صفحة جزء
[ ص: 10 ] ذكر قتال الهند

قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا البراء ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، قال : حدثني خليلي الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يكون في هذه الأمة بعث إلى السند والهند " . فإن أنا أدركته فاستشهدت فذاك ، وإن أنا - فذكر كلمة - رجعت ، فأنا أبو هريرة المحرر; قد أعتقني من النار . ورواه أحمد أيضا ، عن هشيم ، عن سيار ، عن جبر بن عبيدة ، عن أبي هريرة ، قال : وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الهند ، فإن استشهدت ، كنت من خير الشهداء ، وإن رجعت فأنا أبو هريرة المحرر . ورواه النسائي من حديث هشيم وزيد بن أبي أنيسة ، عن سيار ، عن جبر - ويقال : جبير - عن أبي هريرة ، فذكره . وقد غزا المسلمون الهند في سنة أربع وأربعين ، في إمارة معاوية أيضا ، فجرت هنالك أمور قد ذكرناها مبسوطة فيما تقدم ، وقد غزاها الملك السعيد المحمود محمود بن سبكتكين صاحب غزنة وما والاها ، في حدود أربعمائة ، ففعل هنالك أفعالا مشهورة ، وأمورا مشكورة؟ كسر الصنم الأعظم المسمى بسومنات ، وأخذ قلائده وجواهره وذهبه وشنوفه ، وأخذ من الأموال ما لا [ ص: 11 ] يحصى ، ورجع إلى بلاده سالما مؤيدا منصورا .

وقد كان نواب بني أمية يقاتلون الأتراك ، في أقصى بلاد السند والصين ، وقهروا ملكهم القان الأعظم ، ومزقوا عساكره ، واستحوذوا على أمواله وحواصله ، وقد وردت الأحاديث بذكر صفتهم ونعتهم ، ولنذكر شيئا من ذلك على سبيل الإيجاز : قال البخاري : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، أخبرنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ، وحتى تقاتلوا الترك; صغار الأعين ، حمر الوجوه ، ذلف الأنوف ، كأن وجوههم المجان المطرقة ، وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر ، حتى يدخل فيه ، والناس معادن; خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام ، وليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله " . تفرد به البخاري . ثم قال : حدثنا يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزا وكرمان من الأعاجم ، حمر الوجوه فطس الأنوف ، كأن [ ص: 12 ] وجوههم المجان المطرقة ، نعالهم الشعر " . ورواه أحمد عن عبد الرزاق .

وقال أحمد : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما كأن وجوههم المجان المطرقة ، نعالهم الشعر " ، وأخرجه الجماعة سوى النسائي ، من حديث سفيان بن عيينة به . ورواه البخاري عن علي بن المديني ، عن سفيان بن عيينة . ورواه مسلم أيضا من حديث إسماعيل بن أبي خالد ، كلاهما عن قيس بن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، فذكر نحوه . قال سفيان بن عيينة : وهم أهل البارز . كذا قال سفيان ، ولعله : البازر ، وهو سوق الفسوق الذي لهم .

حديث عمرو بن تغلب : وقال أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا جرير بن حازم ، سمعت الحسن ، حدثنا عمرو بن تغلب ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما نعالهم الشعر " أو : " ينتعلون الشعر " - وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه ، كأن وجوههم المجان المطرقة " . ورواه البخاري من حديث جرير بن حازم .

[ ص: 13 ] وقد روي من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي . قال أحمد : ثنا أبو نعيم ، ثنا بشير بن المهاجر ، حدثني عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول : " إن أمتي يسوقها قوم صغار الأعين ، كأن وجوههم الحجف ، ثلاث مرار " حتى يلحقوهم بجزيرة العرب; أما السياقة الأولى فينجو من هرب منهم ، أما الثانية فينجو بعض ويهلك بعض ، وأما الثالثة فيصطلمون كلهم من بقي منهم " . قالوا : يا رسول الله ، من هم؟ قال : " الترك ، والذي نفسي بيده ليربطن خيولهم بسواري مسجد المسلمين " . قال : فكان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع بعد ذلك للهرب; لما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء في الترك . ورواه أبو داود في كتاب الملاحم من " سننه " عن جعفر بن مسافر ، عن خلاد بن يحيى ، عن بشير بن المهاجر . ورواه أبو يعلى عنه ، به ، وفيه : " قوم صغار العيون ، عراض الوجوه ، كأن وجوههم الحجف ، يلحقون أهل الإسلام بمنابت [ ص: 14 ] الشيح ثلاث مرات; أما المرة الأولى فينجو من هرب ، وأما المرة الثانية فينجو بعض ، وأما الثالثة فيهلكون جميعا ، كأني أنظر إليهم وقد ربطوا خيولهم بسواري المسجد " . قيل : من هم يا رسول الله؟ قال : " هم الترك " .

حديث أبي بكرة الثقفي في ذلك :

قال الإمام أحمد : ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، ثنا الحشرج بن نباتة القيسي الكوفي ، ثنا سعيد بن جمهان ، ثنا عبد الله بن أبي بكرة ، حدثني أبي في هذا المسجد مسجد البصرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لتنزلن طائفة من أمتي أرضا يقال لها : البصرة . فيكثر بها عددهم ونخلهم ، ثم يجيء بنو قنطوراء ، عراض الوجوه ، صغار العيون ، حتى ينزلوا على جسر لهم يقال له : دجلة . فيفترق المسلمون ثلاث فرق؟ فأما فرقة فتأخذ بأذناب الإبل فتلحق بالبادية ، فهلكت ، وأما فرقة فتأخذ على أنفسها ، فكفرت ، فهذه وتلك سواء ، وأما فرقة فيجعلون عيالهم خلف ظهورهم ويقاتلون ، فقتلاهم شهداء ، ويفتح الله على بقيتهم " .

ورواه أبو داود في الملاحم ، عن محمد بن يحيى بن فارس ، عن [ ص: 15 ] عبد الصمد بن عبد الوارث ، عن أبيه ، عن سعيد بن جمهان ، ثنا مسلم بن أبي بكرة ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ينزل أناس من أمتي بغائط يسمونه البصرة عند نهر يقال له : دجلة . يكون عليه جسر ، يكثر أهلها ، وتكون من أمصار المهاجرين - وفي لفظ : المسلمين - فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطوراء عراض الوجوه صغار الأعين ، حتى ينزلوا على شط النهر ، فيتفرق المهاجرون ثلاث فرق ، فرقة تأخذ بأذناب البقر والبرية وهلكوا ، وفرقة يأخذون لأنفسهم وكفروا ، وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم ، ويقاتلونهم ، وهم الشهداء " .

وتقدم حديث أنس في ذكر البصرة ، التي مصرت في زمان عمر بن الخطاب .

وروى مسلم وأبو داود والنسائي ، عن قتيبة ، عن يعقوب الإسكندراني ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله ، قال : " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك ، قوما كأن وجوههم المجان المطرقة ، يلبسون الشعر " . وهذا لفظ أبي داود .

[ ص: 16 ] وقد روي من حديث أبي سعيد ، فقال أحمد ثنا عمار بن محمد ابن أخت سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الأعين ، عراض الوجوه ، كأن أعينهم حدق الجراد ، وكأن وجوههم المجان المطرقة ، ينتعلون الشعر ، ويتخذون الدرق حتى يربطوا خيولهم بالنخل " . تفرد به أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية