صفحة جزء
[ ص: 368 ] ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وخمسمائة

فيها وقعت الحرب بين السلطان سنجر وبين الأتراك ببلاد بلخ فقتلوا من جيشه خلقا كثيرا جدا ; بحيث بقيت القتلى مثل التلال العظيمة ، وأسروا السلطان سنجر ، وقتلوا من كان معه من الأمراء صبرا ، ولما استحضروه قبلوا الأرض بين يديه ، وقالوا : نحن عبيدك ، وكانوا عدة من الأمراء الكبار ، فأقام عندهم شهرين ثم جاءوا معه ، فدخلوا مرو وهي كرسي مملكة خراسان فسأله بعضهم أن يجعلها له إقطاعا ، فقال : هذا لا يمكن ; هذه كرسي المملكة . فضحكوا منه وأضرط به بعضهم ، فنزل عن سرير المملكة ، ودخل خانقاه ، وصار فقيرا من جملة أهلها ، وتاب عن الملك ، واستحوذ أولئك الأتراك على البلاد فنهبوها ، وتركوها قاعا صفصفا ، وأقاموا سليمان شاه ملكا ، فلم تطل مدته حتى عزلوه ، وولوا ابن أخت سنجر الخاقان محمود بن محمد بن كوخان ، وتفرقت الأمور واستحوذ كل إنسان على ناحية من تلك الممالك ، وصارت الدولة دولا .

وفيها كانت حروب كثيرة بين عبد المؤمن وبين العرب ببلاد المغرب . وفيها أخذت الفرنج مدينة عسقلان من السواحل . وفيها خرج الخليفة إلى واسط في جحفل فأصلح شأنها وعاد إلى بغداد . وحج بالناس فيها قايماز الأرجواني .

[ ص: 369 ] وفيها كانت وفاة الشاعرين القرينين المشبهين في الزمان الأخير بالفرزدق وجرير ، وهما

أبو الحسن أحمد بن منير الجوني بحلب

وأبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني الحلبي بدمشق ، رحمهما الله

وعلي بن السلار الملقب بالعادل ، وزير الظافر صاحب مصر ، وهو باني المدرسة بالإسكندرية للشافعية ; للحافظ أبي طاهر السلفي ، رحمه الله ، وقد كان العادل هذا ضد اسمه ; كان ظلوما غشوما حطوما ، وقد ترجمه ابن خلكان

التالي السابق


الخدمات العلمية