤساء الناس وأكابرهم ، وقد سمع الحديث من أحمد بن عبد الجبار وطبقته .

[ ص: 229 ] وقد روى الخطيب عنه أنه قال : كان ببابي شيخ كبير من الكتاب قد بطل عن وظيفته ، فرأيت والدي في المنام وهو يقول : يا بني ، أما تتقي الله ؟ أنت مشغول بلذاتك ، والناس ببابك يهلكون من العري والجوع ، هذا فلان قد تقطع سراويله ولا يقدر على إبداله ، فلا تهمل أمره . فاستيقظت مذعورا ، وأنا ناو له الإحسان ، فنمت ثم استيقظت وقد أنسيت المنام ، فبينا أنا أسير إلى دار الملك ، إذا بذلك الشيخ على دابة ضعيفة ، فلما رآني أراد أن يترجل فبدا لي فخذه ، وقد لبس الخف بلا سراويل ، فلما رأيته ذكرت المنام . فاستدعى به عند ذلك ، وأطلق له ألف دينار وثيابا ، ورتب له على وظيفته مائتي دينار كل شهر ، ووعده بخير في الآجل أيضا .

أحمد بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب

الشريف الحسني الرسي - قبيلة من الأشراف - أبو القاسم المصري الشاعر ، كان نقيب الطالبيين بمصر .

ومن شعره قوله :


قالت لطيف خيال زارني ومضى بالله صفه ولا تنقص ولا تزد     فقال أبصرته لو مات من ظمأ
وقلت قف لا ترد للماء لم يرد      [ ص: 230 ] قالت صدقت وفاء الحب عادته
يا برد ذاك الذي قالت على كبدي

قال ابن خلكان : توفي ليلة الثلاثاء لخمس بقين من شعبان من هذه السنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية