صفحة جزء
[ ص: 318 ] وممن توفي فيها من الأعيان :

عبد العزيز بن علي بن عبد الجبار المغربي أبوه

ولد ببغداد وسمع بها الحديث ، وعني بطلب العلم ، وصنف كتابا في مجلدات على حروف المعجم في الحديث ، وحرر فيه حكاية مذهب الإمام مالك ، رحمه الله تعالى .

الشيخ أبو عبد الله محمد بن غانم بن كريم الأصبهاني

قدم بغداد وكان شابا فاضلا ، فتتلمذ للشيخ شهاب الدين السهروردي ، فانتفع به ، وتكلم بعده على الناس في التصوف ، وفيه لطافة ومن كلامه في الوعظ : العالم كالذرة في فضاء عظمته ، والذرة كالعالم في كتاب حكمته ، الأصول فروع إذا تجلى جمال أوليته ، والفروع أصول إذا طلعت من مغرب نفي الوسائط شمس آخريته ، أستار الليل مسدولة ، وشموع الكواكب مشعولة ، وأعين الرقباء عن المشتاقين مشغولة ، وحجاب الحجب عن أبواب الوصل معزولة ، ما هذه الوقفة والحبيب قد فتح الباب؟! ما هذه الفترة والمولى قد صرف حاجب الحجاب؟!


وقوفي بأكناف العقيق عقوق إذا لم أرد والدمع فيه عقيق     وإذا لم أمت شوقا إلى ساكن الحمى
فما أنا فيما أدعيه صدوق     أيا ربع ليلى ما المحبون في الهوى
سواء ولا كل الشراب رحيق      [ ص: 319 ] ولا كل من يلقاك يلقاك قلبه
ولا كل من يحنو إليك مشوق     تكاثرت الدعوى على الحب فاستوى
أسير صبابات الهوى وطليق

أيها الآمنون ، هل فيكم من يصعد إلى السماء؟ أيها المحبوسون في مطامير مسمياتهم ، هل فيكم سليمان الفهم لفهم رموز الوحوش والأطيار؟ هل فيكم موسوي الشوق يقول بلسان شوقه : أرني أنظر إليك فقد طال الانتظار؟! .

وقال بعد الاستسقاء : لما صعدت إلى الله عز وجل نفس المشتاق ، بكت آماق الآفاق ، وجادت بالدر مرضعة السحاب ، فامتص لبن الرحمة رضيع التراب ، وخرج من أخلاف الغمام نطاف الماء النمير ، فاهتزت به الهامدة وقرت عيون الغدير ، وتزينت الرياض بالسندس الأخضر ، فحبر الصبغ حبرها أحسن تحبير ، وانفلق بأنملة الصبا أكمام الأنوار ، وانشقت بنفحات أنفاسه جيوب الأزهار ، ونطقت أجزاء الكائنات بلغات صفاتها ، وعادات عبرها : أيها النائمون تيقظوا ، أيها المستعدون تعرضوا : فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير [ الروم : 50 ] .

أبو الفتح نصر الله بن هبة الله بن عبد الباقي بن هبة الله بن الحسين بن يحيى بن بصاقة الغفاري الكناني المصري

ثم الدمشقي ،
كان من أخصاء [ ص: 320 ] الملك المعظم وولده الناصر داود ، وقد سافر معه إلى بغداد في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة ، وكان أديبا مليح المحاضرة ، ومن شعره :


ولما أبيتم سادتي عن زيارتي     وعوضتموني بالبعاد عن القرب
ولم تسمحوا بالوصل في حال يقظتي     ولم يصطبر عنكم لرقته قلبي
نصبت لصيد الطيف جفني حبالة     فأدركت خفض العيش بالنوم والنصب

التالي السابق


الخدمات العلمية