صفحة جزء
[ ص: 343 ] ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة .

استهلت وحكام البلاد هم هم . وفي أولها فتحت القيسارية التي كانت مسبك الفولاذ جوا باب الصغير ، حولها تنكز قيسارية ببركة .

وفي يوم الأربعاء ذكر الدرس بالأمينية والظاهرية علاء الدين بن القلانسي عوضا عن أخيه جمال الدين ، وذكر ابن أخيه أمين الدين محمد بن جمال الدين الدرس بالعصرونية ، تركها له عمه ، وحضر عندهما جماعة من الأعيان .

وفي تاسع المحرم جاء إلى حمص سيل عظيم غرق بسببه خلق كثير وجم غفير ، وهلك للناس أشياء كثيرة ، وممن مات فيه نحو مائتي امرأة بحمام النائب ، كن مجتمعات على عروس أو عروسين فهلكن جميعا .

وفي صفر أمر تنكز ببياض الجدران المقابلة لسوق الخيل إلى باب الفراديس ، وأمر بتجديد خان الظاهر ، فغرم عليه نحوا من سبعين ألفا . وفي هذا الشهر وصل تابوت لاجين الصغير من البيرة ، فدفن بتربته خارج باب شرقي .

[ ص: 344 ] وفي تاسع ربيع الآخر حضر الدرس بالقيمازية عماد الدين الطرسوسي الحنفي ، عوضا عن الشيخ رضي الدين المنطيقي ، توفي ، وحضر عنده القضاة والأعيان .

وفي أول ربيع الآخر خلع على الملك الأفضل علي ابن الملك المؤيد صاحب حماة ، وولاه السلطان الملك الناصر مكان أبيه بحكم وفاته ، وركب بمصر بالعصائب ، والشبابة والغاشية أمامه . وفي نصف هذا الشهر سافر الشيخ شمس الدين الأصفهاني شارح " المختصر " ، ومدرس الرواحية إلى الديار المصرية على خيل البريد ، وفارق دمشق وأهلها ، واستوطن القاهرة .

وفي يوم الجمعة تاسع جمادى الأولى خطب بالجامع الذي أنشأه الأمير سيف الدين ألملك ، واستقر فيه خطيبا - نور الدين علي بن شبيب الحنبلي . وفيه أرسل السلطان جماعة من الأمراء إلى الصعيد ، فأحاطوا على نحو من ستمائة رجل ممن كان يقطع الطريق ، فأتلف بعضهم .

وفي جمادى الآخرة تولى شد الدواوين بدمشق نور الدين بن الخشاب عوضا عن الطرقشي .

وفي يوم الأربعاء حادي عشر رجب خلع على قاضي القضاة علاء الدين ابن الشيخ زين الدين بن المنجا بقضاء الحنابلة ، عوضا عن شرف الدين بن الحافظ ، وقرئ تقليده بالجامع ، وحضره القضاة والأعيان ، وفي اليوم الثاني استناب برهان الدين الزرعي .

[ ص: 345 ] وفي رجب باشر شمس الدين موسى بن التاج أبي إسحاق نظر الجيوش بمصر ، عوضا عن فخر الدين كاتب المماليك ، توفي ، وباشر النشو مكانه في نظر الخاص ، وخلع عليه بطرحة ، فلما كان في شعبان عزل هو وأخوه العلم ناظر الدواوين ، وصودرا ، وضربا ضربا شديدا ، وتولى نظر الجيش المكين بن قروينة ، ونظر الدواوين أخوه شمس الدين بن قروينة .

وفي شعبان كان عرس آنوك - ويقال : اسمه محمد - ابن السلطان الملك الناصر على بنت الأمير سيف الدين بكتمر الساقي ، وكان جهازها بألف ألف دينار ، وذبح في هذا العرس من الأغنام ، والدجاج ، والإوز ، والخيل ، والبقر وغير ذلك نحو من عشرين ألفا ، وعملت حلوى بنحو ثمانية عشر ألف قنطار ، وحمل له من الشمع ثلاثة آلاف قنطار ، قاله الشيخ أبو بكر الرحبي ، وكان هذا العرس ليلة الجمعة حادي عشر شعبان .

وفي شعبان هذا حول القاضي محيي الدين بن فضل الله من كتابة السر بمصر إلى كتابة السر بالشام ، ونقل شرف بن شمس الدين بن الشهاب محمود إلى كتابة السر بمصر . وأقيمت الجمعة بالشامية البرانية في خامس عشرين شعبان ، وحضرها القضاة والأمراء ، وخطب بها الشيخ زين الدين [ ص: 346 ] عبد النور المغربي ، وذلك بإشارة الأمير حسام الدين البشمقدار الحاجب بالشام ، ثم خطب عنه كمال الدين بن الزكي . وفيه أمر نائب السلطنة بتبييض البيوت من سوق الخيل إلى ميدان الحصا ، ففعل ذلك .

وفيه زادت الفرات زيادة عظيمة لم يسمع بمثلها ، واستمرت نحوا من اثني عشر يوما ، فأتلفت بالرحبة أموالا كثيرة ، وكسرت الجسر الذي عند دير بشر ، وغلت الأسعار هناك ، فشرعوا في إصلاح الجسر ، ثم انكسر مرة ثانية لطيفة .

وفي يوم السبت تاسع شوال خرج الركب الشامي ، وأميره سيف الدين أوران ، وقاضيه جمال الدين بن الشريشي ، وهو قاضي حمص الآن ، وحج السلطان في هذه السنة وفي صحبته قاضي القضاة القزويني ، وعز الدين بن جماعة ، وموفق الدين الحنبلي ، وسبعون أميرا .

وفي ليلة الخميس حادي عشرين شوال رسم على الصاحب شمس الدين غبريال بالمدرسة النجيبية الجوانية ، وصودر ، وأخذت منه أموال كثيرة ، وأفرج عنه في المحرم من السنة الآتية .

التالي السابق


الخدمات العلمية