صفحة جزء
قدوم عمرو بن معد يكرب في أناس من زبيد

قال ابن إسحاق : وقد كان عمرو بن معد يكرب قال لقيس بن مكشوح المرادي ، حين انتهى إليهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا قيس ، إنك سيد قومك وقد ذكر لنا أن رجلا من قريش يقال له : محمد . قد خرج بالحجاز ، يقال : إنه نبي . فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه ، فإن كان نبيا كما يقول ، فإنه لن يخفى علينا ، وإذا لقيناه اتبعناه ، وإن كان غير ذلك علمنا علمه . فأبى عليه قيس ذلك ، وسفه رأيه ، فركب عمرو بن معد يكرب حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأسلم وصدقه وآمن به ، فلما بلغ ذلك قيس بن مكشوح ، أوعد عمرا وقال : خالفني وترك أمري ورأيي . فقال عمرو بن معد يكرب في ذلك :

أمرتك يوم ذي صنعا ء أمرا باديا رشده      [ ص: 309 ] أمرتك باتقاء الله
والمعروف تتعده     خرجت من المنى مثل ال
حمير غره وتده     تمناني على فرس
عليه جالسا أسده     علي مفاضة كالنه
ي أخلص ماءه جدده     ترد الرمح منثني الس
نان عوائرا قصده     فلو لاقيتني للقي
ت ليثا فوقه لبده     تلاقي شنبثا شثن ال
براثن ناشزا كتده     يسامي القرن إن قرن
تيممه فيعتضده     فيأخذه فيرفعه
فيخفضه فيقتصده     فيدمغه فيحطمه
فيخضمه فيزدرده     ظلوم الشرك فيما أح
رزت أنيابه ويده

[ ص: 310 ] قال ابن إسحاق : فأقام عمرو بن معد يكرب في قومه من بني زبيد وعليهم فروة بن مسيك ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد عمرو بن معد يكرب في من ارتد وهجا فروة بن مسيك فقال :


وجدنا ملك فروة شر ملك     حمارا ساف منخره بثفر
وكنت إذا رأيت أبا عمير     ترى الحولاء من خبث وغدر

قلت : ثم رجع إلى الإسلام ، وحسن إسلامه ، وشهد فتوحات كثيرة في أيام الصديق ، وعمر الفاروق رضي الله عنهما ، وكان من الشجعان المذكورين ، والأبطال المشهورين ، والشعراء المجيدين ، توفي سنة إحدى وعشرين بعدما شهد فتح نهاوند وقيل : بل شهد القادسية وقتل يومئذ .

قال أبو عمر بن عبد البر : وكان وفوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تسع . وقيل : سنة عشر . فيما ذكره ابن إسحاق والواقدي .

قلت : وفي كلام الشافعي ما يدل عليه . فالله أعلم .

قال يونس عن ابن إسحاق وقد قيل : إن عمرو بن معد يكرب لم يأت النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال في ذلك :

[ ص: 311 ]

إنني بالنبي موقنة نف     سي وإن لم أر النبي عيانا
سيد العالمين طرا وأدنا     هم إلى الله حين بان مكانا
جاءنا بالناموس من لدن الله     وكان الأمين فيه المعانا
حكمه بعد حكمة وضياء     فاهتدينا بنورها من عمانا
وركبنا السبيل حين ركبن     اه جديدا بكرهنا ورضانا
وعبدنا الإله حقا وكنا     للجهالات نعبد الأوثانا
وائتلفنا به وكنا عدوا     فرجعنا به معا إخوانا
فعليه السلام والسلم منا     حيث كنا من البلاد وكانا
إن نكن لم نر النبي فإنا     قد تبعنا سبيله إيمانا

التالي السابق


الخدمات العلمية