صفحة جزء
فصل ( الأمور الحادثة سنة تسع ) .

كان في هذه السنة - أعني في سنة تسع - من الأمور الحادثة غزوة تبوك في [ ص: 230 ] رجب منها كما تقدم بيانه . قال الواقدي : وفي رجب منها مات النجاشي صاحب الحبشة ونعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس . وفي شعبان منها - أي من هذه السنة - توفيت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فغسلتها أسماء بنت عميس ، وصفية بنت عبد المطلب ، وقيل : غسلها نسوة من الأنصار فيهم أم عطية .

قلت : وهذا ثابت في " الصحيحين " ، وثبت في الحديث أيضا أنه ، عليه الصلاة والسلام ، لما صلى عليها وأراد دفنها قال : " لا يدخله أحد قارف الليلة أهله " . فامتنع زوجها عثمان لذلك ، ودفنها أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه ، ويحتمل أنه أراد بهذا الكلام من كان يتولى ذلك ممن يتبرع بالحفر والدفن من الصحابة كأبي عبيدة وأبي طلحة ومن شابههم فقال : " لا يدخل قبرها إلا من لم يقارف أهله من هؤلاء " . إذ يبعد أن عثمان كان عنده غير أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا بعيد والله أعلم .

وفيها صالح ملك أيلة وأهل جرباء وأذرح وصاحب دومة الجندل كما تقدم إيضاح ذلك كله في مواضعه . وفيها هدم مسجد الضرار الذي بناه جماعة المنافقين صورة مسجد ، وهو دار حرب في الباطن فأمر به ، عليه الصلاة والسلام ، [ ص: 231 ] فحرق . وفي رمضان منها قدم وفد ثقيف فصالحوا عن قومهم ورجعوا إليهم بالأمان ، وكسرت اللات كما تقدم ، وفيها توفي عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين ، لعنه الله ، في أواخرها ، وقبله بأشهر توفي معاوية بن معاوية الليثي - أو المزني - وهو الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتبوك إن صح الخبر في ذلك ، وفيها حج أبو بكر رضي الله عنه ، بالناس عن إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم له في ذلك ، وفيها كان قدوم عامة وفود أحياء العرب ، ولذلك تسمى سنة تسع سنة الوفود ، وها نحن نعقد لذلك كتابا برأسه اقتداء بالبخاري وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية