صفحة جزء
[ ص: 256 ] ثم دخلت سنة ست عشرة وخمسمائة

في المحرم منها رجع السلطان طغرل إلى طاعة أخيه محمود ، بعدما كان قد خرج عنها
، وأخذ بلاد أذربيجان .

وفيها أقطع السلطان محمود مدينة واسط لآق سنقر مضافا إلى الموصل فسير إليها عماد الدين زنكي بن آق سنقر فوليها وأحسن السيرة بها ، وأبان عن حزم وكفاية .

وفي صفر منها قتل وزير السلطان محمود أبو طالب السميرمي ، قتله باطني ، وكان قد برز للمسير إلى همذان ، وكانت قد خرجت زوجته في مائة جارية بمراكب الذهب ، فلما بلغهن قتله رجعن حافيات حاسرات قد هن بعد العز . واستوزر السلطان بعده شمس الملك عثمان بن نظام الملك

وفيها اتقع آق سنقر البرسقي ودبيس بن صدقة فهزمه دبيس ، وقتل خلقا من جيشه ، فاستوثق السلطان منصور بن صدقة أخا دبيس وولده ، ورفعهما إلى قلعة ، فعند ذلك آذى دبيس تلك الناحية ونهب البلاد ، وجز شعره ولبس السواد ، ونهب أموال الخليفة أيضا من البلاد ، فنودي في بغداد للخروج لقتاله ، [ ص: 257 ] وبرز الخليفة في الجيش وعليه قباء أسود وطرحة ، وعلى كتفيه البردة ، وبيده القضيب ، وفي وسطه منطقة حرير صيني ، ومعه وزيره نظام الدين أحمد بن نظام الملك ونقيب النقباء علي بن طراد الزينبي وشيخ الشيوخ صدر الدين بن إسماعيل ، وتلقاه آق سنقر البرسقي ومعه الجيش ، فقبلوا الأرض ورتب البرسقي الجيش ، ووقف القراء بين يدي الخليفة ، وأقبل دبيس وبين يديه الإماء يضربن بالدفوف ، والمخانيث بالملاهي ، والتقى الفريقان ، وقد شهر الخليفة سيفه ، وكبر واقترب من المعركة ، فحمل عنبر بن أبي العسكر على ميمنة الخليفة فكسرها ، وقتل أميرا ، ثم حمل مرة ثانية فكشفهم كالأولى فحمل عليه عماد الدين زنكي بن آق سنقر ، فأسر عنبر وأسر معه بديل بن زائدة فانهزم عسكر دبيس ، وألقوا أنفسهم في الماء ، فغرق كثير منهم ، فأمر الخليفة بضرب أعناق الأسارى صبرا بين يديه ، وحصلت نساء دبيس وسراريه في السبي ، وعاد الخليفة إلى بغداد فدخلها في يوم عاشوراء من السنة الآتية ، وكان يوما مشهودا ، وكانت غيبته ستة عشر يوما ، وأما دبيس فإنه نجا بنفسه وقصد غزية فصحبهم إلى البصرة فدخلها ونهبها وقتل أميرها ، ثم خاف من البرسقي فخرج عنها ، وسار إلى البرية والتحق بالفرنج وحضر معهم حصار ، حلب ، ثم فارقهم والتحق بالملك طغرل أخي السلطان محمود .

وفيها ملك السلطان حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق قلعة [ ص: 258 ] ماردين بعد وفاة أبيه ، وملك أخوه سليمان ميافارقين . وفيها ظهر معدن نحاس بديار بكر قريبا من قلعة ذي القرنين . وفيها دخل جماعة من الوعاظ بغداد فوعظوا بها ، وحصل لهم قبول تام من العوام .

وحج بالناس نظر الخادم .

التالي السابق


الخدمات العلمية