[ ص: 15 ] ثم دخلت 
سنة سبع وستمائة 
ذكر الشيخ 
شهاب الدين  في " الذيل " أن في هذه السنة تمالأت ملوك 
الجزيرة;  صاحب 
الموصل  وصاحب 
سنجار ،  وصاحب 
إربل ،  ومعهم ابن أخيه 
الظاهر  صاحب 
حلب  وملك 
الروم  أيضا ، على 
مخالفة العادل  ومنابذته ومقاتلته واصطلام الملك من يده ، وأن تكون الخطبة للملك 
 nindex.php?page=showalam&ids=16155كيخسرو بن قليج أرسلان  صاحب الروم ، وأرسلوا إلى 
الكرج  ليقدموا لحصار 
خلاط  وأخذها من يد الملك 
الأوحد بن العادل ،  ووعدهم النصر والمعاونة عليه . قلت : وهذا بغي وعدوان ينهى الله عنه ، فأقبلت الكرج بملكهم إيواني ، فحاصروا 
خلاط  ، فضاق بهم 
الأوحد  ذرعا ، وقال : هذا يوم عصيب . فقدر الله تعالى أن في يوم الاثنين تاسع عشر ربيع الآخر اشتد حصارهم للبلد ، وأقبل ملكهم إيواني وهو راكب على جواده وهو سكران ، فسقط به جواده في بعض الحفر التي قد أعدت مكيدة حول البلد ، فبادر إليه رجال البلد ، فأخذوه أسيرا حقيرا ، فأسقط في أيدي 
الكرج ،  فلما أوقف بين يدي الأوحد أطلقه ومن عليه ، وأكرمه وأحسن إليه ، وفاداه على مائتي ألف دينار وألفي   
[ ص: 16 ] أسير من المسلمين ، وتسليم إحدى وعشرين قلعة متاخمة لبلاد الأوحد ، وأن يزوج ابنته من أخيه الملك 
الأشرف موسى ،  وأن يكون عونا له على من يحاربه ، فأجابه إلى ذلك كله ، فأخذت الأيمان منه بذلك ، وبعث 
الأوحد  إلى أبيه يستأذنه في ذلك كله ، 
والعادل  نازل بظاهر 
حران  في أشد حيرة مما قد دهمه من الأمر الفظيع ، فبينما هو كذلك إذ أتاه هذا الأمر الهائل والتدبير من عزيز حكيم ، لم يكن في باله ولا حسابه ، فكاد يذهل فرحا وسرورا ، وأجاز جميع ما فعله ولده ، وطارت الأخبار بما وقع بين الملوك ، فخضعوا وذلوا عند ذلك ، وأرسل كل منهم يعتذر مما نسب إليه ، ويحيل على غيره ، فقبل منهم اعتذاراتهم ، وصالحهم صلحا أكيدا ، واستقبل الملك عقدا جديدا . ووفى ملك 
الكرج  للأوحد  بجميع ما شرطه عليه ، وتزوج الأشرف ابنته . ومن غريب ما ذكره الشيخ 
أبو شامة  في هذه الكائنة أن قسيس الملك كان حزاء ينظر في النجوم ، فقال للملك قبل ذلك بيوم : اعلم أنك تدخل غدا إلى قلعة 
خلاط  ولكن بزي غير زيك أذان العصر . فوافق دخوله إليها أسيرا وقت أذان العصر .