صفحة جزء
[ ص: 533 ] غزوة بني النضير وهي التي أنزل الله فيها سورة " الحشر "

في صحيح البخاري ، عن ابن عباس أنه كان يسميها سورة بني النضير . وحكى البخاري ، عن الزهري ، عن عروة أنه قال : كانت بنو النضير بعد بدر بستة أشهر قبل أحد . وقد أسنده ابن أبي حاتم في " تفسيره " عن أبيه ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن عقيل ، عن الزهري به .

وهكذا روى حنبل بن إسحاق ، عن هلال بن العلاء ، عن عبد الله بن جعفر الرقي ، عن مطرف بن مازن اليماني ، عن معمر ، عن الزهري فذكر غزوة بدر في سابع عشر رمضان سنة اثنتين ، قال : ثم غزا بني النضير ثم غزا أحدا في شوال سنة ثلاث ، ثم قاتل يوم الخندق في شوال سنة أربع . وقال البيهقي : وقد كان الزهري يقول هي قبل أحد . قال : وذهب آخرون إلى [ ص: 534 ] أنها بعدها ، وبعد بئر معونة أيضا .

قلت : هكذا ذكر ابن إسحاق كما تقدم ; فإنه بعد ذكره بئر معونة ، ورجوع عمرو بن أمية ، وقتله ذينك الرجلين من بني عامر ، ولم يشعر بعهدهما الذي معهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد قتلت رجلين لأدينهما . قال ابن إسحاق : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية ; للعهد الذي كان صلى الله عليه وسلم أعطاهما ، وكان بين بني النضير وبين بني عامر عهد وحلف ، فلما أتاهم صلى الله عليه وسلم قالوا : نعم يا أبا القاسم ، نعينك على ما أحببت . ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا : إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه - ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد - فمن رجل يعلو على هذا البيت ، فيلقي عليه صخرة ويريحنا منه ؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب فقال أنا لذلك . فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه ، فيهم أبو بكر وعمر وعلي ، فأتى رسول الله الخبر من السماء بما أراد القوم ، فقام وخرج راجعا إلى المدينة ، فلما استلبث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، قاموا في طلبه ، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه ، فقال : رأيته داخلا المدينة . فأقبل [ ص: 535 ] أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهوا إليه ، فأخبرهم الخبر بما كانت يهود أرادت من الغدر به .

قال الواقدي : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم محمد بن مسلمة يأمرهم بالخروج من جواره وبلده ، فبعث إليهم أهل النفاق يثبتونهم ويحرضونهم على المقام ، ويعدونهم النصر ، فقويت عند ذلك نفوسهم ، وحمي حيي بن أخطب وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لا يخرجون ، ونابذوه بنقض العهود ، فعند ذلك أمر الناس بالخروج إليهم .

قال الواقدي : فحاصروهم خمس عشرة ليلة . وقال ابن إسحاق : وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والمسير إليهم . قال ابن هشام : واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم وذلك في شهر ربيع الأول .

قال ابن إسحاق : فسار حتى نزل بهم ، فحاصرهم ست ليال ، ونزل تحريم الخمر حينئذ ، وتحصنوا منه في الحصون ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع [ ص: 536 ] النخيل والتحريق فيها ، فنادوه : أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد ، وتعيبه على من صنعه ، فما بال قطع النخيل وتحريقها ؟ قال : وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم عبد الله بن أبي ، ووديعة ، ومالك ، وسويد ، وداعس قد بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنعوا ، فإنا لن نسلمكم ، إن قوتلتم قاتلنا معكم ، وإن أخرجتم خرجنا معكم . فتربصوا ذلك من نصرهم ، فلم يفعلوا ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ، فسألوا رسول الله أن يجليهم ويكف عن دمائهم ، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ، ففعل .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : أعطى كل ثلاثة منهم بعيرا يعتقبونه وسقاء . رواه البيهقي .

وروى من طريق يعقوب بن محمد الزهري ، عن إبراهيم بن جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمة ، عن أبيه ، عن جده ، عن محمد بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى بني النضير وأمره أن يؤجلهم في الجلاء ثلاث ليال . وروى البيهقي وغيره أنه كانت لهم ديون مؤجلة ، فقال لهم رسول الله [ ص: 537 ] صلى الله عليه وسلم : ضعوا وتعجلوا . وفي صحته نظر . والله أعلم .

قال ابن إسحاق : فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل ، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه ، فيضعه على ظهر بعيره ، فينطلق به ، فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام فكان من أشراف من ذهب منهم إلى خيبر سلام بن أبي الحقيق ، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق ، وحيي بن أخطب . فلما نزلوها دان لهم أهلها . فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث أنهم استقبلوا بالنساء والأبناء والأموال ، معهم الدفوف والمزامير ، والقيان يعزفن خلفهم ، بزهاء وفخر ما رئي مثله لحي من الناس في زمانهم . قال : وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني النخيل والمزارع - فكانت له خاصة ، يضعها حيث يشاء ، فقسمها على المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة ذكرا فقرا فأعطاهما . وأضاف بعضهم إليهما [ ص: 538 ] الحارث بن الصمة . حكاه السهيلي .

قال ابن إسحاق : ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان ; وهما يامين بن عمير بن كعب ابن عم عمرو بن جحاش ، وأبو سعد بن وهب فأحرزا أموالهما . قال ابن إسحاق : وقد حدثني بعض آل يامين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين ألم تر ما لقينا من ابن عمك ، وما هم به من شأني ؟ فجعل يامين لرجل جعلا على أن يقتل عمرو بن جحاش فقتله ، لعنه الله . قال ابن إسحاق : فأنزل الله فيهم سورة الحشر بكمالها ، يذكر فيها ما أصابهم به من نقمته وما سلط عليهم به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما عمل به فيهم . ثم شرع ابن إسحاق يفسرها ، وقد تكلمنا عليها بطولها مبسوطة في كتابنا " التفسير " ولله الحمد .

قال الله تعالى : سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا ياأولي الأبصار ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين وما أفاء [ الحشر : 1 - 5 ] . سبح سبحانه وتعالى نفسه الكريمة ، وأخبر أنه يسبح له جميع مخلوقاته العلوية والسفلية ، وأنه العزيز وهو منيع الجناب ، فلا ترام عظمته وكبرياؤه ، وأنه الحكيم في جميع ما خلق ، وجميع ما قدر وشرع ، فمن ذلك تقديره وتدبيره وتيسيره لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين في ظفرهم بأعدائهم اليهود الذين شاقوا الله ورسوله ، وجانبوا رسوله وشرعه ، وما كان من السبب المفضي لقتالهم ، كما تقدم ، حتى حاصرهم المؤيد بالرعب والرهب مسيرة شهر ، ومع هذا فأسرهم بالمحاصرة بجنوده ونفسه الشريفة ست ليال ، فذهب بهم الرعب كل مذهب ، حتى صانعوا وصالحوا على حقن دمائهم ، وأن يأخذوا من أموالهم ما استقلت به ركابهم ، على أنهم لا يستصحبون شيئا من السلاح ; إهانة لهم واحتقارا ، فجعلوا يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار ثم ذكر تعالى أنه لو لم يصبهم الجلاء ، وهو التسيير والنفي من جوار الرسول من المدينة لأصابهم ما هو أشد منه من العذاب الدنيوي ، وهو القتل مع ما ادخر لهم في الآخرة من العذاب الأليم المقدر لهم . ثم ذكر تعالى حكمة ما وقع من تحريق نخلهم ، وترك ما بقي منه لهم ، وأن ذلك كله سائغ ، فقال : ما قطعتم من لينة وهو جيد التمر أو تركتموها قائمة على أصولها إن الجميع قد أذن فيه شرعا وقدرا ، فلا حرج عليكم فيه [ ص: 540 ] ولنعم ما رأيتم من ذلك ، وليس هو بفساد ، كما قاله شرار العباد ، إنما هو إظهار للقوة ، وإخزاء للكفرة الفجرة .

وقد روى البخاري ، ومسلم جميعا عن قتيبة ، عن الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع ، وهي البويرة ، فأنزل الله تعالى : ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين

وعند البخاري من طريق جويرية بن أسماء ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع ، وهي البويرة ، ولها يقول حسان بن ثابت :


وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير

فأجابه أبو سفيان بن الحارث يقول :


أدام الله ذلك من صنيع     وحرق في نواحيها السعير
[ ص: 541 ] ستعلم أينا منها بنزه     وتعلم أي أرضينا تضير

قال ابن إسحاق : وقال كعب بن مالك يذكر إجلاء بني النضير وقتل كعب بن الأشرف . فالله أعلم :


لقد خزيت بغدرتها الحبور     كذاك الدهر ذو صرف يدور
وذلك أنهم كفروا برب     عظيم أمره أمر كبير
وقد أوتوا معا فهما وعلما     وجاءهم من الله النذير
نذير صادق أدى كتابا     وآيات مبينة تنير
فقالوا ما أتيت بأمر صدق     وأنت بمنكر منا جدير
فقال بلى لقد أديت حقا     يصدقني به الفهم الخبير
فمن يتبعه يهد لكل رشد     ومن يكفر به يجز الكفور
[ ص: 542 ] فلما أشربوا غدرا وكفرا     وجد بهم عن الحق النفور
أرى الله النبي برأي صدق     وكان الله يحكم لا يجور
فأيده وسلطه عليهم     وكان نصيره نعم النصير
فغودر منهم كعب صريعا     فذلت بعد مصرعه النضير
على الكفين ثم وقد علته     بأيدينا مشهرة ذكور
بأمر محمد إذ دس ليلا     إلى كعب أخا كعب يسير
فماكره فأنزله بمكر     ومحمود أخو ثقة جسور
فتلك بنو النضير بدار سوء     أبارهم بما اجترموا المبير
غداة أتاهم في الزحف رهوا     رسول الله وهو بهم بصير
وغسان الحماة مؤازروه     على الأعداء وهو لهم وزير
فقال السلم ويحكم فصدوا     وخالف أمرهم كذب وزور
فذاقوا غب أمرهم وبالا     لكل ثلاثة منهم بعير
[ ص: 543 ] وأجلوا عامدين لقينقاع     وغودر منهم نخل ودور

وقد ذكر ابن إسحاق جوابها لسماك اليهودي فتركناها قصدا .

قال ابن إسحاق : وكان مما قيل في بني النضير قول ابن لقيم العبسي ويقال : قالها : قيس بن بحر بن طريف الأشجعي .


أهلي فداء لامرئ غير هالك     أحل اليهود بالحسي المزنم
يقيلون في جمر الغضاة وبدلوا     أهيضب عودى بالودي المكمم
فإن يك ظني صادقا بمحمد     تروا خيله بين الصلا ويرمرم
[ ص: 544 ] يؤم بها عمرو بن بهثة إنهم     عدو وما حي صديق كمجرم
عليهن أبطال مساعير في الوغى     يهزون أطراف الوشيج المقوم
وكل رقيق الشفرتين مهند     توورثن من أزمان عاد وجرهم
فمن مبلغ عني قريشا رسالة     فهل بعدهم في المجد من متكرم
بأن أخاهم فاعلمن محمدا     تليد الندى بين الحجون وزمزم
فدينوا له بالحق تجسم أموركم     وتسمو من الدنيا إلى كل معظم
نبي تلاقته من الله رحمة     ولا تسألوه أمر غيب مرجم
فقد كان في بدر لعمري عبرة     لكم يا قريشا والقليب الملمم
غداة أتى في الخزرجية عامدا     إليكم مطيعا للعظيم المكرم
معانا بروح القدس ينكي عدوه     رسولا من الرحمن حقا بمعلم
[ ص: 545 ] رسولا من الرحمن يتلو كتابه     فلما أنار الحق لم يتلعثم
أرى أمره يزداد في كل موطن     علوا لأمر حمه الله محكم

قال ابن إسحاق : وقال علي بن أبي طالب ، وقال ابن هشام : قالها رجل من المسلمين ، ولم أر أحدا يعرفها لعلي :


عرفت ومن يعتدل يعرف     وأيقنت حقا ولم أصدف
عن الكلم المحكم الآي من     لدى الله ذي الرأفة الأرأف
رسائل تدرس في المؤمنين     بهن اصطفى أحمد المصطفي
فأصبح أحمد فينا عزيزا     عزيز المقامة والموقف
فيا أيها الموعدوه سفاها     ولم يأت جورا ولم يعنف
ألستم تخافون أدنى العذاب     وما آمن الله كالأخوف
وأن تصرعوا تحت أسيافه     كمصرع كعب أبي الأشرف
[ ص: 546 ] غداة رأى الله طغيانه     وأعرض كالجمل الأجنف
فأنزل جبريل في قتله     بوحي إلى عبده ملطف
فدس الرسول رسولا له     بأبيض ذي هبة مرهف
فباتت عيون له معولات     متى ينع كعب لها تذرف
وقلن لأحمد ذرنا قليلا     فإنا من النوح لم نشتف
فخلاهم ثم قال اظعنوا     دحورا على رغم الآنف
وأجلى النضير إلى غربة     وكانوا بدار ذوي زخرف
إلى أذرعات ردافا وهم     على كل ذي دبر أعجف

[ ص: 547 ] وتركنا جوابها أيضا من سماك اليهودي قصدا .

ثم ذكر تعالى حكم الفيء ، وأنه حكم بأموال بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وملكها له ، فوضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراه الله تعالى ، كما ثبت في " الصحيحين " عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، فكان يعزل نفقة أهله سنة ، ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله ، عز وجل .

ثم بين تعالى حكم الفيء ، وأنه للمهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان على منوالهم وطريقتهم ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب

قال الإمام أحمد : حدثنا عارم ، وعفان قالا : حدثنا معتمر سمعت أبي يقول : حدثنا أنس بن مالك ، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل كان يجعل له من ماله النخلات ، أو كما شاء الله ، حتى فتحت عليه قريظة والنضير . قال : فجعل يرد بعد ذلك . قال : وإن أهلي أمروني أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله الذي [ ص: 548 ] كان أهله أعطوه أو بعضه ، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم أعطاه أم أيمن أو كما شاء الله . قال : فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيهن ، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي وجعلت تقول : كلا والله الذي لا إله إلا هو ، لا يعطيكهن وقد أعطانيهن . أو كما قالت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لك كذا وكذا . وتقول : كلا والله . قال : ويقول لك : كذا وكذا . وتقول : كلا والله . قال : ويقول : لك كذا وكذا . حتى أعطاها - حسبت أنه قال - عشرة أمثاله . أو قال : قريبا من عشرة أمثاله . أو كما قال . أخرجاه بنحوه من طرق ، عن معتمر به .

ثم قال تعالى ذاما للمنافقين الذين مالوا لبني النضير في الباطن ، كما تقدم ، ووعدوهم النصر ، فلم يكن من ذلك شيء ، بل خذلوهم أحوج ما كانوا إليهم ، وغروهم من أنفسهم ، فقال : ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون [ الحشر : 11 ، 12 ] ثم ذمهم تعالى على جبنهم ، وقلة [ ص: 549 ] علمهم ، وخفة عقلهم النافع ، ثم ضرب لهم مثلا قبيحا شنيعا بالشيطان حين قال للإنسان : اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين [ الحشر : 16 ، 17 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية