صفحة جزء
[ ص: 249 ] توفي فيها من الأعيان :

صاحب حمص

الملك المجاهد أسد الدين شيركوه بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شادي ،
ولاه إياها الملك الناصر صلاح الدين بعد موت أبيه سنة إحدى وثمانين وخمسمائة ، فمكث فيها سبعا وخمسين سنة ، وكان من أحسن الملوك سيرة ، طهر بلاده من الخمور والمكوس والمنكرات ، وهي في غاية الأمن والعدل ، لا يتجاسر أحد من الفرنج ولا العرب يدخل بلاده إلا أهانه غاية الإهانة ، وكانت ملوك بني أيوب يتقونه; لأنه كان يرى أنه أحق بالأمر منهم; لأن جده هو الذي فتح مصر ، وأول من ملك منهم ، وكانت وفاته - رحمه الله - بحمص ، وعمل عزاؤه بجامع دمشق ، عفا الله عنه بمنه .

القاضي الخويي شمس الدين أحمد بن خليل ، بن سعادة بن جعفر الخويي ، قاضي القضاة بدمشق يومئذ ، وكان عالما بفنون كثيرة من الأصول والفروع وغير ذلك ، وكانت وفاته يوم السبت بعد الظهر ، السابع من شعبان ، وله خمس وخمسون سنة ، بالمدرسة العادلية ، وكان حسن الأخلاق ، جميل المعاشرة ، وكان يقول : لا أقدر على إيصال المناصب ، إلى مستحقيها . له [ ص: 250 ] مصنفات ، منها عروض . قال فيه أبو شامة :


أحمد بن الخليل أرشده الل ه لما أرشد الخليل بن أحمد     ذاك مستخرج العروض وهذا
مظهر السر منه والعود أحمد

وقد ولي القضاء بعد رفيع الدين عبد العزيز بن عبد الواحد بن إسماعيل بن عبد الهادي الجيلي مع تدريس العادلية ، وكان قاضيا ببعلبك ، فأحضره إلى دمشق الوزير أمين الدين الذي كان سامريا فأسلم ، وزر للصالح إسماعيل ، واتفق هو وهذا القاضي على أكل أموال الناس بالباطل . قال أبو شامة : ظهر منه سوء سيرة وعسف وفسق وجور ومصادرة في الأموال .

قلت : وقد ذكر غيره عنه أنه ربما حضر يوم الجمعة في المشهد الكمالي بالشباك وهو سكران بالخمر ، وأن قناني الخمر كانت تكون على بركة العادلية يوم السبت ، وكان يعتمد في التركات اعتمادا سيئا جدا ، وقد عامله الله تعالى بنقيض مقصوده ، وأهلكه الله على يدي من كان سبب سعادته ، كما سيأتي بيانه قريبا إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية