وممن 
توفي في هذه السنة من الأعيان والمشاهير : 
الملك المعظم تورانشاه بن الصالح أيوب بن الكامل بن العادل  
كان   
[ ص: 311 ] أولا صاحب 
حصن كيفا  في حياة أبيه ، وكان أبوه يستدعيه إليه في أيامه فلا يجيبه ، فلما توفي أبوه كما ذكرنا استدعاه الأمراء ، فأجابهم وجاء إليهم فملكوه عليهم ، ثم قتلوه كما ذكرنا ، وذلك يوم الاثنين السابع والعشرين من المحرم ، وقد قيل : إنه كان متخلعا لا يصلح للملك . وقد رئي أبوه في المنام بعد قتل ابنه ، وهو يقول : 
قتلوه شر قتله صار للعالم مثله     لم يراعوا فيه إلا 
لا ولا من كان قبله     ستراهم عن قريب 
لأقل الناس أكله 
وكان ما ذكرنا من اقتتال المصريين والشامين . 
وممن عدم فيما بين الصفين من أعيان الأمراء والمسلمين ، فمنهم الشمس لؤلؤ مدبر ممالك الحلبيين ، وكان من خيار عباد الله الصالحين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر . 
واقفة الحافظية : 
وفيها كانت وفاة 
الخاتون أرغون الحافظية ،  سميت الحافظية لخدمتها وتربيتها 
الحافظ  صاحب 
قلعة جعبر  ، وكانت امرأة عاقلة مدبرة ، عمرت دهرا ، ولها أموال جزيلة عظيمة ، وهي التي كانت تصلح الأطعمة للمغيث 
عمر بن الصالح أيوب ،  فصادرها 
الصالح إسماعيل ،  وأخذ   
[ ص: 312 ] منها أربع مائة صندوق من المال ، وقد وقفت دارها 
بدمشق  على خدامها ، واشترت بستان 
النجيب ياقوت  الذي كان خادم الشيخ 
تاج الدين الكندي ،  وجعلت فيه تربة ومسجدا ، ووقفت عليهما أوقافا جيدة ، رحمها الله . 
واقف الأمينية التي 
ببعلبك ،  أمين الدولة 
أبو الحسن غزال المتطبب  
وزير 
الصالح إسماعيل أبي الخيش  الذي كان مشئوما على نفسه وعلى سلطانه ، وسببا في زوال النعمة عنه وعن مخدومه ، وهذا هو وزير السوء ، وقد اتهمه 
السبط  بأنه كان متسترا بالدين ، وأنه لم يكن له في الحقيقة دين ، فأراح الله تعالى منه عامة المسلمين ، وكان قتله في هذه السنة لما عدم 
الصالح إسماعيل  بديار 
مصر;  عمد من عمد من الأمراء إليه وإلى 
ابن يغمور ناصر الدين ،  فشنقوهما وصلبوهما على القلعة 
بمصر    . وقد وجد 
لأمين الدولة  غزال هذا من الأموال والتحف والجواهر والأثاث ما يساوي ثلاثة آلاف ألف دينار ، وعشرة آلاف مجلد بخط منسوب ، وغير ذلك من الخطوط النفيسة الفائقة .