صفحة جزء
[ ص: 343 ] وفادة الحارث بن حسان البكري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال الإمام أحمد : حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي ، حدثنا عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، عن الحارث البكري قال : خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمررت بالربذة ، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها ، فقالت : يا عبد الله إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة ، فهل أنت مبلغي إليه ؟ قال : فحملتها ، فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله ، وإذا راية سوداء تخفق وبلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : ما شأن الناس ؟ قالوا : يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها . قال : فجلست فدخل منزله - أو قال : رحله - فاستأذنت عليه فأذن لي ، فدخلت فسلمت ، فقال : " هل كان بينكم وبين تميم شيء ؟ " قلت : نعم ، وكانت الدائرة عليهم ، ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها ، فسألتني أن أحملها إليك ، وهاهي بالباب . فأذن لها فدخلت ، فقلت : يا رسول الله ، إن رأيت أن تجعل بيننا وبين تميم حاجزا فاجعل الدهناء . [ ص: 344 ] فحميت العجوز واستوفزت ، وقالت : يا رسول الله ، أين يضطر مضرك ؟ قال : قلت : إنما مثلي ما قال الأول : معزى حملت حتفها . حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما ، أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد . قال : " هيه ، وما وافد عاد ؟ " وهو أعلم بالحديث منه ، ولكن يستطعمه . قلت : إن عادا قحطوا فبعثوا وافدا لهم يقال له : قيل . فمر بمعاوية بن بكر ، فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر ، وتغنيه جاريتان يقال لهما : الجرادتان . فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة فقال : اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه ، ولا إلى أسير فأفاديه ، اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه . فمرت به سحابات سود فنودي منها : اختر . فأومأ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها : خذها رمادا رمددا ، لا تبقي من عاد أحدا . قال : فما بلغني أنه أرسل عليهم من الريح ، إلا بقدر ما يجري في خاتمي هذا ، حتى هلكوا . قال أبو وائل [ ص: 345 ] وصدق . قال : وكانت المرأة أو الرجل إذا بعثوا وافدا لهم قالوا : لا تكن كوافد عاد . وقد رواه الترمذي ، والنسائي من حديث أبي المنذر سلام بن سليمان به . ورواه ابن ماجه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن الحارث البكري ، ولم يذكر أبا وائل ، وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن الحارث ، والصواب : عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن الحارث كما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية