صفحة جزء
وممن توفي فيها من الأعيان : الشيخ عيسى ابن الشيخ سيف الدين الرجيحي بن سابق ابن الشيخ يونس القنيي ، ودفن بزاويتهم التي بالشرف الشمالي بدمشق ، غربي الوراقة والعزية ، يوم الثلاثاء سابع المحرم .

[ ص: 59 ] الملك الأوحد تقي الدين شاذي بن الملك الزاهر مجير الدين داود بن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شاذي ، توفي بجبل الجرد في آخر نهار الأربعاء ثاني صفر ، وله من العمر سبع وخمسون سنة ، فنقل إلى تربتهم بالسفح ، وكان من خيار الدولة ، معظما عند الملوك والأمراء ، وكان يحفظ القرآن ، وله معرفة بعلوم ، ولديه فضائل .

الصدر علاء الدين علي بن معالي الأنصاري الحراني الحاسب ، يعرف بابن الوزير ، وكان فاضلا بارعا في صناعة الحساب ، انتفع به جماعة توفي في أواخر هذه السنة فجأة ، ودفن بقاسيون ، وقد أخذت الحساب عن الحاضري عن علاء الدين الطيوري ، عنه .

الخطيب شرف الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري ، الشيخ الإمام العلامة ، أخو العلامة شيخ الشافعية تاج الدين عبد الرحمن ، ولد سنة ثلاثين ، وسمع الحديث الكثير ، وانتفع على المشايخ في ذلك العصر ، كابن الصلاح ، والسخاوي ، وغيرهما ، وتفقه ، وأفتى ، وناظر ، [ ص: 60 ] وبرع ، وساد أقرانه ، وكان أستاذا في العربية ، واللغة ، والقراءات ، وإيراد الأحاديث النبوية ، أكثر الترداد إلى المشايخ للقراءة عليهم ، وكان فصيح العبارة ، حلو المحاضرة ، لا تمل مجالسته ، وقد درس بالطيبة ، وبالرباط الناصري مدة ، ثم تحول عنه إلى خطابة جامع جراح ، ثم انتقل إلى خطابة جامع دمشق بعد الفارقي في سنة ثلاث ، ولم يزل به حتى توفي يوم الأربعاء عشية التاسع من شوال ، عن خمس وسبعين سنة ، وصلي عليه صبيحة يوم الخميس على باب الخطابة ، ودفن عند أبيه وأخيه بباب الصغير ، رحمهم الله ، وولي الخطابة ابن أخيه .

شيخنا العلامة برهان الدين الحافظ الكبير الدمياطي ، وهو الشيخ الإمام ، العالم الحافظ ، شيخ المحدثين ، شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف بن الخضر بن موسى الدمياطي ، حامل لواء هذا الفن - أعني صناعة الحديث وعلم اللغة - في زمانه ، مع كبر السن والقدر ، وعلو الإسناد ، وكثرة الرواية ، وجودة الدراية ، وحسن التصنيف ، وانتشار التواليف ، وتردد الطلبة إليه من سائر الآفاق ، مولده في آخر سنة ثلاث عشرة وستمائة ، وقد كان أول سماعه في سنة ثنتين وثلاثين بالإسكندرية ، سمع الكثير على المشايخ ، ورحل ، وطاف ، وحصل ، وجمع فأوعى ، ولكن ما منع ولا بخل ، [ ص: 61 ] بل بذل ، ونشر العلم ، وولي المناصب بالديار المصرية ، وانتفع الناس به كثيرا ، وجمع معجما لمشايخه الذين لقيهم بالحجاز ، وبالشام ، والجزيرة ، والعراق ، وديار مصر ، يزيدون على ألف وثلاثمائة شيخ ، وهو مجلدان ، وله " الأربعون المتباينة الإسناد " ، وغيرها ، وله كتاب في الصلاة الوسطى مفيد جدا ، ومصنف في صيام ستة أيام من شوال ، أفاد فيه وأجاد ، وجمع ما لم يسبق إليه ، وله كتاب " الذكر والتسبيح عقيب الصلوات " ، وكتاب " التسلي والاغتباط بثواب من تقدم من الأفراط " ، وغير ذلك من الفوائد الحسان ، ولم يزل في إسماع الحديث إلى أن أدركته وفاته وهو صائم في مجلس الإملاء ، غشي عليه ، فحمل إلى منزله ، فمات من ساعته يوم الأحد خامس عشر ذي القعدة بالقاهرة ، ودفن من الغد بمقابر باب النصر ، وكانت جنازته حافلة جدا ، رحمه الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية