صفحة جزء
رواية أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه : قال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، حدثني النضر بن شميل المازني ، حدثنا أبو نعامة ، حدثنا أبو هنيدة البراء بن نوفل ، عن والان العدوي ، عن حذيفة ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فصلى الغداة ، ثم جلس حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس مكانه حتى صلى الأولى والعصر والمغرب ، كل ذلك لا يتكلم ، حتى صلى العشاء الآخرة ، ثم قام إلى أهله ، فقال الناس لأبي بكر : ألا تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنه ؟ صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط . فسأله ، فقال : " نعم ، عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا وأمر الآخرة ، يجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد ، ففظع الناس بذلك ، حتى انطلقوا إلى آدم والعرق يكاد يلجمهم ، فقالوا : يا آدم ، أنت أبو البشر ، أنت اصطفاك الله ، اشفع لنا إلى ربك . فقال : لقد لقيت مثل [ ص: 219 ] الذي لقيتم ، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم ، إلى نوح ، عليه السلام ، إن الله اصطفى آدم ونوحا . قال : فينطلقون إلى نوح ، عليه السلام ، فيقولون : اشفع لنا إلى ربك ، فأنت اصطفاك الله ، واستجاب لك في دعائك ، ولم يدع على الأرض من الكافرين ديارا . فيقول : ليس ذاكم عندي ، انطلقوا إلى إبراهيم ; فإن الله اتخذه خليلا . فينطلقون إلى إبراهيم ، فيقول : ليس ذاكم عندي ، ولكن انطلقوا إلى موسى ؟ فإن الله كلمه تكليما . فيقول موسى : ليس ذاكم عندي ، ولكن انطلقوا إلى عيسى ابن مريم ؟ فإنه يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى . فيقول عيسى : ليس ذاكم عندي ، ولكن انطلقوا إلى سيد ولد آدم ؛ فإنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ، انطلقوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيشفع لكم إلى ربكم . قال : فينطلقون ، فيأتي جبريل ربه ، فيقول الله تعالى : ائذن له وبشره بالجنة . قال : فينطلق به جبريل ، فيخر ساجدا قدر جمعة ، فيقول الله تعالى : ارفع رأسك ، وقل يسمع ، واشفع تشفع . قال : فيرفع رأسه ، فإذا نظر إلى ربه ، عز وجل ، خر ساجدا قدر جمعة أخرى ، فيقول الله : ارفع رأسك ، وقل يسمع ، واشفع تشفع . قال : فيذهب ليقع ساجدا ، فيأخذ جبريل بضبعيه ، ويفتح عليه من الدعاء بشيء لم يفتحه على بشر قط ، فيقول : أي رب ، خلقتني سيد ولد آدم ولا فخر ، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر ، حتى إنه ليرد علي الحوض أكثر مما بين صنعاء وأيلة . ثم يقال : ادعوا [ ص: 220 ] الأنبياء . قال فيجيء النبي ومعه العصابة ، والنبي ومعه الخمسة والستة ، والنبي وليس معه أحد ، ثم يقال : ادعوا الصديقين . فيشفعون . ثم يقال : ادعوا الشهداء ، فيشفعون لمن أرادوا . قال : فإذا فعلت الشهداء ذلك يقول الله تعالى : أنا أرحم الراحمين ، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بي شيئا . قال : فيدخلون الجنة . ثم يقول الله عز وجل : انظروا في النار هل تلقون من أحد عمل خيرا قط ؟ قال : فيجدون في النار رجلا ، فيقال له : هل عملت خيرا قط ؟ فيقول : لا ، غير أني كنت أسامح الناس في البيع . فيقول الله عز وجل : أسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي . ثم يخرجون من النار رجلا ، فيقال له : هل عملت خيرا قط ؟ فيقول : لا ، غير أني قد أمرت ولدي إذا مت فأحرقوني بالنار ، ثم اطحنوني ، حتى إذا كنت مثل الكحل ، فاذهبوا بي إلى البحر فاذروني في الريح ، فوالله لا يقدر علي رب العالمين أبدا . فقال الله له : لم فعلت ذلك ؟ قال : من مخافتك . قال : فيقول الله ، عز وجل : انظر إلى ملك أعظم ملك ، فإن لك مثله وعشرة أمثاله . قال : فيقول : لم تسخر بي ، وأنت الملك ؟ " . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فذاك الذي ضحكت منه من الضحى " . وقد تكلمنا على هذا الحديث في آخر مسند الصديق رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية