صفحة جزء
[ ص: 295 ] ثم دخلت سنة سبع وعشرين وخمسمائة

في صفر منها دخل السلطان مسعود إلى بغداد ، فخطب له على منابرها
، وخلع عليه الخليفة وولاه السلطنة ، ولما ذكر على المنابر نثرت الدنانير والذهب على الناس ، وخلع على الملك داود بن محمود . وفيها جمع دبيس جمعا كثيرا بواسط وانضم إليه جماعة ، فأرسل إليه السلطان جيشا فكسروه وفرقوا شمله ، ثم إن الخليفة عزم على الخروج إلى الموصل ، ليأخذها من يد زنكي ، فخرج في جيش كثيف وخلق من الأمراء والأكابر والوزراء ، فلما اقترب منها بعث إليه عماد الدين زنكي يعرض عليه من الأموال الجزيلة والتحف شيئا كثيرا ؛ ليرجع عنه فلم يقبل ، ثم بلغه أن السلطان مسعودا قد اصطلح مع دبيس ، وخلع عليه فكر راجعا سريعا إلى بغداد سالما معظما .

وفيها مات ابن الزاغوني أحد أئمة الحنابلة ، فطلب حلقته ابن الجوزي - وكان شابا - فحصلت لغيره ، ولكن أذن له الوزير أنوشروان في الوعظ ، فتكلم في هذه السنة على الناس بأماكن متعددة من بغداد ، وكثرت مجالسه وازدحم عليه الناس .

وفيها ملك شمس الملوك إسماعيل صاحب دمشق مدينة حماة ، وكانت بيد زنكي ، وفي ذي الحجة نهب التركمان مدينة طرابلس فخرج إليهم القومص [ ص: 296 ] - لعنه الله - فهزموه وقتلوا خلقا من أصحابه ، وحاصروه بها مدة طويلة حتى طال الحصار فانصرفوا .

وفيها ولي مكة قاسم بن أبي فليتة بعد أبيه . وفيها قتل شمس الملوك أخاه سونج . وفيها اشترى الباطنية حصن القدموس بالشام فسكنوه ، وحاربوا من جاورهم من المسلمين والفرنج ، وفيها اقتتلت الفرنج فيما بينهم قتالا شديدا ، فمحق الله منهم خلقا كثيرا ، وغزاهم فيها أيضا عماد الدين زنكي فقتل منهم ألف قتيل ، وغنم أموالا جزيلة ، ويقال لها : غزاة أسوار .

وحج بالناس فيها نظر الخادم ، وكذا في التي قبلها وبعدها .

التالي السابق


الخدمات العلمية