1. الرئيسية
  2. البداية والنهاية
  3. سنة عشر من الهجرة النبوية
  4. بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع
صفحة جزء
باب بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع

ثم قال البخاري : حدثنا أحمد بن عثمان ، ثنا شريح بن مسلمة ، ثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق ، حدثني أبي ، عن أبي إسحاق ، سمعت البراء بن عازب قال : بعثنا [ ص: 391 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد بن الوليد إلى اليمن . قال : ثم بعث عليا بعد ذلك مكانه قال : " مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب ، ومن شاء فليقبل " . فكنت فيمن عقب معه . قال : فغنمت أواقي ذات عدد انفرد به البخاري من هذا الوجه .

ثم قال البخاري : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا روح بن عبادة ، ثنا علي بن سويد بن منجوف ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس ، وكنت أبغض عليا ، فأصبح وقد اغتسل ، فقلت لخالد : ألا ترى إلى هذا ؟ فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له . فقال : يا بريدة تبغض عليا ؟ " . فقلت : نعم . فقال : " لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك " انفرد به البخاري دون مسلم من هذا الوجه .

وقال الإمام أحمد : ثنا يحيى بن سعيد ، ثنا عبد الجليل قال : انتهيت إلى [ ص: 392 ] حلقة فيها أبو مجلز ، وابن بريدة ، فقال عبد الله بن بريدة : حدثني أبي بريدة قال : أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا قط . قال : وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليا . قال : فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه عليا . قال : فأصبنا سبيا . قال : فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابعث إلينا من يخمسه . قال : فبعث إلينا عليا ، وفي السبي وصيفة من أفضل السبي . قال : فخمس وقسم ، فخرج ورأسه يقطر ، فقلنا : يا أبا الحسن ، ما هذا ؟ فقال : ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي ، فإني قسمت وخمست فصارت في الخمس ، ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم صارت في آل علي ، ووقعت بها . قال : فكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ابعثني . فبعثني مصدقا ، فجعلت أقرأ الكتاب وأقول : صدق . قال : فأمسك يدي والكتاب فقال : " أتبغض عليا ؟ " قال : قلت : نعم . قال : " فلا تبغضه ، وإن كنت تحبه فازدد له حبا ، فوالذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة " . قال : فما كان من الناس أحد بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلي من علي . قال عبد الله بن بريدة : فوالذي لا إله غيره ما بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث غير أبي بريدة . تفرد به بهذا السياق عبد الجليل بن عطية الفقيه أبو صالح البصري ; وثقه ابن معين وابن حبان ، وقال البخاري : [ ص: 393 ] إنما يهم في الشيء بعد الشيء .

وقال محمد بن إسحاق : ثنا أبان بن صالح ، عن عبد الله بن نيار الأسلمي ، عن خاله عمرو بن شاس الأسلمي ، وكان من أصحاب الحديبية قال : كنت مع علي بن أبي طالب في خيله التي بعثه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ، فجفاني علي بعض الجفاء ، فوجدت في نفسي عليه ، فلما قدمت المدينة اشتكيته في مجالس المدينة وعند من لقيته ، فأقبلت يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد ، فلما رآني أنظر إلى عينيه نظر إلي حتى جلست إليه ، فلما جلست إليه قال : " إنه والله يا عمرو بن شاس لقد آذيتني " . فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، أعوذ بالله والإسلام أن أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : " من آذى عليا فقد آذاني " . وقد رواه البيهقي من وجه آخر ، عن ابن إسحاق عن أبان ، عن الفضل بن معقل بن سنان ، عن عبد الله بن نيار ، عن خاله عمرو بن شاس ، فذكره بمعناه .

وقال الحافظ البيهقي : أنبأنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو إسحاق [ ص: 394 ] المزكي ، أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن علي الجوزجاني ، ثنا أبو عبيدة بن أبي السفر ، سمعت إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام . قال البراء : فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد ، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام ، فلم يجيبوه ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب ، وأمره أن يقفل خالدا ، إلا رجلا كان ممن مع خالد فأحب أن يعقب مع علي فليعقب معه . قال البراء : فكنت فيمن عقب مع علي ، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا فصلى بنا علي ، ثم صفنا صفا واحدا ، ثم تقدم بين أيدينا ، وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همدان جميعا ، فكتب علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم ، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجدا ، ثم رفع رأسه فقال : " السلام على همدان ، السلام على همدان " . قال البيهقي : رواه البخاري مختصرا من وجه آخر ، عن إبراهيم بن يوسف .

وقال البيهقي : أنبأنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن [ ص: 395 ] الفضل القطان ، أنبأنا أبو سهل بن زياد القطان ، حدثنا أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق القاضي ، ثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثني أخي ، عن سليمان بن بلال ، عن سعد بن إسحاق بن كعب ، عن عجرة ، عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى اليمن . قال أبو سعيد : فكنت فيمن خرج معه ، فلما أخذ من إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا - وكنا قد رأينا في إبلنا خللا - فأبى علينا وقال : إنما لكم فيها سهم كما للمسلمين . قال : فلما فرغ علي وانطلق من اليمن راجعا ، أمر علينا إنسانا وأسرع هو فأدرك الحج ، فلما قضى حجته قال له النبي صلى الله عليه وسلم : " ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم " . قال أبو سعيد : وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا إياه ، ففعل ، فلما عرف في إبل الصدقة أنها قد ركبت ، ورأى أثر الراكب ذم الذي أمره ولامه ، فقلت : أما إن لله علي لئن قدمت المدينة لأذكرن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأخبرنه ما لقينا من الغلظة والتضييق . قال : فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد أن أفعل ما كنت حلفت عليه ، فلقيت أبا بكر خارجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رآني وقف معي ورحب بي ، وساءلني وساءلته وقال : متى قدمت ؟ فقلت : قدمت البارحة . فرجع معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل وقال : هذا سعد بن [ ص: 396 ] مالك بن الشهيد . فقال : " ائذن له " . فدخلت فحييت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياني ، وأقبل علي وسألني عن نفسي وأهلي ، وأحفى المسألة ، فقلت : يا رسول الله ، ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق ؟ فانتبذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعلت أنا أعدد ما لقينا منه حتى إذا كنت في وسط كلامي ، ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي ، وكنت منه قريبا ، وقال : " يا سعد بن مالك بن الشهيد مه بعض قولك لأخيك علي ، فوالله لقد علمت أنه أخشن في سبيل الله " . قال : فقلت في نفسي : ثكلتك أمك سعد بن مالك ! ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم وما أدري ، لا جرم والله لا أذكره بسوء أبدا سرا ولا علانية . وهذا إسناد جيد على شرط النسائي ، ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة .

وقد قال يونس ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي عمرة ، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال : إنما وجد جيش علي بن أبي طالب الذين كانوا معه باليمن ; لأنهم حين أقبلوا خلف عليهم رجلا ، وتعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فعمد الرجل فكسا كل رجل حلة ، فلما دنوا خرج علي يستقبلهم ، فإذا عليهم الحلل ، قال علي : ما هذا ؟ قالوا : [ ص: 397 ] كسانا فلان . قال : فما دعاك إلى هذا قبل تقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصنع ما شاء ؟ فنزع الحلل منهم ، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكوه لذلك ، وكانوا قد صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما بعث عليا إلى جزية موضوعة .

قلت : هذا السياق أقرب من سياق البيهقي ، وذلك أن عليا سبقهم لأجل الحج ، وساق معه هديا ، وأهل بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يمكث حراما . وفي رواية البراء بن عازب أنه قال له : إني سقت الهدي وقرنت

والمقصود أن عليا لما كثر فيه القيل والقال من ذلك الجيش ; بسبب منعه إياهم استعمال إبل الصدقة ، واسترجاعه منهم الحلل التي أطلقها لهم نائبه ، وعلي معذور فيما فعل ، لكن اشتهر الكلام فيه في الحجيج ، فلذلك - والله أعلم - لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجته وتفرغ من مناسكه ورجع إلى المدينة فمر بغدير خم ، قام في الناس خطيبا فبرأ ساحة علي ، ورفع من قدره ونبه على فضله ; ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس ، وسيأتي هذا مفصلا في موضعه ، إن شاء الله ، وبه الثقة .

وقال البخاري : ثنا قتيبة ، ثنا عبد الواحد ، عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة ، حدثني عبد الرحمن بن أبي نعم ، سمعت أبا سعيد الخدري يقول : بعث علي بن أبي طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن بذهيبة في أديم [ ص: 398 ] مقروظ ، لم تحصل من ترابها . قال : فقسمها بين أربعة ; بين عيينة بن بدر ، والأقرع بن حابس ، وزيد الخيل ، والرابع إما علقمة - يعني بن علاثة - وإما عامر بن الطفيل . فقال رجل من أصحابه : كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء ؟! " . قال : فقام رجل غائر العينين ، مشرف الوجنتين ، ناشز الجبهة ، كث اللحية ، محلوق الرأس ، مشمر الإزار ، فقال : يا رسول الله ، اتق الله . فقال : " ويلك ، أولست أحق الناس أن يتقي الله ؟! " . قال : ثم ولى الرجل . قال خالد بن الوليد : يا رسول الله ، ألا أضرب عنقه ؟ قال : " لا ، لعله أن يكون يصلي " . قال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم " . قال : ثم نظر إليه وهو مقف ، فقال : " إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " . أظنه قال : " لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود " . وقد رواه [ ص: 399 ] البخاري في مواضع أخر من كتابه ، ومسلم في كتاب الزكاة من " صحيحه " من طرق متعددة إلى عمارة بن القعقاع به .

وقال الإمام أحمد : ثنا يحيى ، عن الأعمش عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن علي قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا حديث السن . قال : فقلت : تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث ولا علم لي بالقضاء . قال : " إن الله سيهدي لسانك ، ويثبت قلبك " . قال : فما شككت في قضاء بين اثنين بعد ورواه ابن ماجه من حديث الأعمش به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، ثنا شريك ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن . قال : فقلت : يا رسول الله ، تبعثني إلى قوم أسن مني وأنا حدث لا أبصر القضاء ؟! قال : فوضع يده على صدري وقال " : اللهم ثبت لسانه ، واهد قلبه . يا علي ، إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء " . قال : فما اختلف علي قضاء بعد . أو : ما أشكل علي قضاء بعد . ورواه أحمد أيضا وأبو داود من طرق ، عن [ ص: 400 ] شريك ، والترمذي من حديث زائدة ، كلاهما عن سماك بن حرب ، عن حنش بن المعتمر - وقيل : ابن ربيعة الكناني الكوفي - عن علي به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الأجلح ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن أبي الخليل ، عن زيد بن أرقم أن نفرا وطئوا امرأة في طهر ، فقال علي لاثنين : أتطيبان نفسا لذا ؟ فقالا : لا . فأقبل على الآخرين فقال : أتطيبان نفسا لذا ؟ فقالا : لا . فقال : أنتم شركاء متشاكسون . فقال : إني مقرع بينكم . فأيكم قرع أغرمته ثلثي الدية ، وألزمته الولد . قال : فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لا أعلم إلا ما قال علي " .

وقال أحمد : ثنا سريج بن النعمان ، ثنا هشيم ، أنبأنا الأجلح ، عن الشعبي ، عن أبي الخليل ، عن زيد بن أرقم أن عليا أتي في ثلاثة نفر ، إذ كان في اليمن ، اشتركوا في ولد ، فأقرع بينهم فضمن الذي أصابته القرعة ثلثي الدية وجعل الولد له . قال زيد بن أرقم : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقضاء علي ، فضحك حتى بدت نواجذه .

ورواه أبو داود ، عن مسدد ، عن يحيى القطان ، والنسائي ، عن علي بن حجر ، عن علي بن مسهر ، كلاهما عن الأجلح بن عبد الله ، عن عامر الشعبي ، [ ص: 401 ] عن عبد الله بن الخليل - وقال النسائي في روايته : عبد الله بن أبي الخليل - عن زيد بن أرقم قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أهل اليمن فقال : إن ثلاثة نفر أتوا عليا يختصمون في ولد ، وقعوا على امرأة في طهر واحد . فذكر نحو ما تقدم . وقال : فضحك النبي صلى الله عليه وسلم . وقد روياه - أعني أبا داود والنسائي - من حديث شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن الشعبي ، عن أبي الخليل أو ابن الخليل ، عن علي قوله فأرسله ولم يرفعه .

وقد رواه الإمام أحمد أيضا ، عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن الأجلح ، عن الشعبي ، عن عبد خير ، عن زيد بن أرقم ، فذكر نحو ما تقدم . وأخرجه أبو داود والنسائي جميعا عن خشيش بن أصرم ، وابن ماجه ، عن إسحاق بن منصور ، كلاهما عن عبد الرزاق ، عن سفيان الثوري عن صالح الهمداني ، عن الشعبي ، عن عبد خير ، عن زيد بن أرقم به .

قال شيخنا في " الأطراف " : لعل عبد خير هذا هو عبد الله بن الخليل ، ولكن لم يضبط الراوي اسمه . قلت : فعلى هذا يقوى الحديث ، وإن كان غيره كان أجود لمتابعته له ، لكن الأجلح بن عبد الله الكندي فيه كلام ما ، وقد [ ص: 402 ] ذهب إلى القول بالقرعة في الأنساب الإمام أحمد وهو من أفراده .

وقال الإمام أحمد : ثنا أبو سعيد ، ثنا إسرائيل ، ثنا سماك ، عن حنش ، عن علي قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية للأسد ، فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر ، ثم تعلق رجل بآخر ، حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الأسد ، فانتدب له رجل بحربة فقتله ، وماتوا من جراحتهم كلهم ، فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر فأخرجوا السلاح ليقتتلوا ، فأتاهم علي على تفئة ذلك فقال : تريدون أن تقاتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي ؟! إني أقضي بينكم قضاء إن رضيتم فهو القضاء ، وإلا حجز بعضكم عن بعض حتى تأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فيكون هو الذي يقضي بينكم ، فمن عدا بعد ذلك فلا حق له ، اجمعوا من قبائل الذين حضروا البئر ربع الدية ، وثلث الدية ، ونصف الدية ، والدية كاملة ، فللأول الربع ; لأنه هلك من فوقه وللثاني ثلث الدية ، وللثالث نصف الدية ، وللرابع الدية . فأبوا أن [ ص: 403 ] يرضوا ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند مقام إبراهيم ، فقصوا عليه القصة ، فقال : " أنا أحكم بينكم " . فقال رجل من القوم : يا رسول الله ، إن عليا قضى فينا . فقصوا عليه القصة ، فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم رواه الإمام أحمد أيضا ، عن وكيع ، عن حماد بن سلمة عن سماك بن حرب ، عن حنش ، عن علي فذكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية