صفحة جزء
[ ص: 201 ] ذكر ما كان من الحوادث بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة منصرفه من تبوك .

قال الحافظ البيهقي : حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو البختري عبد الله بن محمد بن شاكر حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا عم أبي زحر بن حصن عن جده حميد بن منهب قال : سمعت جدي خريم بن أوس بن حارثة بن لام يقول : هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من تبوك ، فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول : يا رسول الله ، إني أريد أن أمتدحك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قل لا يفضض الله فاك . فقال :


من قبلها طبت في الظلال وفي مستودع حيث يخصف الورق [ ص: 202 ]     ثم هبطت البلاد لا بشر
أنت ولا مضغة ولا علق     بل نطفة تركب السفين وقد
ألجم نسرا وأهله الغرق     تنقل من صالب إلى رحم
إذا مضى عالم بدا طبق     حتى احتوى بيتك المهيمن من
خندف علياء تحتها النطق     وأنت لما ولدت أشرقت الأر
ض وضاءت بنورك الأفق     فنحن في ذلك الضياء وفي
النور وسبل الرشاد نخترق

ورواه البيهقي من طريق أخرى ، عن أبي السكين زكريا بن يحيى الطائي وهو في جزء له مروي عنه . قال البيهقي : وزاد : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه الحيرة البيضاء رفعت لي ، وهذه الشيماء بنت بقيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود " . فقلت يا رسول الله ، إن نحن دخلنا الحيرة فوجدتها كما تصف فهي لي ؟ قال : " هي لك " . قال : ثم كانت الردة ، فما ارتد أحد من طيئ ، وكنا نقاتل من يلينا من العرب على الإسلام ، فكنا نقاتل قيسا وفيها عيينة بن حصن وكنا نقاتل بني أسد وفيهم طليحة بن خويلد وكان خالد بن الوليد يمدحنا ، وكان فيما قال فينا :


جزى الله عنا طيئا في ديارها     بمعترك الأبطال خير جزاء
هم أهل رايات السماحة والندى     إذا ما الصبا ألوت بكل خباء
[ ص: 203 ] هم ضربوا قيسا على الدين بعدما     أجابوا منادي ظلمة وعماء

قال : ثم سار خالد إلى مسيلمة الكذاب فسرنا معه ، فلما فرغنا من مسيلمة أقبلنا إلى ناحية البصرة ، فلقينا هرمز بكاظمة في جيش هو أكبر من جمعنا ، ولم يكن أحد من الناس أعدى للعرب والإسلام من هرمز فخرج إليه خالد ودعاه إلى البراز ، فبرز له فقتله خالد وكتب بخبره إلى الصديق فنفله سلبه ، فبلغت قلنسوة هرمز مائة ألف درهم ، وكانت الفرس إذا شرف فيها الرجل جعلت قلنسوته بمائة ألف درهم . قال : ثم أقبلنا على طريق الطف إلى الحيرة ، فأول من تلقانا حين دخلناها الشيماء بنت بقيلة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود " . فتعلقت بها وقلت : هذه وهبها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدعاني خالد عليها بالبينة ، فأتيته بها ، وكانت البينة محمد بن مسلمة ومحمد بن بشير الأنصاري فسلمها إلي ، فنزل إلي أخوها عبد المسيح يريد الصلح ، فقال : بعنيها . فقلت : لا أنقصها والله عن عشر مائة درهم . فأعطاني ألف درهم ، وسلمتها إليه فقيل : لو قلت مائة ألف لدفعها إليك . فقلت : ما كنت أحسب أن عددا أكثر من عشر مائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية