[ ص: 21 ] ثم دخلت سنة اثنتين وستين وأربعمائة 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي    : فمن الحوادث فيها : أنه كان على ثلاث ساعات في يوم الثلاثاء الحادي عشر من جمادى الأولى وهو الثامن عشر من آذار كانت 
زلزلة عظيمة بالرملة  وأعمالها فذهب أكثرها وانهدم سورها ، وعم ذلك 
بيت المقدس  وتنيس  وانخسفت 
أيلة  وانجفل البحر حتى انكشفت أرضه ومشى ناس فيه ثم عاد ، وتغيرت إحدى زوايا جامع 
مصر ،  وتبعت هذه الزلزلة في ساعتها زلزلتان أخريان . 
وفيها 
توجه ملك الروم  من قسطنطينية  إلى الشام  في ثلاثمائة ألف فنزل على منبج ، وأحرق القرى ما بين منبج إلى أرض 
الروم ،  وقتل رجالهم وسبى نساءهم ، وفزع المسلمون 
بحلب  وغيرها منه فزعا عظيما ، فأقام ستة عشر يوما ثم رده الله خاسئا ، وذلك لقلة ما معهم من الميرة وهلاك أكثر جيشه بالجوع ولله الحمد والمنة . 
وفيها ضاقت يد أمير 
مكة  فأخذ الذهب من أستار الكعبة والميزاب وباب الكعبة ، فضرب ذلك دراهم ودنانير وكذلك فعل صاحب 
المدينة  بالقناديل   
[ ص: 22 ] التي في المسجد النبوي على ساكنه أفضل الصلاة والسلام . 
وفي هذه السنة كان 
غلاء شديد وقحط عظيم بديار مصر ،  بحيث أنهم أكلوا الجيف والميتات والكلاب ، فكان يباع الكلب بخمسة دنانير ، وماتت الفيلة فأكلت ، وأفنيت الدواب فلم يبق لصاحب 
مصر  سوى ثلاثة أفراس ; بعد العدد الكثير منها ، ونزل الوزير يوما عن بغلته فغفل الغلام عنها لضعفه من الجوع ، فأخذها ثلاثة نفر فذبحوها وأكلوها ، فأخذوا فصلبوا فأصبحوا ، فإذا عظامهم بادية ; قد أكل الناس لحومهم . وظهر على رجل يقتل الصبيان والنساء ويدفن رءوسهم وأطرافهم ويبيع لحومهم فقتل . وكانت الأعراب يقدمون بالطعام يبيعونه في ظاهر البلد ، لا يتجاسرون يدخلون ; لئلا يخطف وينهب منهم ، وكان لا يجسر أحد أن يدفن ميته نهارا ، وإنما يدفنه ليلا خفية ; لئلا ينبش فيؤكل . واحتاج صاحب 
مصر  حتى باع أشياء من نفائس ما عنده ; من ذلك أحد عشر ألف درع وعشرون ألف سيف محلى ، وثمانون ألف قطعة بلور كبار ، وخمسة وسبعون ألف قطعة من الديباج القديم ، وبيعت ثياب النساء والرجال وسجف المهود بأرخص الأثمان ، وكذلك الأملاك وغيرها ، وقد كان بعض هذه النفائس الخليفية مما نهب من 
بغداد  في أيام البساسيري . 
وفيها وردت الخدم والتحف والهدايا من الملك 
ألب أرسلان  إلى الخليفة القائم بأمر الله . وفيها ضرب اسم ولي العهد على الدنانير والدراهم وسمي الأميري ، ومنع التعامل بغيرها . 
وفيها ورد كتاب صاحب 
مكة  إلى الملك 
ألب أرسلان  وهو 
بخراسان  يخبره   
[ ص: 23 ] بإقامة الخطبة 
بمكة  للقائم بأمر الله وللسلطان 
بمكة ،  وقطع الخطبة 
للمصريين ،  فأرسل إليه بثلاثين ألف دينار وخلعة سنية ، وأجرى له في كل سنة عشرة آلاف دينار . 
وفيها تزوج عميد الدولة 
ابن جهير  بابنة 
نظام الملك بالري ،  ثم عاد إلى 
بغداد    . 
وحج بالناس 
أبو الغنائم العلوي    .