صفحة جزء
[ ص: 136 ] مقتل خالد بن سفيان ابن نبيح الهذلي

ذكره الحافظ البيهقي في " الدلائل " تلو مقتل أبي رافع .

قال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن ابن عبد الله بن أنيس ، عن أبيه قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إنه قد بلغني أن خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني وهو بعرنة ، فأته فاقتله " قال : قلت : يا رسول الله ، انعته لي حتى أعرفه . قال : " إذا رأيته وجدت له قشعريرة " . قال : فخرجت متوشحا سيفي حتى وقعت عليه ، وهو بعرنة مع ظعن يرتاد لهن منزلا ، وحين كان وقت العصر ، فلما رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة ، فأقبلت نحوه ، وخشيت أن يكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة ، فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي للركوع والسجود فلما انتهيت إليه قال : من الرجل ؟ قلت : رجل من العرب سمع [ ص: 137 ] بك وبجمعك لهذا الرجل ، فجاءك لذلك ، قال : أجل ، إنا في ذلك . قال : فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكنني حملت عليه السيف حتى قتلته ، ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات عليه ، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني قال : " أفلح الوجه " قال : قلت : قتلته يا رسول الله قال : " صدقت " . قال : ثم قام معي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل في بيته فأعطاني عصا فقال : " أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس " قال : فخرجت بها على الناس ، فقالوا : ما هذه العصا ؟ قال : قلت : أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أمسكها . قالوا : أولا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله عن ذلك ؟ قال : فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، لم أعطيتني هذه العصا ؟ قال : " آية بيني وبينك يوم القيامة ، إن أقل الناس المتخصرون يومئذ " . قال : فقرنها عبد الله بسيفه ، فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فضمت في كفنه ، ثم دفنا جميعا ثم رواه الإمام أحمد ، عن يحيى بن آدم ، عن عبد الله بن إدريس ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن بعض ولد عبد الله بن أنيس - أو قال : عن عبد الله بن عبد الله بن أنيس ، عن عبد الله بن أنيس ، فذكر نحوه . وهكذا رواه أبو داود ، عن أبي معمر ، عن عبد الوارث ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر ، عن ابن عبد الله بن [ ص: 138 ] أنيس ، عن أبيه ، فذكر نحوه .

ورواه الحافظ البيهقي ، من طريق محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبد الله بن عبد الله بن أنيس ، عن أبيه فذكره . وقد ذكر نحوه عروة بن الزبير ، وموسى بن عقبة في " مغازيهما " مرسلة فالله أعلم .

قال ابن هشام : وقال عبد الله بن أنيس في قتله خالد بن سفيان :


تركت ابن ثور كالحوار وحوله نوائح تفري كل جيب مقدد     تناولته والظعن خلفي وخلفه
بأبيض من ماء الحديد مهند     عجوم لهام الدارعين كأنه
شهاب غضى من ملهب متوقد     أقول له والسيف يعجم رأسه
أنا ابن أنيس فارسا غير قعدد     أنا ابن الذي لم ينزل الدهر قدره
رحيب فناء الدار غير مزند [ ص: 139 ]     وقلت له خذها بضربة ماجد
حنيف على دين النبي محمد     وكنت إذا هم النبي بكافر
سبقت إليه باللسان وباليد

قلت : عبد الله بن أنيس بن أسعد بن حرام ، أبو يحيى الجهني ، صحابي مشهور كبير القدر ، كان فيمن شهد العقبة ، وشهد أحدا والخندق وما بعد ذلك ، وتأخر موته بالشام إلى سنة ثمانين على المشهور وقيل : توفي سنة أربع وخمسين . والله أعلم . وقد فرق علي بن المديني وخليفة بن خياط بينه وبين عبد الله بن أنيس أبي عيسى الأنصاري ، الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا يوم أحد بإداوة فيها ماء ، فخنث فمها وشرب منها ، كما رواه أبو داود والترمذي ، من طريق عبد الله العمري ، عن عيسى بن عبد الله بن أنيس ، عن أبيه . ثم قال الترمذي : وليس إسناده يصح ، وعبد الله العمري ضعيف من قبل حفظه .

التالي السابق


الخدمات العلمية