صفحة جزء
[ ص: 612 ] ثم دخلت سنة سبع وثمانين وستمائة

فيها قدم الشجاعي من مصر إلى الشام بنية المصادرة لأرباب الأموال من أهل الشام .

وفي أواخر ربيع الآخر قدم الشيخ ناصر الدين عبد الرحمن المقدسي من القاهرة على وكالة بيت المال ونظر الأوقاف ونظر الخاص ، ومعه تقاليد وخلع ، فتردد الناس إلى بابه ، وتكلم في الأمور ، وآذى كثيرا من الناس ، وكانت ولايته بسفارة الأمير علم الدين الشجاعي المتكلم في الديار المصرية ، توسل إليه بالشيخ شمس الدين الأيكي وبابن الوجيه الكاتب ، وكانا عنده لهما صورة ، وقد طلب جماعة من أعيان الدماشقة في أول هذه السنة إلى الديار المصرية ، فطولبوا بأموال كثيرة ، فدافع بعضهم بعضا ، وهذا مما يخفف عقوبته من ظلمهم ، وإلا فلو صبروا لعوجل الظالم بالعقوبة ، ولزال عنهم ما يكرهون سريعا . ولما قدم ابن المقدسي إلى دمشق كان يحكم بتربة أم الصالح والناس يترددون إليه ويخافون شره ، وقد استجد باشورة بباب الفراديس ومساطب باب الساعات للشهود ، وجدد باب الجابية الشمالي ورفعه وكان متواطئا ، وأصلح الجسر الذي تحته ، [ ص: 613 ] وكذلك أصلح جسر باب الفراديس تحت السويقة التي جددها عليه من الجانبين . وهذا من أحسن ما عمله ابن المقدسي ، وقد كان مع ذلك كثير الأذية للناس ظلوما غشوما ، ويفتح على الناس أبوابا من الظلم لا حاجة إليها .

وفي عاشر جمادى الأولى قدم من الديار المصرية أيضا قاضي القضاة حسام الدين الحنفي والصاحب تقي الدين توبة التكريتي ، وقاضي القضاة جمال الدين محمد بن سليمان الزواوي المالكي على قضاء المالكية بعد شغوره عن حاكم بدمشق ثلاث سنين ونصف ، فأقام شعار المنصب ، ودرس ونشر المذهب ، وكان له سؤدد ورياسة .

وفي ليلة الجمعة رابع شعبان توفي الملك الصالح علاء الدين بن الملك المنصور قلاوون بالدوسنطارية ، فوجد عليه أبوه وجدا شديدا ، وقد كان عهد إليه بالأمر من بعده ، وخطب له على المنابر من مدة سنين ، فدفنه في تربته ، وجعل ولاية العهد من بعده إلى ابنه الأشرف خليل ، وكتب بذلك إلى الآفاق ، ولما جاءت البريدية في شوال بولاية الأشرف خليل من بعد أبيه ، خطب له على المنابر من بعد ذكر أبيه يوم الجمعة ، ودقت البشائر وزينت البلد سبعة أيام ، ولبس الجيش الخلع وركبوا ، وأظهر الناس سرورا لشهامته .

وفي رمضان باشر حسبة دمشق شمس الدين بن السلعوس عوضا عن شرف الدين بن الشيرجي .

[ ص: 614 ] وفيه توجه الشيخ بدر الدين بن جماعة إلى خطابة القدس بعد موت خطيبه قطب الدين ، فباشر بعده تدريس القيمرية علاء الدين أحمد بن القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز أخو قاضي مصر ، ثم بعد ثلاث سنين أخذ ابن جماعة قضاء الديار المصرية عوضا عن ابن بنت الأعز .

وفي شهر رمضان كبس نصراني وعنده مسلمة ، وهما يشربان الخمر في نهار رمضان ، فأمر نائب السلطنة حسام الدين لاجين بتحريق النصراني ، فبذل في نفسه أموالا جزيلة ، فلم يقبل منه ، وأحرق بسوق الخيل ، وعمل الشهاب محمود في ذلك أبياتا في قصيدة مليحة .

التالي السابق


الخدمات العلمية