صفحة جزء
[ ص: 12 ] ثم دخلت سنة تسع وخمسين وأربعمائة فيها بنى أبو سعيد المستوفي الملقب بشرف الملك ، مشهد الإمام أبي حنيفة النعمان ببغداد ، وعقد عليه قبة ، وعمل بإزائه مدرسة ، وأنزلها المدرس والفقهاء ، فدخل أبو جعفر ابن البياضي زائرا لأبي حنيفة فأنشد ارتجالا :


ألم تر أن العلم كان مضيعا فجمعه هذا المغيب في اللحد     كذلك كانت هذه الأرض ميتة
فأنشرها جود العميد أبي السعد

وفي شعبان هبت ريح حارة فمات بسببها خلق كثير ودواب ببغداد ، وأتلفت شجرا كثيرا من الليمون والأترج .

وفيها احترق قبر معروف الكرخي وكان سببه أن القيم طبخ له ماء الشعير لمرضه فتعدت النار إلى الأخشاب فاحترق المشهد بكماله .

وفيها وقع غلاء وفناء بدمشق وحلب وحران وخراسان بكمالها ووقع الفناء في الدواب ; كانت تنتفخ رءوسها وأعينها حتى كان الناس يأخذون حمر الوحش بالأيدي ولكن يأنفون من أكلها .

قال ابن الجوزي في المنتظم : وفي يوم السبت عاشر ذي القعدة جمع العميد أبو سعد القاضي الناس ليحضروا الدرس بالنظامية ببغداد ، وعين [ ص: 13 ] لتدريسها ومشيختها الشيخ أبا إسحاق الشيرازي ، فلما تكامل اجتماع الناس ، وجاء أبو إسحاق ليدرس ، لقيه فقيه شاب ، فقال : يا سيدي تذهب تدرس في مكان مغصوب؟ فامتنع من الحضور ورجع إلى بيته فأقيم الشيخ أبو نصر بن الصباغ فدرس ، فلما بلغ نظام الملك ذلك تغيظ على العميد وأرسل إلى الشيخ أبي إسحاق فرده إلى التدريس بالنظامية في ذي الحجة من هذه السنة ، وكان لا يصلي فيها مكتوبة ، بل يخرج إلى بعض المساجد فيؤدي المكتوبة ; لما ذكر من كونها في بعض أرضها غصب ، وقد كانت مدة تدريس ابن الصباغ عشرين يوما ، ثم عاد الشيخ أبو إسحاق إليها .

وفي ذي القعدة من هذه السنة قتل الصليحي أمير اليمن وصاحب مكة قتله بعض أمراء اليمن وخطب للقائم بأمر الله العباسي .

وحج بالناس في هذه السنة أبو الغنائم النقيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية