صفحة جزء
سدرة المنتهى

قال تعالى : ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى [ النجم : 13 - 18 ] . وذكرنا في " التفسير " أنه غشيها نور الرب ، جل جلاله ، وأنه غشيتها الملائكة مثل الغربان ، يعني كثرة ، وأنه غشيها فراش من ذهب ، وغشيتها ألوان متعددة ; كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فغشيها ألوان لا أدري ما هي " ، " ما يستطيع أحد أن ينعتها " .

وفي " الصحيحين " عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث المعراج : " ثم رفعت لي سدرة المنتهى في السماء السابعة ، فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وورقها مثل آذان [ ص: 310 ] الفيلة ، وإذا يخرج من ساقها نهران ظاهران ، ونهران باطنان ، فقلت : يا جبريل ، ما هذا ؟ قال : أما الباطنان ففي الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات " .

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا عبد الرحمن بن صالح ، حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر سدرة المنتهى ، فقال : " يسير في ظل الفنن منها الراكب مائة سنة " . أو قال : " يستظل في ظل الفنن منها مائة راكب ، فيها فراش الذهب ، كأن ثمرها القلال " .

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني حمزة بن العباس ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : إن الله تعالى لينفعنا بالأعراب ومسائلهم . قال : أقبل أعرابي يوما ، فقال : يا رسول الله ، ذكر الله تعالى في الجنة شجرة مؤذية ، وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما هي ؟ " قال : السدر ، فإن له شوكا مؤذيا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله تعالى يقول : في سدر مخضود [ الواقعة : 28 ] خضد الله تعالى شوكه ، فجعل مكان كل شوكة ثمرة ، فإنها [ ص: 311 ] لتنبت ثمرا تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونا من طعام ، ما فيه لون يشبه الآخر " .

وقد روي هذا الحديث من وجه آخر بلفظ آخر ; فقال أبو بكر بن أبي داود : حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا محمد بن المبارك ، حدثنا يحيى بن حمزة ، حدثنا ثور بن يزيد ، حدثنا حبيب بن عبيد ، عن عتبة بن عبد السلمي قال : كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال : يا رسول الله ، أسمعك تذكر شجرة في الجنة لا أعلم شجرة أكثر شوكا منها - يعني الطلح - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خضد شوكه فجعل الله مكان كل شوكة منها ثمرة مثل خصوة التيس الملبود ، فيها سبعون لونا من الطعام ، لا يشبه لون آخر " . الملبود هو الذي قد تلبد صوفه بعضه على بعض .

التالي السابق


الخدمات العلمية