صفحة جزء
[ ص: 221 ] رواية أبي سعيد الخدري : قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثنا عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب ، عن سليمان بن عمرو بن عبد العتواري ، قال أحمد : وهو أبو الهيثم - أحد بني ليث - وكان يتيما في حجر أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت أبا سعيد يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يوضع الصراط بين ظهري جهنم ، عليه حسك كحسك السعدان ، ثم يستجيز الناس ، فناج مسلم ، ومجروح به ، ثم ناج ومحتبس به فمنكوس فيها ، فإذا فرغ الله من القضاء بين العباد يفقد المؤمنون رجالا كانوا معهم في الدنيا ، يصلون بصلاتهم ، ويزكون بزكاتهم ، ويصومون صيامهم ، ويحجون حجهم ، ويغزون غزوهم ، فيقولون : أي ربنا ، عباد من عبادك كانوا معنا في الدنيا ، يصلون صلاتنا ، ويزكون زكاتنا ، ويصومون صيامنا ، ويحجون حجنا ، ويغزون غزونا ، لا نراهم ؟! فيقول : اذهبوا إلى النار ، فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوه . قال : فيجدونهم وقد أخذتهم النار على قدر أعمالهم ، فمنهم من أخذته إلى قدميه ، ومنهم من أخذته إلى نصف ساقيه ومنهم من أخذته إلى ركبته ، ومنهم من أخذته إلى آزرته ، ومنهم من أخذته إلى ثدييه ، ومنهم من أخذته إلى عنقه ، ولم تغش الوجوه ، فيستخرجونهم [ ص: 222 ] منها ، فيطرحونهم في ماء الحياة " . قيل : يا رسول الله ، وما الحياة ؟ قال : " غسل أهل الجنة ، فينبتون نبات الزرعة " . وقال مرة : " كما تنبت الزرعة في غثاء السيل ، ثم يشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا ، فيخرجونهم منها " . قال : " ثم يتحنن الله برحمته على من فيها ، فما يترك فيها عبدا في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا أخرجه منها " . تفرد به أحمد . ورواه ابن أبي الدنيا ، من حديث ابن إسحاق به ، قال : " يوضع الصراط بين ظهري جهنم " . قال محمد : فلا أعلمه قال : إلا كحرفة السيف . وذكر تمام الحديث .

طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سليمان ، يعني التيمي ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ، ولا يحيون ، وأما أناس يريد الله بهم الرحمة ، فيميتهم في الناس ، فيدخل عليهم الشفعاء ، فيأخذ الرجل الضبارة فيبثهم - أو قال : فيبثون - على نهر الحيا - أو " قال : الحياة . أو قال : الحيوان . أو قال : نهر الجنة - فينبتون نبات الحبة في حميل السيل " . قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، : " أما ترون الشجرة تكون خضراء ، ثم تكون صفراء - أو قال : تكون صفراء ثم تكون خضراء " قال : فقال بعضهم : كأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالبادية .

طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا إسماعيل ، حدثنا سعيد بن يزيد ، عن [ ص: 223 ] أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، : " أما أهل النار الذين هم أهلها ، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ، ولكن أناس - أو كما قال - تصيبهم النار بذنوبهم - أو قال : بخطاياهم - فيميتهم إماتة ، حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة ، فجيء بهم ضبائر ضبائر ، فيبثوا على أنهار الجنة ، فيقال : يا أهل الجنة ، أفيضوا عليهم . فينبتون نبات الحبة في حميل السيل " . فقال رجل من القوم : كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية . وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه من هذا الوجه .

طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا عثمان بن غياث ، حدثني أبو نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : يعرض الناس على جسر جهنم ، عليه حسك ، وكلاليب ، وخطاطيف تخطف الناس . قال : فيمر الناس مثل البرق ، وآخرون مثل الريح ، وآخرون مثل الفرس المجرى ، وآخرون يسعون سعيا ، وآخرون يمشون مشيا ، وآخرون يحبون حبوا ، وآخرون يزحفون زحفا ، فأما أهل النار فلا يموتون ، ولا يحيون ، وأما أناس فيؤخذون بذنوبهم فيحرقون ، فيكونون فحما ، ثم يأذن الله في الشفاعة ، فيؤخذون ضبارات ضبارات ، فيقذفون على نهر ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل رأيتم الصبغاء ؟ " قال : وعلى النار ثلاث شجرات ، فيخرج - أو يخرج - رجل من النار ، فيكون على شفتها ، فيقول : يا رب ، اصرف وجهي [ ص: 224 ] عنها . قال : فيقول : وعهدك وذمتك لا تسألني غيرها ؟ قال : فيرى شجرة ، فيقول : يا رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها ، وآكل من ثمرتها . قال : فيقول : وعهدك وذمتك لا تسألني غيرها ؟ قال : فيرى شجرة أخرى أحسن منها ، فيقول : يا رب ، حولني إلى هذه الشجرة أستظل بظلها ، وآكل من ثمرتها . قال : فيقول : وعهدك وذمتك لا تسألني غيرها ؟ قال : فيرى الثالثة ، فيقول : يا رب ، حولني إلى هذه الشجرة أستظل بظلها ، وآكل من ثمرتها . قال : فيقول : وعهدك وذمتك لا تسألني غيرها ؟ قال : فيرى سواد الناس ، ويسمع أصواتهم ، فيقول : يا رب ، أدخلني الجنة . قال أبو سعيد ورجل آخر من أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، اختلفا ، فقال أحدهما : فيدخل الجنة ، ويعطى الدنيا ومثلها . وقال الآخر : فيدخل الجنة ، ويعطى الدنيا وعشرة أمثالها .

وقد رواه النسائي ، من حديث عثمان بن غياث به نحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية