صفحة جزء
[ ص: 26 ] غزوة الحديبية

وقد كانت في ذي القعدة سنة ست بلا خلاف . وممن نص على ذلك الزهري ، ونافع مولى ابن عمر ، وقتادة ، وموسى بن عقبة ، ومحمد بن إسحاق بن يسار ، وغيرهم ، وهو الذي رواه ابن لهيعة ، ، عن أبي الأسود ، عن عروة أنها كانت في ذي القعدة سنة ست .

وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا إسماعيل بن الخليل ، عن علي بن مسهر ، أخبرني هشام بن عروة ، عن أبيه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية في رمضان ، وكانت الحديبية في شوال . وهذا غريب جدا عن عروة .

وقد روى البخاري ومسلم جميعا ، عن هدبة ، عن همام ، عن قتادة أن أنس بن مالك أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن ، في ذي القعدة ، إلا العمرة التي مع حجته ؛ عمرة من الحديبية في ذي القعدة ، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة ، وعمرة من الجعرانة في ذي القعدة حيث قسم غنائم حنين وعمرة مع حجته . وهذا لفظ البخاري . [ ص: 207 ]

وقال ابن إسحاق : ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة رمضان وشوالا ، وخرج في ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا . قال ابن هشام : واستعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي . قال ابن إسحاق : واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه ، وهو يخشى من قريش الذي صنعوا ، أن يعرضوا له بحرب ، أو يصدوه عن البيت ، فأبطأ عليه كثير من الأعراب ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ، ومن لحق به من العرب ، وساق معه الهدي ، وأحرم بالعمرة ؛ ليأمن الناس من حربه ، وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت ، ومعظما له .

قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم ، أنهما حدثاه قالا : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ، يريد زيارة البيت لا يريد قتالا ، وساق معه الهدي سبعين بدنة ، وكان الناس سبعمائة رجل ، وكانت كل بدنة عن عشرة نفر ، وكان جابر بن عبد الله فيما بلغني يقول : كنا أصحاب الحديبية أربع عشرة مائة .

قال الزهري : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر [ ص: 208 ] بن سفيان الكعبي فقال : يا رسول الله ، هذه قريش قد سمعت بمسيرك ، فخرجوا معهم العوذ المطافيل ، قد لبسوا جلود النمور ، وقد نزلوا بذي طوى ، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا ، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم ، قد قدموها إلى كراع الغميم . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ويح قريش ! لقد أكلتهم الحرب! ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب ؛ فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا ، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين ، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة ، فما تظن قريش ؟ فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة . ثم قال : من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها ؟ قال ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رجلا من أسلم قال : أنا يا رسول الله . قال : فسلك بهم طريقا وعرا أجرل بين شعاب ، فلما خرجوا منه ، وقد شق ذلك على المسلمين ، فأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قولوا : نستغفر الله ونتوب إليه " . فقالوا [ ص: 209 ] ذلك ، فقال : " والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل ، فلم يقولوها " .

قال ابن شهاب : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال : " اسلكوا ذات اليمين " . بين ظهري الحمض في طريق تخرجه على ثنية المرار ، مهبط الحديبية من أسفل مكة . قال : فسلك الجيش ذلك الطريق ، فلما رأت خيل قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم ، ركضوا راجعين إلى قريش ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا سلك في ثنية المرار بركت ناقته ، فقال الناس : خلأت . فقال : " ما خلأت ، وما هو لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة ، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم ، إلا أعطيتهم إياها " . ثم قال للناس : " انزلوا " . قيل له : يا رسول الله ، ما بالوادي ماء ننزل عليه . فأخرج سهما من كنانته ، فأعطاه رجلا من أصحابه ، فنزل به في قليب من تلك القلب ، فغرزه في جوفه ، فجاش بالرواء ، حتى ضرب الناس عنه بعطن .

قال ابن إسحاق : فحدثني بعض أهل العلم ، عن رجال من أسلم ، أن [ ص: 210 ] الذي نزل في القليب بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجية بن جندب ، سائق بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن إسحاق : وقد زعم بعض أهل العلم أن البراء بن عازب كان يقول : أنا الذي نزلت بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فالله أعلم أي ذلك كان . ثم استدل ابن إسحاق للأول بأن جارية من الأنصار جاءت البئر ، وناجية في أسفله يميح ، فقالت :


يا أيها المائح دلوي دونكا إني رأيت الناس يحمدونكا


يثنون خيرا ويمجدونكا

فأجابها فقال :


قد علمت جارية يمانيه     أني أنا المائح واسمي ناجيه
وطعنة ذات رشاش واهيه     طعنتها عند صدور العاديه

قال الزهري في حديثه : فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتاه بديل بن ورقاء ، في رجال من خزاعة ، فكلموه وسألوه ما الذي جاء به ، فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا ، وإنما جاء زائرا للبيت ومعظما لحرمته . ثم قال لهم نحوا مما قال لبشر بن سفيان ، فرجعوا إلى قريش فقالوا : يا معشر قريش ، إنكم تعجلون على محمد ، إن محمدا لم يأت لقتال ، إنما جاء زائرا لهذا البيت . [ ص: 211 ] فاتهموهم وجبهوهم وقالوا : وإن كان جاء ولا يريد قتالا ؛ فوالله لا يدخلها علينا عنوة أبدا ، ولا تحدث بذلك عنا العرب . قال الزهري : وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ مسلمها ومشركها ، لا يخفون عنه شيئا كان بمكة . قال : ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأخيف ، أخا بني عامر بن لؤي ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال : " هذا رجل غادر " . فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا مما قال لبديل وأصحابه ، فرجع إلى قريش فأخبرهم بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة ، أو ابن زبان ، وكان يومئذ سيد الأحابيش ، وهو أحد بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذا من قوم يتألهون ، فابعثوا بالهدي في وجهه حتى يراه " . فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده ، قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله ، رجع إلى قريش ، ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إعظاما لما رأى ، فقال لهم ذلك . قال : فقالوا له : اجلس ، فإنما أنت أعرابي لا علم لك . قال ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن الحليس غضب عند ذلك وقال : يا معشر قريش ، والله ما على هذا حالفناكم ، ولا على هذا عاقدناكم ، أيصد عن بيت الله من جاءه معظما له ؟! والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له ، أو [ ص: 212 ] لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد . قالوا : مه ، كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به .

قال الزهري في حديثه : ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفي ، فقال : يا معشر قريش ، إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذا جاءكم ؛ من التعنيف ، وسوء اللفظ ، وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد - وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس - وقد سمعت بالذي نابكم ، فجمعت من أطاعني من قومي ، ثم جئتكم ، حتى آسيتكم بنفسي . قالوا : صدقت ، ما أنت عندنا بمتهم . فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلس بين يديه ، ثم قال : يا محمد ، أجمعت أوشاب الناس ، ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم ، إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل ، قد لبسوا جلود النمور ، يعاهدون الله ، لا تدخلها عليهم عنوة أبدا ، وايم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا . قال : وأبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : امصص بظر اللات ، أنحن ننكشف عنه ؟! قال : من هذا يا محمد ؟ قال : " هذا ابن أبي قحافة " . قال : أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها ، ولكن هذه بها . قال : ثم جعل يتناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكلمه . قال : والمغيرة بن شعبة واقف [ ص: 213 ] على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد . قال : فجعل يقرع يده ، إذا تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قبل ألا تصل إليك . قال : فيقول عروة : ويحك ، ما أفظك وأغلظك! قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له عروة : من هذا يا محمد ؟ قال : " هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة " قال : أي غدر ، وهل غسلت سوءتك إلا بالأمس ؟! .

قال ابن هشام : أراد عروة بقوله هذا ، أن المغيرة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا ، من بني مالك من ثقيف ، فتهايج الحيان من ثقيف ؛ بنو مالك رهط المقتولين ، والأحلاف رهط المغيرة ، فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية ، وأصلح ذلك الأمر .

قال الزهري : فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحو مما كلم به أصحابه ، وأخبره أنه لم يأت يريد حربا ، فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد رأى ما يصنع به أصحابه ، لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه ، ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه ، ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه ، فرجع إلى قريش فقال : يا معشر قريش ، إني قد جئت كسرى في ملكه ، وقيصر في ملكه ، والنجاشي في ملكه ، وإني والله ما رأيت ملكا في قومه قط مثل محمد في أصحابه ، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا ، فروا رأيكم . [ ص: 214 ]

قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعي ، فبعثه إلى قريش بمكة ، وحمله على بعير له ، يقال له : الثعلب . ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له ، فعقروا به جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأرادوا قتله ، فمنعه الأحابيش ، فخلوا سبيله ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال ابن إسحاق : وحدثني بعض من لا أتهم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين ، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا ، فأخذوا أخذا ، فأتي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعفا عنهم وخلى سبيلهم ، وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجارة والنبل ، ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة ، فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له ، فقال : يا رسول الله ، إني أخاف قريشا على نفسي ، وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني ، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها ، ولكني أدلك على رجل أعز بها مني ، عثمان بن عفان فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش ، يخبرهم أنه لم يأت لحرب ، وإنما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته ، فخرج عثمان إلى مكة ، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها ، فحمله بين يديه ، ثم أجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان [ ص: 215 ] وعظماء قريش ، فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به ، فقالوا لعثمان حين بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم : إن شئت أن تطوف بالبيت فطف . قال : ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم . واحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل .

قال ابن إسحاق : فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل : " لا نبرح حتى نناجز القوم " . ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة ، فكان الناس يقولون : بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت . وكان جابر بن عبد الله يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعنا على الموت ، ولكن بايعنا على ألا نفر . فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها ، إلا الجد بن قيس ، أخو بني سلمة ، وكان جابر بن عبد الله يقول : والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته ، قد ضبأ إليها ، يستتر من الناس ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل .

قال ابن هشام : فذكر وكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي أن أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان أبو سنان الأسدي .

قال ابن هشام : وحدثني من أثق به ، عمن حدثه بإسناد له ، عن ابن أبي [ ص: 216 ] مليكة ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع لعثمان ، فضرب بإحدى يديه على الأخرى . وهذا الحديث الذي ذكره ابن هشام بهذا الإسناد ضعيف ثابت في " الصحيحين " .

قال ابن إسحاق : قال الزهري : ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو أخا بني عامر بن لؤي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : ائت محمدا وصالحه ، ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا ، فوالله لا تتحدث العرب أنه دخلها عنوة أبدا . فأتاه سهيل بن عمرو ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال : " قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل " . فلما انتهى سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تكلم فأطال الكلام وتراجعا ، ثم جرى بينهما الصلح ، فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب ، وثب عمر فأتى أبا بكر ، فقال : يا أبا بكر ، أليس برسول الله ؟! قال : بلى . قال : أولسنا بالمسلمين ؟! قال : بلى . قال : أوليسوا بالمشركين ؟! قال : بلى . قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟! قال أبو بكر : يا عمر ، الزم غرزه ، فإني أشهد أنه رسول الله . قال عمر : وأنا أشهد أنه رسول الله . ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ألست برسول الله ؟! قال : " بلى " . قال : أولسنا بالمسلمين ؟! قال : " بلى " قال : أوليسوا بالمشركين ؟! قال : " بلى " قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟! قال : " أنا [ ص: 217 ] عبد الله ورسوله ، لن أخالف أمره ولن يضيعني " فكان عمر ، رضي الله عنه ، يقول : ما زلت أصوم ، وأتصدق ، وأصلي ، وأعتق ، من الذي صنعت يومئذ ؛ مخافة كلامي الذي تكلمت يومئذ ، حتى رجوت أن يكون خيرا . قال : ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فقال : " اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم " . قال : فقال سهيل : لا أعرف هذا ، ولكن اكتب : باسمك اللهم . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اكتب باسمك اللهم " فكتبها . ثم قال : " اكتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو " . قال : فقال سهيل : لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو " ؛ اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين ، يأمن فيهن الناس ، ويكف بعضهم عن بعض ، على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ، ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه ، وأن بيننا عيبة مكفوفة ، وأنه لا إسلال ولا إغلال ، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه - فتواثبت خزاعة فقالوا : نحن في عقد محمد وعهده . وتواثبت بنو بكر فقالوا : نحن في عقد قريش وعهدهم - وأنك ترجع عامك هذا ، فلا تدخل علينا مكة ، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك ، فدخلتها بأصحابك ، فأقمت فيها ثلاثا ، معك سلاح [ ص: 218 ] الراكب ؛ السيوف في القرب ، لا تدخلها بغيرها . قال : فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو ، إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد ، قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرجوا وهم لا يشكون في الفتح ؛ لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع ، وما تحمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه ، دخل على الناس من ذلك أمر عظيم ، حتى كادوا يهلكون ، فلما رأى سهيل أبا جندل ، قام إليه فضرب وجهه ، وأخذ بتلبيبه ، وقال : يا محمد ، قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا . قال : " صدقت " فجعل ينتره بتلبيبه ويجره ، يعني ليرده إلى قريش ، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته : يا معشر المسلمين ، أرد إلى المشركين يفتنونني في ديني ؟ ! فزاد ذلك الناس إلى ما بهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا جندل اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا ، وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله ، وإنا لا نغدر بهم " . قال : فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول : اصبر يا أبا جندل ، فإنما هم المشركون ، وإنما دم أحدهم دم كلب . قال : ويدني قائم السيف منه . قال : يقول عمر : رجوت أن يأخذ السيف فيضرب أباه . قال : فضن الرجل بأبيه ، ونفذت القضية . فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب ، أشهد على الصلح رجالا من المسلمين ، ورجالا من المشركين ؛ أبو بكر الصديق ، [ ص: 219 ] وعمر بن الخطاب ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن سهيل بن عمرو ، وسعد بن أبي وقاص ، ومحمود بن مسلمة ، ومكرز بن حفص - وهو يومئذ مشرك - وعلي بن أبي طالب ، وكتب ، وكان هو كاتب الصحيفة .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطربا في الحل ، وكان يصلي في الحرم ، فلما فرغ من الصلح قام إلى هديه فنحره ، ثم جلس فحلق رأسه ، وكان الذي حلقه في ذلك اليوم خراش بن أمية بن الفضل الخزاعي ، فلما رأى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نحر ، وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون .

قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله المحلقين " . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : " يرحم الله المحلقين " . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : " يرحم الله المحلقين " . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : " والمقصرين " . قالوا : يا رسول الله ، فلم ظاهرت الترحيم للمحلقين دون المقصرين ؟ قال : " لم يشكوا " .

وقال عبد الله بن أبي نجيح : حدثني مجاهد ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية - في هداياه - جملا لأبي جهل ، في رأسه برة [ ص: 220 ] من فضة ؛ ليغيظ بذلك المشركين . هذا سياق محمد بن إسحاق ، رحمه الله ، لهذه القصة ، وفي سياق البخاري - كما سيأتي - مخالفة في بعض الأماكن لهذا السياق ، كما ستراها إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة . ولنوردها بتمامها ، ونذكر ما في الأحاديث الصحاح والحسان ما فيه شاهد ، في كل موطن بحسبه ، إن شاء الله تعالى ، وعليه التكلان ، وهو المستعان .

قال البخاري : حدثنا خالد بن مخلد ، حدثنا سليمان بن بلال ، حدثنا صالح بن كيسان ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن زيد بن خالد قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ، فأصابنا مطر ذات ليلة ، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ، ثم أقبل علينا فقال : " أتدرون ماذا قال ربكم ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . فقال : " قال الله تعالى : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي ؛ فأما من قال : مطرنا برحمة الله ، وبرزق الله ، وبفضل الله . فهو مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال : مطرنا بنجم كذا . فهو مؤمن بالكوكب كافر بي وهكذا رواه في غير موضع من " صحيحه " ومسلم من طرق . وقد روى عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبي هريرة . [ ص: 221 ]

وقال البخاري : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية ، كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة ، والحديبية بئر ، فنزحناها فلم نترك فيها قطرة ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاها فجلس على شفيرها ، ثم دعا بإناء من ماء ، فتوضأ ثم مضمض ودعا ، ثم صبه فيها ، فتركناها غير بعيد ، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا . انفرد به البخاري .

وقال ابن إسحاق : في قوله تعالى : فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ( الفتح : 27 ) . صلح الحديبية

قال الزهري : فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه ، إنما كان القتال حيث التقى الناس ، فلما كانت الهدنة ، وضعت الحرب أوزارها ، وأمن الناس كلهم بعضهم بعضا ، والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة ، فلم يكلم أحد في الإسلام - يعقل شيئا - إلا دخل فيه ، ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان دخل في الإسلام قبل ذلك أو أكثر . قال ابن هشام : والدليل على ما قاله الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الحديبية في ألف وأربعمائة رجل في قول جابر ، ثم خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف .

وقال البخاري : حدثنا يوسف بن عيسى ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا [ ص: 222 ] حصين ، عن سالم عن جابر ، قال : عطش الناس يوم الحديبية ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة ، فتوضأ منها ، ثم أقبل الناس نحوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما لكم ؟ " قالوا : يا رسول الله ، ليس عندنا ما نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك . قال : فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة ، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون . قال : فشربنا وتوضأنا . فقلنا لجابر : كم كنتم يومئذ ؟ قال : لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة .

وقد رواه البخاري أيضا ، ومسلم من طرق ، عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر ، به .

وقال البخاري : حدثنا الصلت بن محمد ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادة ، قلت لسعيد بن المسيب : بلغني أن جابر بن عبد الله كان يقول : كانوا أربع عشرة مائة . فقال لي سعيد : حدثني جابر : كانوا خمس عشرة مائة ، الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية . تابعه أبو داود : حدثنا قرة ، عن قتادة . تفرد به البخاري .

ثم قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، قال عمرو : سمعت جابرا ، قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أنتم خير أهل [ ص: 223 ] الأرض . وكنا ألفا وأربعمائة ، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة . وقد رواه البخاري أيضا ، ومسلم من طرق ، عن سفيان بن عيينة به . وهكذا رواه الليث بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر : ، أن عبدا لحاطب جاء يشكوه فقال : يا رسول الله ، ليدخلن حاطب النار . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبت لا يدخلها ؛ فإنه شهد بدرا والحديبية رواه مسلم .

وعند مسلم أيضا من طريق ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابرا يقول : أخبرتني أم مبشر أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة : لا يدخل أحد النار ، إن شاء الله ، من أصحاب الشجرة ، الذين بايعوا تحتها . فقالت حفصة : بلى يا رسول الله . فانتهرها ، فقالت حفصة : وإن منكم إلا واردها ( مريم : 71 ) . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد قال تعالى : ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ( مريم : 72 ) .

قال البخاري : وقال عبيد الله بن معاذ : حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، حدثني عبد الله بن أبي أوفى قال : كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة ، وكانت أسلم ثمن المهاجرين . تابعه محمد بن بشار ، حدثنا [ ص: 224 ] أبو داود ، حدثنا شعبة . هكذا رواه البخاري معلقا ، عن عبيد الله . وقد رواه مسلم ، عن عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه ، عن شعبة ، وعن محمد بن المثنى ، عن أبي داود ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن النضر بن شميل ، كلاهما عن شعبة ، به .

ثم قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن مروان والمسور بن مخرمة قالا : خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه ، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي ، وأشعر ، وأحرم منها . تفرد به البخاري . وسيأتي هذا السياق بتمامه .

والمقصود أن هذه الروايات كلها مخالفة لما ذهب إليه ابن إسحاق ؛ من أن أصحاب الحديبية كانوا سبعمائة ، وهو ، والله أعلم ، إنما قال ذلك تفقها من تلقاء نفسه ؛ من حيث إن البدن كن سبعين بدنة ، وكل منها عن عشرة ، على اختياره ، فيكون المهلون سبعمائة ، ولا يلزم أن يهدي كلهم ، ولا أن يحرم كلهم أيضا ؛ فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث طائفة منهم ، فيهم أبو قتادة ، ولم يحرم أبو قتادة حتى قتل ذلك الحمار الوحشي ، فأكل منه هو وأصحابه ، وحملوا منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثناء الطريق ، فقال : أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها ، أو أشار إليها ؟ قالوا : لا . قال : فكلوا ما بقي من لحمها . [ ص: 225 ]

وقد قال البخاري : حدثنا سعيد بن الربيع ، حدثنا علي بن المبارك ، عن يحيى ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، أن أباه حدثه قال : انطلقنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ، فأحرم أصحابه ولم أحرم .

وقال البخاري : حدثنا محمد بن رافع ، حدثنا شبابة بن سوار الفزاري ، حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبيه قال : لقد رأيت الشجرة ، ثم أتيتها بعد فلم أعرفها .

حدثنا موسى ، حدثنا أبو عوانة ، حدثنا طارق ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبيه أنه كان ممن بايع تحت الشجرة ، فرجعنا إليها العام المقبل ، فعميت علينا .

وقال البخاري أيضا : حدثنا محمود ، حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن طارق بن عبد الرحمن ، قال : انطلقت حاجا ، فمررت بقوم يصلون ، فقلت : ما هذا المسجد ؟ قالوا : هذه الشجرة ، حيث بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان . فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته ، فقال سعيد : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة . قال : فلما كان من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها . ثم قال سعيد : إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها [ ص: 226 ] وعلمتموها أنتم ؟! فأنتم أعلم! . ورواه البخاري ومسلم من حديث الثوري وأبي عوانة وشبابة ، عن طارق .

وقال البخاري : حدثنا إسماعيل ، حدثني أخي ، عن سليمان ، عن عمرو بن يحيى ، عن عباد بن تميم قال : لما كان يوم الحرة والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة ، فقال ابن زيد : على ما يبايع ابن حنظلة الناس ؟ قيل له : على الموت . فقال : لا أبايع على ذلك أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان شهد معه الحديبية . وقد رواه البخاري أيضا ، ومسلم من طرق ، عن عمرو بن يحيى ، به .

وقال البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا حاتم ، عن يزيد بن أبي عبيد قال : قلت لسلمة بن الأكوع : على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ؟ قال : على الموت . ورواه مسلم من حديث يزيد بن أبي عبيد . [ ص: 227 ]

وفي " صحيح مسلم " عن سلمة أنه بايع ثلاث مرات ؛ في أوائل الناس ووسطهم وأواخرهم . وفي " صحيح مسلم " عن معقل بن يسار أنه كان آخذا بأغصان الشجرة عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبايع الناس . وكان أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أبو سنان ، وهو وهب بن محصن ، أخو عكاشة بن محصن ، وقيل : سنان بن أبي سنان .

وقال البخاري : حدثني شجاع بن الوليد ، سمع النضر بن محمد ، حدثنا صخر بن الربيع ، عن نافع قال : إن الناس يتحدثون أن ابن عمر أسلم قبل عمر ، وليس كذلك ، ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له ، عند رجل من الأنصار ، أن يأتي به ليقاتل عليه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع عند الشجرة وعمر لا يدري بذلك ، فبايعه عبد الله ، ثم ذهب إلى الفرس ، فجاء به إلى عمر ، وعمر يستلئم للقتال ، فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع تحت الشجرة . قال : فانطلق فذهب معه حتى بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي التي يتحدث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر .

وقال هشام بن عمار : حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا عمر بن محمد [ ص: 228 ] العمري ، أخبرني نافع ، عن ابن عمر أن الناس كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تفرقوا في ظلال الشجر ، فإذا الناس محدقون بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا عبد الله ، انظر ما شأن الناس قد أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فوجدهم يبايعون ، فبايع ثم رجع إلى عمر ، فخرج فبايع . تفرد به البخاري من هذين الوجهين .

التالي السابق


الخدمات العلمية