صفحة جزء
وممن توفي فيها من الأعيان :

عبد الله بن بكر بن محمد بن الحسين ، أبو أحمد الطبراني

سمع ببغداد ومكة وغيرهما من البلاد ، وكان مكثرا ، سمع منه الدارقطني وعبد الغني بن سعيد ، ثم أقام بالشام بالقرب من جبل عند بانياس يعبد الله تعالى إلى أن مات في ربيع الأول من هذه السنة .

محمد بن أحمد بن علي بن الحسين ، أبو مسلم

كاتب الوزير ابن حنزابة ، روى عن البغوي وابن صاعد وابن دريد وابن أبي داود وابن عرفة وابن مجاهد وغيرهم . وكان آخر من بقي من أصحاب البغوي ، وكان من أهل العلم والحديث والمعرفة والفهم ، وقد تكلم بعضهم في روايته عن البغوي ; لأن أصوله كان غالبها مفسودا . وذكر الصوري أنه خلط في آخر عمره ، والله أعلم .

أبو الحسن علي بن أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد [ ص: 527 ] الأعلى الصدفي المصري

صاحب كتاب " الزيج الحاكمي " في أربع مجلدات ، كان أبوه من أكابر المحدثين من الحفاظ ، وقد أرخ لمصر تاريخا نافعا يرجع إليه العلماء ، وأما هذا فاشتغل بعلم النجوم ، فنال من شأنه منالا جيدا ، وكان شديد الاعتناء بعلم الرصد ، وكان مع هذا مغفلا ، سيئ الحال ، رث الثياب ، طويلا يتعمم على طرطور طويل ويتطيلس فوقه ، ويركب حمارا ، فمن رآه ضحك منه ، وكان يدخل على الحاكم فيكرمه ، ويذكر من تغفله ما يدل على عدم اعتنائه بأمر نفسه ، وكان شاهدا معدلا ، وله شعر جيد ، فمنه ما ذكره ابن خلكان :

أحمل نشر الريح عند هبوبه رسالة مشتاق لوجه حبيبه     بنفسي من تحيا النفوس بقربه
ومن طابت الدنيا به وبطيبه     وجدد وجدي طائف منه في الكرى
سرى موهنا في خفية من رقيبه     لعمري لقد عطلت كأسي بعده
وغيبتها عني لطول مغيبه

تمني أم أمير المؤمنين القادر بالله

مولاة عبد الواحد بن المقتدر ، كانت من العابدات الصالحات ، ومن أهل الفضل والدين ، توفيت ليلة الخميس الثاني والعشرين من شعبان من هذه السنة ، وصلى عليها ابنها القادر ، وحملت بعد العشاء إلى الرصافة .

[ ص: 528 ] سنة أربعمائة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام

في ربيع الآخر منها نقصت دجلة نقصا كثيرا ، حتى ظهرت جزائر لم تكن تعرف ، وامتنع سير السفن في أماكنها من أوانا والراشدية فأمر بكري تلك الأماكن ولم تكر قبل ذلك .

وفيها كمل السور على المشهد بالحائر ، وكان الذي بناه أبو محمد الحسن بن الفضل بن سهلان على نذر نذره حين زاره .

وفي رمضان أرجف الناس بالخليفة القادر بالله فجلس للناس يوم جمعة بعد الصلاة ، وعليه البردة ، وبيده القضيب ، وجاء الشيخ أبو حامد الإسفراييني فقبل الأرض بين يديه ، وقرأ لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا [ الأحزاب : 60 ، 61 ] فتباكى الناس ، ودعوا ، وانصرفوا .

[ ص: 529 ] وفي هذه السنة ورد الخبر بأن الحاكم أنفذ إلى دار جعفر بن محمد الصادق بالمدينة ، فأخذ منها مصحفا وآلات كانت بها ، وهذه الدار لم تفتح بعد موت صاحبها إلى هذه المدة ، وكان مع المصحف قعب خشب مطوق بحديد ودرقة خيزران وحربة وسرير ، حمل ذلك كله جماعة من العلويين إلى الديار المصرية ، فأطلق لهم أنعاما كثيرة ونفقات زائدة ، ورد السرير ، وأخذ الباقي ، وقال : أنا أحق به ، فردوا وهم ذامون له داعون عليه .

وبنى الحاكم في هذه السنة دار العلم ، وأجلس فيها الفقهاء ، ثم بعد ثلاث سنين هدمها ، وقتل خلقا كثيرا ممن كان فيها من الفقهاء والمحدثين وأهل الخير والديانة . وعمر الجامع المنسوب إليه بالديار المصرية ، وهو جامع الحاكم ، وتأنق في بنائه في هذه السنة . وفي ذي الحجة منها أعيد المؤيد هشام بن الحكم بن عبد الرحمن الأموي إلى ملكه بعد خلعه وحبسه مدة طويلة .

وكانت الخطبة بالحرمين في هذه السنة للحاكم العبيدي صاحب مصر والشام .

التالي السابق


الخدمات العلمية