صفحة جزء
[ ص: 123 ]

إسلام كعب بن زهير بن أبي سلمى ، رضي الله عنه ، وأبوه هو صاحب إحدى المعلقات السبع ، الشاعر ابن الشاعر ، وذكر قصيدته التي سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي : بانت سعاد .

قال ابن إسحاق : ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير بن أبي سلمى إلى أخيه لأبويه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه ، وأن من بقي من شعراء قريش; ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب هربوا في كل وجه ، فإن كانت لك في نفسك حاجة ، فطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا ، وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك من الأرض . وكان كعب قد قال :


ألا أبلغا عني بجيرا رسالة فويحك مما قلت ويحك هل لكا     فبين لنا إن كنت لست بفاعل
على أي شيء غير ذلك دلكا [ ص: 124 ]     على خلق لم ألف يوما أبا له
عليه وما تلفي عليه أبا لكا     فإن أنت لم تفعل فلست بآسف
ولا قائل إما عثرت لعا لكا     سقاك بها المأمون كأسا روية
فأنهلك المأمون منها وعلكا

قال ابن هشام وأنشدني بعض أهل العلم بالشعر :


من مبلغ عني بجيرا رسالة     فهل لك فيما قلت بالخيف هل لكا
شربت مع المأمون كأسا روية     فأنهلك المأمون منها وعلكا
وخالفت أسباب الهدى واتبعته     على أي شيء ويب غيرك دلكا
على خلق لم تلف أما ولا أبا     عليه ولم تدرك عليه أخا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف     ولا قائل إما عثرت لعا لكا

قال ابن إسحاق : وبعث بها إلى بجير فلما أتت بجيرا كره أن يكتمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنشده إياها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع : سقاك بها المأمون " صدق وإنه لكذوب ، أنا المأمون " . ولما سمع : على خلق لم تلف أما ولا أبا عليه . قال : " أجل لم يلف عليه أباه ولا أمه " . قال : ثم كتب [ ص: 125 ] بجير إلى كعب يقول له :


من مبلغ كعبا فهل لك في التي     تلوم عليها باطلا وهي أحزم
إلى الله لا العزى ولا اللات وحده     فتنجو إذا كان النجاء وتسلم
لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت     من الناس إلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه     ودين أبي سلمى علي محرم

قال : فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت به الأرض ، وأشفق على نفسه ، وأرجف به من كان في حاضره من عدوه ، وقالوا : هو مقتول . فلما لم يجد من شيء بدا قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر فيها خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه ، ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل - كانت بينه وبينه معرفة - من جهينة ، كما ذكر لي ، فغدا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح ، فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أشار له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هذا رسول الله ، فقم إليه فاستأمنه . فذكر لي أنه قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إليه ، ووضع يده في يده ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه ، فقال : يا رسول الله ، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما ، فهل أنت قابل منه إن جئتك به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم " . فقال : إذا أنا يا رسول الله كعب بن زهير قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه وثب عليه رجل من الأنصار ، فقال : يا رسول الله ، دعني وعدو الله أضرب عنقه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعه عنك ، فإنه قد جاء تائبا نازعا " قال : فغضب كعب بن زهير على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم; وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير ، فقال في قصيدته التي قال حين قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم :


بانت سعاد فقلبي اليوم متبول     متيم إثرها لم يفد مكبول
وما سعاد غداة البين إذ برزت     إلا أغن غضيض الطرف مكحول
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت     كأنه منهل بالراح معلول
[ ص: 127 ] شجت بذي شبم من ماء محنية     صاف بأبطح أضحى وهو مشمول
تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه     من صوب غادية بيض يعاليل
فيا لها خلة لو أنها صدقت     بوعدها أو لو ان النصح مقبول
لكنها خلة قد سيط من دمها     فجع وولع وإخلاف وتبديل
فما تدوم على حال تكون بها     كما تلون في أثوابها الغول
وما تمسك بالعهد الذي زعمت     إلا كما يمسك الماء الغرابيل
فلا يغرنك ما منت وما وعدت     إن الأماني والأحلام تضليل
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا     وما مواعيدها إلا الأباطيل
أرجو وآمل أن يعجلن في أبد     وما لهن إخال الدهر تعجيل
أمست سعاد بأرض لا يبلغها     إلا العتاق النجيبات المراسيل
ولن يبلغها إلا عذافرة     فيها على الأين إرقال وتبغيل
من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت     عرضتها طامس الأعلام مجهول
ترمي النجاد بعيني مفرد لهق     إذا توقدت الحزان والميل
ضخم مقلدها فعم مقيدها     في خلقها عن بنات الفحل تفضيل
حرف أخوها أبوها من مهجنة     وعمها خالها قوداء شمليل
يمشي القراد عليها ثم يزلقه     منها لبان وأقراب زهاليل
عيرانة قذفت بالنحض عن عرض     مرفقها عن بنات الزور مفتول
قنواء في حرتيها للبصير بها     عتق مبين وفي الخدين تسهيل
كأن ما فات عينيها ومذبحها     من خطمها ومن اللحيين برطيل
تمر مثل عسيب النخل ذا خصل     في غارز لم تخونه الأحاليل
تهوي على يسرات وهي لاهية     ذوابل وقعهن الأرض تحليل
سمر العجايات يتركن الحصى زيما     لم يقهن رءوس الأكم تنعيل
يوما يظل به الحرباء مرتبئا     كأن ضاحيه بالشمس مملول
وقال للقوم حاديهم وقد جعلت     ورق الجنادب يركضن الحصا قيلوا
كأن أوب ذراعيها وقد عرقت     وقد تلفع بالقور العساقيل
أوب يدي فاقد شمطاء معولة     قامت فجاوبها نكد مثاكيل
[ ص: 131 ] نواحة رخوة الضبعين ليس لها     لما نعى بكرها الناعون معقول
تفري اللبان بكفيها ومدرعها     مشقق عن تراقيها رعابيل
تسعى الغواة جنابيها وقولهم     إنك يابن أبي سلمى لمقتول
وقال كل صديق كنت آمله     لا ألهينك إني عنك مشغول
فقلت خلوا سبيلي لا أبا لكم     فكل ما قدر الرحمن مفعول
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته     يوما على آلة حدباء محمول
نبئت أن رسول الله أوعدني .     والعفو عند رسول الله مأمول
مهلا هداك الذي أعطاك نافلة     القرآن فيه مواعيظ وتفصيل
لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم     أذنب ولو كثرت في الأقاويل
لقد أقوم مقاما لو يقوم به     أرى وأسمع ما قد يسمع الفيل
[ ص: 132 ] لظل ترعد من وجد بوادره     إن لم يكن من رسول الله تنويل
حتى وضعت يميني ما أنازعه     في كف ذي نقمات قوله القيل
فلهو أخوف عندي إذ أكلمه     وقيل إنك منسوب ومسئول
من ضيغم بضراء الأرض مخدره     في بطن عثر غيل دونه غيل
يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما     لحم من الناس معفور خراديل
إذا يساور قرنا لا يحل له     أن يترك القرن إلا وهو مفلول
منه تظل حمير الوحش نافرة     ولا تمشي بواديه الأراجيل
[ ص: 133 ] ولا يزال بواديه أخو ثقة     مضرج البز والدرسان مأكول
إن الرسول لنور يستضاء به     مهند من سيوف الله مسلول
في عصبة من قريش قال قائلهم     ببطن مكة لما أسلموا زولوا
زالوا فما زال أنكاس ولا كشف     عند اللقاء ولا ميل معازيل
يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم     ضرب إذا عرد السود التنابيل
شم العرانين أبطال لبوسهم     من نسج داود في الهيجا سرابيل
بيض سوابغ قد شكت لها حلق     كأنها حلق القفعاء مجدول
ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم     قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا
[ ص: 134 ] لا يقع الطعن إلا في نحورهم     وما لهم عن حياض الموت تهليل

هكذا أورد محمد بن إسحاق هذه القصيدة ، ولم يذكر لها إسنادا .

وقد رواها الحافظ البيهقي في " دلائل النبوة " بإسناد متصل ، فقال : أنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الأسدي بهمدان ، ثنا إبراهيم بن الحسين ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير بن أبي سلمى عن أبيه ، عن جده قال : خرج كعب وبجير ابنا زهير حتى أتيا أبرق العزاف ، فقال بجير لكعب : اثبت في هذا المكان حتى آتي هذا الرجل - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - فأسمع ما يقول . فثبت كعب وخرج بجير فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعرض عليه الإسلام فأسلم ، فبلغ ذلك كعبا فقال :


ألا أبلغا عني بجيرا رسالة     على أي شيء ويب غيرك دلكا
على خلق لم تلف أما ولا أبا     عليه ولم تدرك عليه أخا لكا
[ ص: 135 ] سقاك أبو بكر بكأس روية     وأنهلك المأمون منها وعلكا

فلما بلغت الأبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدر دمه ، وقال : " من لقي كعبا فليقتله " . فكتب بذلك بجيرا إلى أخيه ، وذكر له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمه ، ويقول له : النجاء وما أراك تنفلت . ثم كتب إليه بعد ذلك : اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، إلا قبل ذلك منه وأسقط ما كان قبل ذلك ، فإذا جاءك كتابي هذا ، فأسلم وأقبل . قال : فأسلم كعب وقال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أقبل حتى أناخ راحلته بباب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه كالمائدة بين القوم ، متحلقون معه حلقة خلف حلقة ، يلتفت إلى هؤلاء مرة فيحدثهم ، وإلى هؤلاء مرة فيحدثهم . قال كعب : فأنخت راحلتي بباب المسجد ، ثم دخلت المسجد ، فعرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفة ، فتخطيت حتى جلست إليه ، فأسلمت وقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك محمد رسول الله ، الأمان يا رسول الله . قال : " ومن أنت؟ " قلت : كعب بن زهير قال : " الذي يقول " . ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال : " كيف قال يا أبا بكر؟ " فأنشده أبو بكر : .


سقاك أبو بكر بكأس روية     وأنهلك المأمور منها وعلكا

[ ص: 136 ] قال : يا رسول الله ، ما قلت هكذا . قال : " فكيف قلت؟ " قال : قلت :


سقاك أبو بكر بكأس روية     وأنهلك المأمون منها وعلكا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مأمون والله " . ثم أنشده القصيدة كلها حتى أتى على آخرها ،
وهي هذه القصيدة :


بانت سعاد فقلبي اليوم متبول     متيم عندها لم يفد مكبول

وقد تقدم ما ذكرناه من الرمز لما اختلف فيه إنشاد ابن إسحاق والبيهقي رحمهما الله عز وجل . وذكر أبو عمر بن عبد البر في كتاب " الاستيعاب " أن كعبا لما انتهى إلى قوله :


إن الرسول لنور يستضاء به     مهند من سيوف الله مسلول
نبئت أن رسول الله أوعدني     والعفو عند رسول الله مأمول

قال : فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من معه أن اسمعوا . وقد ذكر ذلك قبله موسى بن عقبة في " مغازيه " ، ولله الحمد والمنة .

قلت : ورد في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه بردته حين أنشده [ ص: 137 ] القصيدة . وقد نظم ذلك الصرصري في بعض مدائحه . وهكذا ذكر ذلك الحافظ أبو الحسن بن الأثير في " الغابة " قال : وهي البردة التي عند الخلفاء .

قلت : وهذا من الأمور المشهورة جدا ، ولكن لم أر ذلك في شيء من هذه الكتب المشهورة بإسناد أرتضيه . فالله أعلم .

وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لما قال : بانت سعاد : " ومن سعاد؟ " قال : زوجتي يا رسول الله . قال : " لم تبن " . ولكن لم يصح ذلك ، وكأنه على ذلك توهم أن بإسلامه تبين امرأته ، والظاهر أنه إنما أراد البينونة الحسية لا الحكمية . والله تعالى أعلم .

قال ابن إسحاق : وقال عاصم بن عمر بن قتادة : فلما قال كعب - يعني في قصيدته - : إذا عرد السود التنابيل . وإنما يريدنا معشر الأنصار; لما كان صاحبنا صنع به ، وخص المهاجرين من قريش بمدحته; غضبت عليه الأنصار فقال بعد أن أسلم يمدح الأنصار ، ويذكر بلاءهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعهم من اليمن :

[ ص: 138 ]

من سره كرم الحياة فلا يزل     في مقنب من صالحي الأنصار
ورثوا المكارم كابرا عن كابر     إن الخيار هم بنو الأخيار
المكرهين السمهري بأذرع     كسوالف الهندي غير قصار
والناظرين بأعين محمرة     كالجمر غير كليلة الإبصار
والبائعين نفوسهم لنبيهم     للموت يوم تعانق وكرار
والقائدين الناس عن أديانهم     بالمشرفي وبالقنا الخطار
يتطهرون يرونه نسكا لهم     بدماء من علقوا من الكفار
دربوا كما دربت ببطن خفية     غلب الرقاب من الأسود ضواري
وإذا حللت ليمنعوك إليهم     أصبحت عند معاقل الأغفار
[ ص: 139 ] ضربوا عليا يوم بدر ضربة     دانت لوقعتها جميع نزار
لو يعلم الأقوام علمي كله     فيهم لصدقني الذين أماري
قوم إذا خوت النجوم فإنهم     للطارقين النازلين مقاري

قال ابن هشام ويقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين أنشده بانت سعاد : لولا ذكرت الأنصار بخير ، فإنهم لذلك أهل فقال كعب هذه الأبيات وهي في قصيدة له .

قال : وبلغني عن علي بن زيد بن جدعان أن كعب بن زهير أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد : بانت سعاد فقلبي اليوم متبول . وقد رواه الحافظ البيهقي بإسناده المتقدم إلى إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثني معن بن عيسى حدثني محمد بن عبد الرحمن الأوقص عن ابن جدعان فذكره ، وهو مرسل .

وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله ، في كتاب " الاستيعاب في [ ص: 140 ] معرفة الأصحاب " بعد ما أورد طرفا من ترجمة كعب بن زهير إلى أن قال : وقد كان كعب بن زهير شاعرا مجودا كثير الشعر مقدما في طبقته هو وأخوه بجير وكعب أشعرهما ، وأبوهما زهير فوقهما ، ومما يستجاد من شعر كعب بن زهير قوله :


لو كنت أعجب من شيء لأعجبني     سعي الفتى وهو مخبوء له القدر
يسعى الفتى لأمور ليس يدركها     فالنفس واحدة والهم منتشر
والمرء ما عاش ممدود له أمل     لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر

ثم أورد له ابن عبد البر أشعارا كثيرة يطول ذكرها ولم يؤرخ وفاته ، وكذا لم يؤرخها أبو الحسن بن الأثير في كتاب " الغابة في معرفة الصحابة " ولكن حكى أن أباه توفي قبل المبعث بسنة . فالله أعلم .

وقال السهيلي : ومما أجاد فيه كعب بن زهير قوله يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم :


تجري به الناقة الأدماء معتجرا     بالبرد كالبدر جلى ليلة الظلم
ففي عطافيه أو أثناء بردته     ما يعلم الله من دين ومن كرم

التالي السابق


الخدمات العلمية