صفحة جزء
[ ص: 33 ] غزوة بدر الأولى

قال ابن إسحاق : ثم لم يقم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من العشيرة إلا ليالي قلائل لا تبلغ العشرة ، حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه حتى بلغ واديا يقال له : سفوان . من ناحية بدر ، وهي غزوة بدر الأولى ، وفاته كرز فلم يدركه .

وقال الواقدي : وكان لواؤه مع علي بن أبي طالب

قال ابن هشام والواقدي : وكان قد استخلف على المدينة زيد بن حارثة

قال ابن إسحاق : فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقام جمادى ورجبا وشعبان ، وقد كان بعث بين يدي ذلك سعدا في ثمانية رهط من المهاجرين ، فخرج حتى بلغ الخرار من أرض الحجاز - قال ابن هشام : ذكر بعض أهل العلم أن بعث سعد هذا كان بعد حمزة - ثم رجع ولم يلق كيدا . هكذا ذكره ابن إسحاق مختصرا ، وقد تقدم ذكر الواقدي لهذه البعوث الثلاثة ، أعني بعث حمزة في رمضان ، وبعث عبيدة في شوال ، وبعث سعد في ذي القعدة ، كلها في السنة الأولى . [ ص: 34 ]

وقد قال الإمام أحمد : حدثني عبد المتعالي بن عبد الوهاب ، حدثني يحيى بن سعيد . وقال عبد الله بن الإمام أحمد : وحدثني سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي ، حدثنا أبي ، ثنا المجالد عن زياد بن علاقة ، عن سعد بن أبي وقاص قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، جاءته جهينة فقالوا : إنك قد نزلت بين أظهرنا فأوثق حتى نأتيك وتؤمنا . فأوثق لهم فأسلموا . قال : فبعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب ولا نكون مائة ، وأمرنا أن نغير على حي من بني كنانة إلى جنب جهينة ، فأغرنا عليهم ، وكانوا كثيرا فلجأنا إلى جهينة ، فمنعونا وقالوا ، لم تقاتلون في الشهر الحرام ؟ فقال بعضنا لبعض : ما ترون ؟ فقال بعضنا : نأتي نبي الله صلى الله عليه وسلم فنخبره وقال قوم لا ، بل نقيم هاهنا . وقلت أنا في أناس معي : لا بل نأتي عير قريش فنقتطعها . وكان الفيء إذ ذاك : من أخذ شيئا فهو له . فانطلقنا إلى العير ، وانطلق أصحابنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه الخبر ، فقام غضبان محمر الوجه فقال : أذهبتم من عندي جميعا وجئتم متفرقين ؟ إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة ، لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم ، أصبركم على الجوع والعطش . فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي ، فكان أول أمير في الإسلام . وقد رواه البيهقي في " الدلائل " من حديث يحيى بن أبي زائدة ، عن مجالد به نحوه ، وزاد [ ص: 35 ] بعد قولهم لأصحابه : لم تقاتلون في الشهر الحرام ؟ فقالوا : نقاتل في الشهر الحرام من أخرجنا من البلد الحرام . ثم رواه من حديث أبي أسامة عن مجالد ، عن زياد بن علاقة ، عن قطبة بن مالك ، عن سعد بن أبي وقاص ، فذكر نحوه ، فأدخل بين سعد وزياد قطبة بن مالك ، وهذا أنسب والله أعلم .

وهذا الحديث يقتضي أن أول أمراء السرايا عبد الله بن جحش الأسدي ، وهو خلاف ما ذكره ابن إسحاق ، أن أول الرايات عقدت لعبيدة بن الحارث بن المطلب ، وللواقدي حديث زعم أن أول الرايات عقدت لحمزة بن عبد المطلب والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية