صفحة جزء
وممن توفي فيها من الأعيان :

ابن البواب الكاتب ، علي بن هلال ، أبو الحسن بن البواب

صاحب الخط المنسوب ، صحب أبا الحسين بن سمعون الواعظ ، وكان يقص بجامع المدينة وقد أثنى على ابن البواب غير واحد في دينه ، وأما خطه وطريقته فأشهر من أن ينبه عليه ، وخطه أوضح تعريبا من خط أبي علي بن مقلة ، ولم يكن بعده أكتب منه ، وعلى طريقته الناس اليوم في سائر الأقاليم إلا القليل .

قال ابن الجوزي : توفي يوم السبت ثاني جمادى الآخرة من هذه السنة ، ودفن بمقبرة باب حرب ، وقد رثاه بعضهم بأبيات منها :


فللقلوب التي أبهجتها حزن وللعيون التي أقررتها سهر      [ ص: 595 ] فما لعيش وقد ودعته أرج
وما لليل وقد فارقته سحر

قال ابن خلكان : ويقال له : ابن الستري . لأن أباه كان ملازما لستر الباب ، ويقال له : ابن البواب وكان قد أخذ الخط عن أبي عبد الله محمد بن أسد بن علي بن سعيد البزار ، وقد سمع ابن أسد هذا على النجاد وغيره ، وتوفي في سنة عشر وأربعمائة ، وأما ابن البواب فإنه توفي في جمادى الأولى من هذه السنة ، وقيل : في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة . وقد رثاه بعضهم فقال :


استشعر الكتاب فقدك سالفا     وقضت بصحة ذلك الأيام
فلذاك سودت الدوي كآبة     أسفا عليك وشقت الأقلام

ثم ذكر ابن خلكان أول من كتب بالعربية ، فقيل : إسماعيل عليه السلام . وقيل : أول من كتب بالعربية من قريش حرب بن أمية بن عبد شمس ، أخذها من بلاد الحيرة عن رجل يقال له : أسلم بن سدرة . وسئل عمن اقتبسها ؟ فقال : من واضعها ; رجل يقال له : مرامر بن مرة ، وهو رجل من أهل الأنبار . فأصل الكتابة في العرب من الأنبار . وقال الهيثم بن عدي : وقد كان لحمير كتابة يسمونها المسند ، وهي حروف متصلة غير منفصلة ، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها ، وجميع كتابات الناس تنتهي إلى اثني عشر صنفا ; وهي العربية ، والحميرية ، واليونانية ، والفارسية ، والسريانية ، والعبرانية ، والرومية ، والقبطية ، والبربرية ، والهندية ، والأندلسية ، والصينية . وقد اندرس كثير منها ، فقل من يعرف كثيرا منها .

[ ص: 596 ] علي بن عيسى بن سليمان بن محمد بن أبان ، أبو الحسن الفارسي

المعروف بالسكري
، الشاعر ، وكان يحفظ القرآن ، ويعرف القراءات ، وصحب القاضي أبا بكر الباقلاني ، وأكثر شعره في مديح الصحابة وذم الرافضة . وكانت وفاته في شعبان من هذه السنة ، ودفن بالقرب من قبر معروف الكرخي وقد أوصى أن يكتب على قبره هذه الأبيات التي عملها ، وهي قوله :


نفس يا نفس كم تمادين في الغي     وتأتين في الفعال المعيب
راقبي الله واحذري موقف العر     ض وخافي يوم الحساب العصيب
لا تغرنك السلامة في العي     ش فإن السليم رهن الخطوب
كل حي فللمنون ولا يد     فع كأس المنون كيد الأريب
واعلمي أن للمنية وقتا     سوف يأتي عجلان غير هيوب
إن حب الصديق في موقف الحش     ر أمان للخائف المطلوب

محمد بن أحمد بن محمد بن منصور ، أبو جعفر ، البيع

ويعرف بالعتيقي
، ولد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ، وأقام بطرسوس مدة ، وسمع بها وبغيرها ، وحدث بشيء يسير ، رحمه الله تعالى .

[ ص: 597 ] محمد بن محمد بن النعمان ، أبو عبد الله ، المعروف بابن المعلم

شيخ الإمامية الرافضة ، والمصنف لهم ، والمحامي عن حوزتهم ، كانت له وجاهة عند ملوك الأطراف ، لميل كثير منهم إلى التشيع ، وكان مجلسه يحضره كثير من العلماء من سائر الطوائف ، وكان من جملة تلاميذه الشريف المرتضى وقد رثاه بقصيدة بعد وفاته في رمضان من هذه السنة ، منها قوله :


من لفضل أخرجت منه حساما     ومعان فضضت عنها ختاما
من يثير العقول من بعد ما     كن همودا ويفتح الأفهاما
من يعير الصديق رأيا إذا ما     سله في الخطوب كان حساما

التالي السابق


الخدمات العلمية