صفحة جزء
[ ص: 495 ] سنة أربع من الهجرة النبوية

في المحرم منها كانت سرية أبي سلمة بن عبد الأسد إلى طليحة الأسدي فانتهى إلى ماء يقال له : قطن .

قال الواقدي : حدثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد اليربوعي ، عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة وغيره ، قالوا : شهد أبو سلمة أحدا ، فجرح جرحا على عضده ، فأقام شهرا يداوى ، فلما كان هلال المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من الهجرة ، دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اخرج في هذه السرية ، فقد استعملتك عليها . وعقد له لواء ، وقال : [ ص: 496 ] سر حتى تأتي أرض بني أسد فأغر عليهم . وأوصاه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا وخرج معه في تلك السرية خمسون ومائة ، فانتهى إلى أدنى قطن وهو ماء لبني أسد وكان هناك طليحة الأسدي وأخوه سلمة ابنا خويلد ، وقد جمعا حلفاء من بني أسد ليقصدوا حرب النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء رجل منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما تمالئوا عليه ، فبعث معه أبا سلمة في سريته هذه ، فلما انتهوا إلى أرضهم ، تفرقوا وتركوا نعما كثيرا لهم من الإبل والغنم ، فأخذ ذلك كله أبو سلمة وأسر منهم معه ثلاثة مماليك ، وأقبل راجعا إلى المدينة فأعطى ذلك الرجل الأسدي الذي دلهم نصيبا وافرا من الغنم ، وأخرج صفي النبي صلى الله عليه وسلم ; عبدا ، وخمس الغنيمة ، وقسمها بين أصحابه ، ثم قدم المدينة .

قال عمر بن عثمان : فحدثني عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع ، عن عمر بن أبي سلمة قال : كان الذي جرح أبي أبو أسامة الجشمي فمكث شهرا يداويه ، فبرأ ، فيما نرى ، فلما برأ وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحرم - يعني من سنة أربع - إلى قطن فغاب بضع عشرة ليلة ، فلما دخل المدينة انتقض به جرحه ، فمات لثلاث بقين من جمادى [ ص: 497 ] الأولى . قال عمر : واعتدت أمي حتى خلت أربعة أشهر وعشرا ، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها في ليال بقين من شوال ، فكانت أمي تقول : ما بأس بالنكاح في شوال والدخول فيه وقد تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وأعرس بي فيه . قال : وماتت أم سلمة في ذي القعدة سنة تسع وخمسين . رواه البيهقي .

قلت : سنذكر في أواخر هذه السنة في شوالها تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة وما يتعلق بذلك من ولاية الابن أمه في النكاح ، ومذاهب العلماء في ذلك ، إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية