صفحة جزء
فصل ( الجمع بين الروايات التي قالت أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد بالحج والروايات التي قالت أنه حج قارنا بين الحج والعمرة )

إن قيل : قد رويتم عن جماعة من الصحابة أنه ، عليه الصلاة والسلام ، أفرد الحج ، ثم رويتم عن هؤلاء بأعيانهم وعن غيرهم ، أنه جمع بين الحج والعمرة ، فما الجمع بين ذلك ؟ فالجواب : أن رواية من روى أنه أفرد الحج محمولة على أنه أفرد أفعال الحج ، ودخلت العمرة فيه نية وفعلا ووقتا ، وهذا يدل على أنه اكتفى بطواف الحج وسعيه عنه وعنها ، كما هو مذهب الجمهور في القارن ، خلافا لأبي حنيفة ، رحمه الله ، حيث ذهب إلى أن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين ، واعتمد على ما روي في ذلك عن علي بن أبي طالب ، وفي الإسناد إليه نظر . وأما من روى التمتع ثم روى القران ، فقد قدمنا الجواب عن ذلك بأن التمتع في كلام السلف أعم من التمتع الخاص والقران ، بل ويطلقونه على الاعتمار في أشهر الحج وإن لم يكن معه حج ، كما قال سعد بن أبي [ ص: 488 ] وقاص تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا - يعني معاوية - يومئذ كافر بالعرش . يعني بمكة . وإنما يريد بهذا إحدى العمرتين ; إما الحديبية أو القضاء ، فأما عمرة الجعرانة فقد كان معاوية قد أسلم ; لأنها كانت بعد الفتح ، وحجة الوداع بعد ذلك سنة عشر ، وهذا بين واضح . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية