وممن توفي فيها من الأعيان   : 
شرف الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي ، جمال الإسلام   [ ص: 746 ] الشهرزوري  بمدينة 
حمص  وقد كان أخرج إليها من 
دمشق  ، وكان قبل ذلك مدرسا 
بالأمينية  والحلقة بالجامع تجاه 
البرادة ،  وكان لديه علم جيد بالمذهب والخلاف . 
التقي عيسى بن يوسف بن أحمد العراقي الغرافي الضرير . 
 مدرس 
الأمينية  أيضا ، كان يسكن المنارة الغربية ، وكان عنده شاب يخدمه ويقود به ، فعدم للشيخ دراهم فاتهم هذا الشاب بها ، فلم يثبت له عنده شيء ، واتهم به الشيخ ، ولم يكن يظن الناس أن عنده من المال شيء فضاع المال ، واتهم عرضه فأصبح يوم الجمعة السابع من ذي القعدة مشنوقا ببيته بالمئذنة الغربية ، فامتنع الناس من الصلاة عليه ; لكونه قتل نفسه ، فتقدم الشيخ 
 nindex.php?page=showalam&ids=13360فخر الدين عبد الرحمن بن عساكر  فصلى عليه ، فائتم به بعض الناس . قال 
أبو شامة :  وإنما حمله على ما فعله ذهاب ماله والوقوع في عرضه . قال : وقد جرى لي أخت هذه القضية فعصمني الله سبحانه بفضله . قال : وقد درس بعده في 
الأمينية  الجمال المصري  وكيل بيت المال . 
أبو الغنائم الركبسلار البغدادي  
كان يخدم مع 
عز الدين نجاح   [ ص: 747 ] الشرابي ،  وحصل أموالا جزيلة ، كان كلما تهيأ له مال اشترى به ملكا ، وكتبه باسم صاحب له يعتمد عليه ، فلما حضرته الوفاة أوصى ذلك الرجل أن يتولى أولاده ، وينفق عليهم من ميراثه مما تركه لهم ، فمرض الموصى إليه بعد قليل ، فاستدعى الشهود ; ليشهدهم على نفسه أن ما في يده لورثة 
أبي الغنائم  فتمادى ورثته في إحضار الشهود ، وطولوا عليه ، وأخذته سكتة ، فمات فاستولى ورثته على تلك الأموال والأملاك ، ولم يعطوا أولئك شيئا مما تركه أبوهم لهم . 
أبو الحسن علي بن علي بن سعادة الفارقي  
تفقه 
ببغداد ،  وأعاد 
بالنظامية  وناب في تدريسها ، واستقل بتدريس المدرسة التي أنشأتها أم الخليفة وأريد على نيابة القضاء عن 
أبي طالب علي بن علي البخاري ،  فامتنع ، فألزم به فباشره قليلا ، ثم دخل يوما إلى مسجد فلبس على رأسه مئزر صوف ، وأمر الوكلاء والجلاوذة أن ينصرفوا عنه ، وأشهد على نفسه بعزلها عن نيابة القضاء ، واستمر على الإعادة والتدريس ؛ رحمه الله . 
وفي يوم الجمعة العشرين من ربيع الأول توفيت : 
الخاتون 
أم السلطان الملك المعظم عيسى بن العادل ،  فدفنت بالقبة 
بالمدرسة المعظمية  بسفح 
قاسيون    .  
[ ص: 748 ] الأمير 
مجير الدين طاشتكين المستنجدي 
 أمير الحاج وزعيم بلاد 
خوزستان  ، كان شيخا خيرا حسن السيرة كثير العبادة ، غاليا في التشيع ، توفي 
بتستر  ثاني جمادى الآخرة من سنة ثنتين وستمائة ، وحمل تابوته إلى 
الكوفة  فدفن بمشهد 
علي ،  بوصية منه ، هكذا ترجمه 
ابن الساعي  في " تاريخه " ، وذكر 
أبو شامة  في " الذيل " أنه 
طاشتكين بن عبد الله المقتفوي  أمير الحاج حج بالناس ستا وعشرين سنة ، وكان يكون في 
الحجاز  كأنه ملك ، وقد رماه الوزير 
ابن يونس  بأنه يكاتب 
صلاح الدين  فحبسه الخليفة ، ثم تبين له بطلان ما ذكر عنه فأطلقه ، وأعطاه 
خوزستان  ثم أعاده إلى إمرة الحج ، وكانت الحلة السيفية إقطاعه ، وكان شجاعا جوادا سمحا ، قليل الكلام ، يمضي عليه الأسبوع لا يتكلم فيه بكلمة ، وكان فيه حلم واحتمال ، استغاث به رجل على بعض نوابه فلم يرد عليه ، فقال له المستغيث : أحمار أنت ؟ فقال : لا . وفيه يقول 
ابن التعاويذي    : 
وأمير على البلاد مولى لا يجيب الشاكي بغير السكوت     كلما زاد رفعة حطنا الل 
ه بتغفيله إلى البهموت 
 [ ص: 749 ] وقد سرق فراشه حياصة له ، فأرادوا أن يستقروا الفراش عليها ، وكان قد رآه الأمير 
طاشتكين  وهو يأخذها ، فقال : لا تعاقبوا أحدا ، فإنه أخذها من لا يردها ، ورآه من لا ينم عليه . وقد كان بلغ من العمر تسعين سنة ، واتفق أنه استأجر أرضا مدة ثلاثمائة سنة للوقف ، فقال فيه بعض المضحكين : هذا لا يوقن بالموت ; عمره تسعون سنة واستأجر أرضا ثلاثمائة سنة . فاستضحك القوم .