صفحة جزء
ملخص سيرة الدجال ، لعنه الله تعالى

هو رجل من بني آدم ، خلقه الله تعالى ، ليكون محنة واختبارا للناس في آخر الزمان ، فيضل به كثيرا ، ويهدي به كثيرا ، وما يضل به إلا الفاسقين .

وقد روى الحافظ أحمد بن علي الأبار ، في " تاريخه " ، من طريق مجالد ، عن الشعبي ، أنه قال : كنية الدجال أبو يوسف . وقد روي عن عمر بن الخطاب وأبي ذر وجابر بن عبد الله ، وغيرهم من الصحابة ، كما تقدم ، أنه ابن صياد .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يمكث أبوا الدجال ثلاثين عاما لا يولد لهما ، ثم يولد لهما غلام أعور أضر شيء ، وأقله نفعا ، تنام عيناه ، ولا ينام قلبه " . ثم نعت أبويه ، فقال : " أبوه رجل طويل ، مضطرب اللحم ، طويل الأنف ، كأن أنفه منقار ، وأمه امرأة [ ص: 204 ] فرضاخية ، عظيمة الثديين " . قال : فبلغنا أن مولودا من اليهود ولد بالمدينة ، فانطلقت أنا والزبير بن العوام ، حتى دخلنا على أبويه ، فرأينا فيهما نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا هو منجدل في الشمس في قطيفة ، له همهمة ، فسألنا أبويه ، فقالا : مكثنا ثلاثين عاما لا يولد لنا ، ثم ولد لنا غلام أعور ، أضر شيء ، وأقله نفعا . فلما خرجنا مررنا به ، فقال : ما كنتما فيه؟ قلنا : وسمعت؟ قال : نعم ، إنه تنام عيناي ، ولا ينام قلبي . فإذا هو ابن صياد . وأخرجه الترمذي من حديث حماد بن سلمة ، وقال : حسن غريب . قلت : بل هو منكر جدا . والله أعلم .

وقد كان ابن صياد من يهود المدينة ، وقيل : كان من الأنصار . واسمه عبد الله ، ويقال : صاف . وقد جاء هذا وهذا ، وقد يكون أصل اسمه صاف ، ثم تسمى لما أسلم بعبد الله ، وكان ابنه عمارة بن عبد الله من سادات التابعين ، روى عنه مالك وغيره ، وقد قدمنا أن الصحيح أن الدجال غير ابن صياد ، وأن ابن صياد كان دجالا من الدجاجلة ، ثم تيب عليه بعد ذلك ، فأظهر الإسلام .

[ ص: 205 ] والله أعلم بضميره وسريرته .

وأما الدجال الأكبر فهو المذكور في حديث فاطمة بنت قيس ، الذي روته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الداري ، وفيه قصة الجساسة ، ثم يؤذن له في الخروج في آخر الزمان ، بعد فتح المسلمين مدينة الروم المسماة بقسطنطينية ، فيكون بدو ظهوره من أصبهان من حارة بها يقال لها : اليهودية . وينصره من أهلها سبعون ألف يهودي ، عليهم الأسلحة والسيجان ، وهى الطيالسة الخضر ، وكذلك ينصره سبعون ألفا من التتار ، وخلق من أهل خراسان ، فيظهر أولا في صورة ملك من الملوك الجبابرة ، ثم يدعي النبوة ، ثم يدعي الربوبية ، فيتبعه على ذلك الجهلة من بني آدم ، والطغام من الرعاع والعوام ، ويخالفه ويرد عليه من هداه الله من عباده الصالحين ، وحزب الله المتقين ، ويتدنى فيأخذ البلاد بلدا بلدا ، وحصنا حصنا ، وإقليما إقليما ، وكورة كورة ، ولا يبقى بلد من البلاد إلا وطئه بخيله ورجله ، غير مكة والمدينة ، ومدة مقامه في الأرض أربعون يوما ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيام الناس هذه ، ومعدل ذلك سنة وشهران ونصف ، وقد خلق الله على يديه خوارق كثيرة ، يضل بها من [ ص: 206 ] يشاء من خلقه ، ويثبت معها المؤمنون ، فيزدادون بها إيمانا مع إيمانهم ، وهدى إلى هداهم ، ويكون نزول عيسى ابن مريم ، عليه الصلاة والسلام ، مسيح الهدى في أيام المسيح الدجال مسيح الضلالة على المنارة الشرقية بدمشق ، فيجتمع عليه المؤمنون ، ويلتفت معه عباد الله المتقون ، فيسير بهم قاصدا نحو الدجال ، وقد توجه نحو بيت المقدس ، فيدركه عند عقبة أفيق ، فينهزم منه الدجال ، فيلحقه عند باب مدينة لد فيقتله بحربته ، وهو داخل إليها ، ويقول له : إن لي فيك ضربة لن تفوتني . وإذا واجهه الدجال انماع كما ينماع الملح في الماء ، فيدركه عند باب لد ، فتكون وفاته هنالك ، لعنه الله ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح من غير وجه ، كما تقدم ، وكما سيأتي .

وقد قال الترمذي : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن ابن شهاب ، أنه سمع عبيد الله بن عبد الله بن ثعلبة الأنصاري يحدث عن عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري من بني عمرو بن عوف يقول : سمعت عمي مجمع بن جارية الأنصاري يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يقتل ابن مريم الدجال بباب لد " .

[ ص: 207 ] وقد رواه أحمد ، عن أبي النضر ، عن الليث ، عن الزهري ، به . وعن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، به . وعن محمد بن مصعب ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، به . وعن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، فهو محفوظ من حديثه ، وإسناده من بعده ثقات ، ولهذا قال الترمذي بعد روايته له : هذا حديث " صحيح . قال : وفي الباب عن عمران بن حصين ، ونافع بن عتبة ، وأبي برزة ، وحذيفة بن أسيد ، وأبي هريرة ، وكيسان ، وعثمان بن أبي العاص ، وجابر ، وأبي أمامة ، وابن مسعود ، وعبد الله بن عمرو ، وسمرة بن جندب ، والنواس بن سمعان ، وعمرو بن عوف ، وحذيفة بن اليمان .

وروى أبو بكر بن أبي شيبة ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، أن عمر سأل يهوديا عن الدجال ، فقال : وإله يهود ليقتلنه ابن مريم بفناء لد .

التالي السابق


الخدمات العلمية