[ ص: 146 ] ثم دخلت سنة ثمان وثمانين وأربعمائة 
فيها ورد 
يوسف بن أبق التركماني  من جهة 
تاج الدولة أبي سعيد تتش بن ألب أرسلان  صاحب 
دمشق ،  إلى 
بغداد  لأجل إقامة الدعوة له 
ببغداد ،  وكان تتش قد توجه لقتال ابن أخيه بناحية 
الري  ، فلما دخل رسوله 
بغداد  هابوه وخافوه ، واستدعاه الخليفة فقربه ، وقبل الأرض بين يدي الخليفة ، وتأهب أهل 
بغداد  له وخافوا أن ينهبهم فبينما هو كذلك ، إذ قدم عليه أخوه فأخبره أن 
تتش  قتل في أول من قتل في الوقعة ، وكانت وفاته في سابع عشر صفر من هذه السنة ، فاستفحل أمر 
بركياروق  واستقل بالأمور ، وكان 
دقاق بن تتش  مع أبيه حين قتل ، فسار إلى 
دمشق  فتسلمها من الأمير 
ساوتكين  الذي استنابه أبوه ، واستوزر 
أبا القاسم الخوارزمي ،  وملك 
عبد الله بن تتش  مدينة 
حلب  ودبر أمر مملكته 
جناح الدولة الحسين بن أيتكين   nindex.php?page=showalam&ids=15894ورضوان بن تتش  صاحب مدينة 
حلب  وإليه تنسب 
بنو رضوان  بها ، وفي يوم الجمعة التاسع عشر من   
[ ص: 147 ] ربيع الأول منها خطب لولي العهد 
أبي المنصور الفضل بن المستظهر  ولقب 
بذخيرة الدين    . 
وفي ربيع الآخر خرج الوزير 
ابن جهير  فاختط سورا على الحريم وأذن للعوام في العمل والتفرج ، فأظهروا منكرات كثيرة وسخافات عقول ضعيفة وعملوا أشياء منكرة ، فبعث إليه 
ابن عقيل  رقعة فيها كلام غليظ وإنكار بغيض 
وفي رمضان خرج السلطان 
بركياروق  فعدا عليه فداوي فلم يتمكن منه ، فمسك فعوقب فأقر على آخرين فلم يقرا فقتل الثلاثة ، وجاء الطواشي من جهة الخليفة مهنئا له بالسلامة 
وفي ذي القعدة منها 
خرج  nindex.php?page=showalam&ids=14847أبو حامد الغزالي  من بغداد  متوجها إلى بيت المقدس  تاركا لتدريس النظامية ، زاهدا في الدنيا لابسا خشن الثياب بعد ناعمها ، وناب عنه أخوه في التدريس ، وعاد في السنة الثالثة من خروجه ثم حج ثم رجع إلى بلده ، وقد صنف كتاب الإحياء في هذه المدة وكان يجتمع إليه الخلق الكثير كل يوم في 
الرباط  فيسمعونه . 
وفي يوم عرفة خلع على القاضي 
أبي الفرج عبد الرحمن بن هبة الله بن البستي  ولقب بشرف القضاة ، ورد إلى ولاية القضاء بالحريم وغيره 
وفي هذه السنة اصطلح أهل 
الكرخ  من السنة والرافضة مع بقية   
[ ص: 148 ] المحال وتزاوروا وتواكلوا وتشاربوا ، وكان هذا من العجائب ، وفيها قتل 
أحمد خان  صاحب 
سمرقند ،  وسببه أنه شهد عليه بالزندقة فخنق وولي مكانه ابن عمه 
مسعود  
وفيها دخل الأتراك 
إفريقية  وغدروا 
بيحيى بن تميم بن المعز بن باديس ،  وقبضوا عليه وملكوا بلاده وقتلوا خلقا ، بعدما جرت بينهم وبينه حروب شديدة وكان مقدمهم رجل يقال له : 
شاه ملك  وكان من أولاد بعض أمراء المشرق ، فقدم 
مصر  وخدم بها ثم هرب إلى 
المغرب  ففعل ما ذكرنا ، ولم يحج أحد من أهل 
العراق  في هذه السنة .