صفحة جزء
[ ص: 265 ] فصل

وذكر البيهقي هاهنا دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على قريش ، حين استعصت عليه ، بسبع كسبع يوسف ، وأورد ما أخرجاه في " الصحيحين " من طريق الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن ابن مسعود قال : خمس مضين ; اللزام ، والروم ، والدخان ، والبطشة ، والقمر . وفي رواية عن ابن مسعود قال : إن قريشا لما استعصت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبطؤوا عن الإسلام ، قال : " اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف " . قال : فأصابتهم سنة حتى فحصت كل شيء ، حتى أكلوا الجيف والميتة ، وحتى إن أحدهم كان يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع ، ثم دعا فكشف الله عنهم . ثم قرأ عبد الله هذه الآية : إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون [ الدخان : 15 ] . قال : فعادوا فكفروا فأخروا إلى يوم القيامة ، أو قال : فأخروا إلى يوم بدر . قال أبو عبد الله : إن ذلك لو كان [ ص: 266 ] يوم القيامة ، كان لا يكشف عنهم : يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون [ الدخان : 16 ] قال : يوم بدر . وفي رواية عنه ، قال : لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الناس إدبارا ، قال : " اللهم سبعا كسبع يوسف " . فأخذتهم سنة ، حتى أكلوا الميتة والجلود والعظام ، فجاءه أبو سفيان وناس من أهل مكة ، فقالوا : يا محمد ، إنك تزعم أنك بعثت رحمة ، وإن قومك قد هلكوا ، فادع الله لهم . فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسقوا الغيث ، فأطبقت عليهم سبعا ، فشكا الناس كثرة المطر ، فقال : " اللهم حوالينا ولا علينا " . فانحدرت السحابة عن رأسه ، فسقي الناس حولهم . قال : لقد مضت آية الدخان ، وهو الجوع الذي أصابهم ، وذلك قوله : إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون وآية الروم ، والبطشة الكبرى ، وانشقاق القمر ، وذلك كله يوم بدر . قال البيهقي : يريد ، والله أعلم ، البطشة الكبرى ، والدخان ، وآية اللزام ، كلها حصلت ببدر . قال : وقد أشار البخاري إلى هذه الرواية . ثم أورد من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة عن ابن [ ص: 267 ] عباس : قال جاء أبو سفيان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستغيث من الجوع ; لأنهم لم يجدوا شيئا حتى أكلوا العهن بالدم ، فأنزل الله تعالى : ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون [ المؤمنون : 76 ] قال : فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى فرج الله عنهم . ثم قال الحافظ البيهقي : وقد روي في قصة أبي سفيان ما دل على أن ذلك بعد الهجرة ، ولعله كان مرتين . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية