صفحة جزء
ذكر تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال الشافعي : أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " . وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها : لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والرغباء إليك والعمل . ورواه [ ص: 496 ] البخاري ، عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم عن يحيى بن يحيى ، كلاهما عن مالك به .

وقال مسلم : حدثنا محمد بن عباد ، ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، ونافع مولى عبد الله بن عمر ، وحمزة بن عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل ، فقال : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " . قالوا : وكان عبد الله يقول : هذه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال نافع : وكان عبد الله يزيد مع هذا : لبيك لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير بيديك لبيك ، والرغباء إليك والعمل .

حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبيد الله ، أخبرني نافع ، عن ابن عمر قال : تلقفت التلبية من في رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكر بمثل حديثهم .

حدثني حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال : فإن سالم بن عبد الله بن عمر أخبرني عن أبيه قال : سمعت [ ص: 497 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا يقول : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك " . لا يزيد على هؤلاء الكلمات ، وإن عبد الله بن عمر كان يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين ، ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل بهؤلاء الكلمات . وقال عبد الله بن عمر : كان عمر بن الخطاب يهل بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات ، وهو يقول : لبيك اللهم لبيك ، لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، لبيك والرغباء إليك والعمل . هذا لفظ مسلم ، وفي حديث جابر من التلبية كما في حديث ابن عمر ، وسيأتي مطولا قريبا . رواه مسلم منفردا به .

وقال البخاري ، بعد إيراده من طريق مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ما تقدم : حدثنا محمد بن يوسف ، ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عمارة ، عن أبي عطية ، عن عائشة قالت : إني لأعلم كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبي : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك " . تابعه أبو معاوية ، عن الأعمش . وقال شعبة : أخبرنا سليمان ، سمعت خيثمة ، عن أبي عطية ، سمعت عائشة . تفرد به البخاري .

وقد رواه الإمام أحمد ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان الثوري ، عن سليمان بن مهران الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي عطية الوادعي ، [ ص: 498 ] عن عائشة فذكر مثل ما رواه البخاري سواء . ورواه أحمد ، عن أبي معاوية ، وعبد الله بن نمير ، عن الأعمش ، كما ذكره البخاري سواء . ورواه أيضا ، عن محمد بن جعفر ، وروح بن عبادة ، عن شعبة ، عن سليمان بن مهران الأعمش به ، كما ذكره البخاري . وكذلك رواه أبو داود الطيالسي في " مسنده " عن شعبة سواء .

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي عطية قال : قالت عائشة : إني لأعلم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي . قال : ثم سمعتها تلبي ، فقالت : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك . فزاد في هذا السياق وحده : والملك لا شريك لك .

وقال البيهقي : أخبرنا الحاكم ، أنبأنا الأصم ، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، أن عبد الله بن الفضل حدثه عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة أنه قال : كان من تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لبيك إله الحق " . وقد رواه النسائي ، عن قتيبة ، عن [ ص: 499 ] حميد بن عبد الرحمن ، عن عبد العزيز بن أبي سلمة ، وابن ماجه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وعلي بن محمد ، كلاهما عن وكيع ، عن عبد العزيز به . قال النسائي : ولا أعلم أحدا أسنده عن عبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز ، ورواه إسماعيل بن أمية مرسلا .

وقال الشافعي : أنبأنا سعيد بن سالم القداح ، عن ابن جريج ، أخبرني حميد الأعرج ، عن مجاهد أنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يظهر من التلبية : " لبيك اللهم لبيك " . فذكر التلبية . قال : حتى إذا كان ذات يوم ، والناس يصرفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه ، فزاد فيها : " لبيك إن العيش عيش الآخرة " . قال ابن جريج وحسبت أن ذلك يوم عرفة . هذا مرسل من هذا الوجه .

وقد قال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو أحمد يوسف بن محمد بن محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ثنا نصر بن علي الجهضمي ، ثنا محبوب بن الحسن ، ثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب بعرفات ، فلما قال : " لبيك اللهم لبيك " ، قال : " إنما الخير خير الآخرة " . وهذا إسناد غريب ، وإسناده على شرط السنن ، ولم يخرجوه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا روح ، ثنا أسامة بن زيد ، حدثني عبد الله بن أبي لبيد ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ، سمعت أبا هريرة يقول : قال [ ص: 500 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرني جبريل برفع الصوت في الإهلال ; فإنه من شعائر الحج " . تفرد به أحمد . وقد رواه البيهقي عن الحاكم ، عن الأصم ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن ابن وهب ، عن أسامة بن زيد ، عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، وعبد الله بن أبي لبيد ، عن المطلب ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكره .

وقد قال عبد الرزاق : أخبرنا الثوري ، عن ابن أبي لبيد ، عن المطلب بن حنطب ، عن خلاد بن السائب ، عن زيد بن خالد قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية ، فإنها شعار الحج . وكذا رواه ابن ماجه ، عن علي بن محمد ، عن وكيع ، عن الثوري به . وكذلك رواه شعبة وموسى بن عقبة ، عن عبد الله بن أبي لبيد به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، ثنا سفيان ، عن عبد الله بن أبي لبيد ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ، عن خلاد بن السائب ، عن زيد بن خالد الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جاءني جبريل ، فقال : يا محمد ، مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية ، فإنها شعار الحج " .

[ ص: 501 ] قال شيخنا أبو الحجاج المزي في كتابه " الأطراف " : وقد رواه معاوية بن هشام وقبيصة ، عن سفيان الثوري ، عن عبد الله بن أبي لبيد ، عن المطلب ، عن خلاد بن السائب ، عن أبيه ، عن زيد بن خالد به .

وقال أحمد : ثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام ، عن خلاد بن السائب بن خلاد ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أتاني جبريل فقال : مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالإهلال " .

وقال أحمد : قرأت على عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك ، وحدثنا روح ، ثنا مالك ، يعني ابن أنس ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن خلاد بن السائب الأنصاري ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي - أو من معي - أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية - أو بالإهلال - " . يريد أحدهما . وكذلك رواه الشافعي ، عن مالك ، ورواه أبو داود ، عن القعنبي ، عن مالك به . ورواه الإمام أحمد أيضا من حديث ابن جريج ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، من حديث سفيان بن عيينة ، عن [ ص: 502 ] عبد الله بن أبي بكر به . وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

وقال الحافظ البيهقي : ورواه ابن جريج قال : كتب إلي عبد الله بن أبي بكر ، فذكره ، ولم يذكر أبا خلاد في إسناده . قال : والصحيح رواية مالك وسفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الملك ، عن خلاد بن السائب ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كذلك قاله البخاري وغيره . كذا قال .

وقد قال الإمام أحمد في مسند السائب بن خلاد بن سويد أبي سهلة الأنصاري : ثنا محمد بن بكر ، أنبأنا ابن جريج وروح ، ثنا ابن جريج قال : كتب إلي عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن خلاد بن السائب الأنصاري ، عن أبيه السائب بن خلاد ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أتاني جبريل فقال : إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية والإهلال " . وقال روح : بالتلبية أو بالإهلال . قال : ولا أدري أينا وهل ; أنا أو عبد الله أو خلاد في الإهلال أو التلبية . هذا لفظ أحمد في " مسنده " . وكذلك ذكره شيخنا في أطرافه ، عن ابن جريج كرواية مالك وسفيان بن عيينة . فالله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية