[ ص: 744 ] ثم دخلت 
سنة ثنتين وستمائة 
فيها وقعت حرب عظيمة بين الملك 
شهاب الدين محمد بن سام الغوري ،  صاحب 
غزنة  وبين 
بني كوكر  أصحاب 
الجبل الجودي ،  وكانوا قد ارتدوا عن الإسلام ، فقاتلهم وكسرهم ، وغنم منهم شيئا كثيرا لا يحد ولا يوصف ، فاتبعه بعضهم حتى قتله غيلة في ليلة مستهل شعبان منها بعد العشاء ، رحمه الله ، وكان من أجود الملوك سيرة وأعقلهم وأثبتهم في الحرب ، تغمده الله برحمته ، ولما قتل كان في صحبته 
فخر الدين الرازي  وكان يجلس للوعظ فيحضر الملك وعظه ، ويبكي حين يقول له في آخر مجلسه : يا سلطان ، سلطانك لا يبقى ، ولا تلبيس 
الرازي  أيضا ، وإن مردنا جميعا إلى الله ، وحين قتل السلطان اتهمه الخاصكية بقتله ، فخاف من ذلك والتجأ إلى الوزير 
مؤيد الملك بن خواجا ،  فسيره إلى حيث يأمن ، وتملك 
غزنة  بعده أحد مماليكه 
تاج الدين الدز ،  وجرت بعد ذلك خطوب يطول بسطها ، قد استقصاها 
 nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير  وابن الساعي .  
وفيها أغارت 
الكرج  على بلاد المسلمين ، فوصلوا إلى 
خلاط  فقتلوا وسبوا ،   
[ ص: 745 ] وقاتلهم المقاتلة والعامة ، وفيها سار صاحب 
إربل  مظفر الدين كوكبوري  وصحبه صاحب 
مراغة  لقتال ملك 
أذربيجان  وهو 
أبو بكر بن البهلوان ;  وذلك لنكوله عن قتال 
الكرج ،  وإقباله على السكر ليلا ونهارا ، فلم يقدروا عليه ، ثم إنه تزوج في هذه السنة بنت ملك 
الكرج ،  فانكف شرهم عنه ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير    : وكان كما يقال : أغمد سيفه وسل أيره . 
وفيها استوزر الخليفة 
نصير الدين ناصر بن مهدي العلوي الحسني ،  وخلع عليه بالوزارة وضربت الطبول بين يديه وعلى بابه في أوقات الصلوات . وفيها أغار صاحب بلاد 
الأرمن  وهو 
ابن لاون  على بلاد 
حلب  فقتل وسبى ونهب ، فخرج إليه الملك 
الظاهر غازي بن الناصر ،  فهرب 
ابن لاون  بين يديه ، فهدم 
الظاهر  قلعة كان قد بناها ، ودكها إلى الأرض . 
وفي شعبان منها هدمت القنطرة الرومانية التي كانت عند الباب الشرقي ونشرت حجارتها ليبلط بها 
الجامع الأموي  بسفارة الوزير 
صفي الدين بن شكر ،  وزير 
العادل ،  وكمل تبليطه في سنة أربع وستمائة .