صفحة جزء
فصل ( تقديمه صلى الله عليه وسلم الضعفة من أهله بالليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويقدم إذا غاب القمر )

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم طائفة من أهله بين يديه من الليل قبل حطمة الناس من المزدلفة إلى منى .

قال البخاري : باب من قدم ضعفة أهله بالليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويقدم إذا غاب القمر . حدثنا يحيى بن بكير ، ثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب قال : قال سالم كان عبد الله بن عمر يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بليل ، فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع ، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ، ومنهم من يقدم بعد ذلك ، فإذا قدموا رموا الجمرة ، وكان ابن عمر يقول : أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم .

حدثنا سليمان بن حرب ، ثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع بليل .

وقال البخاري : ثنا علي بن عبد الله ، ثنا سفيان ، أخبرني عبيد الله بن [ ص: 594 ] أبي يزيد ، سمع ابن عباس يقول : أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة أهله .

وروى مسلم من حديث ابن جريج أخبرني عطاء ، عن ابن عباس قال : بعث بي رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع بسحر مع ثقله .

وقال الإمام أحمد : ثنا روح ، ثنا سفيان الثوري ، ، ثنا سلمة بن كهيل ، عن الحسن العرني ، عن ابن عباس قال : قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ; أغيلمة بني عبد المطلب على حمراتنا فجعل يلطح أفخاذنا بيده ، ويقول : " أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " . قال ابن عباس : ما إخال أحدا يرمي الجمرة حتى تطلع الشمس . وقد رواه أحمد أيضا ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان الثوري فذكره . وقد رواه أبو داود عن محمد بن كثير ، عن الثوري به ، والنسائي عن محمد بن عبد الله بن يزيد ، عن سفيان بن عيينة ، عن سفيان الثوري به وأخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد ، كلاهما عن وكيع ، عن مسعر وسفيان الثوري ، كلاهما عن سلمة بن [ ص: 595 ] كهيل به .

وقال أحمد : ثنا يحيى بن آدم ، ثنا أبو الأحوص ، عن الأعمش ، ، عن الحكم بن عتيبة ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النحر وعلينا سواد من الليل ، فجعل يضرب أفخاذنا ويقول : " أبني ، أفيضوا ولا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " .

ثم رواه الإمام أحمد من حديث المسعودي ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعفة أهله من المزدلفة بليل ، فجعل يوصيهم ألا يرموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس .

وقال أبو داود : ثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا الوليد بن عقبة ، ثنا حمزة الزيات عن حبيب ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفة أهله بغلس ، ويأمرهم . يعني ألا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس . وكذا رواه النسائي ، عن محمود بن غيلان ، عن بشر بن السري ، عن سفيان ، عن حبيب .

قال الطبراني : وهو ابن أبي ثابت ، عن عطاء ، عن ابن عباس . فخرج حمزة الزيات من عهدته ، وجاد إسناد الحديث . والله أعلم .

[ ص: 596 ] وقد قال البخاري : ثنا مسدد ، عن يحيى ، عن ابن جريج قال : حدثني عبد الله مولى أسماء ، عن أسماء أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة ، فقامت تصلي ، فصلت ساعة ، ثم قالت : يا بني هل غاب القمر ؟ قلت : لا . فصلت ساعة ثم قالت : هل غاب القمر ؟ قلت : نعم . قالت : فارتحلوا . فارتحلنا فمضينا حتى رمت الجمرة ، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها فقلت لها : يا هنتاه ، ما أرانا إلا قد غلسنا . فقالت : يا بني ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن . ورواه مسلم من حديث ابن جريج به . فإن كانت أسماء بنت الصديق رمت الجمار قبل طلوع الشمس كما ذكر هاهنا عن توقيف ، فروايتها مقدمة على رواية ابن عباس ; لأن إسناد حديثها أصح من إسناد حديثه ، اللهم إلا أن يقال : إن الغلمان أخف حالا من النساء وأنشط ، فلهذا أمر الغلمان بألا يرموا قبل طلوع الشمس ، وأذن للظعن في الرمي قبل طلوع الشمس ; لأنهم أثقل حالا وأبلغ في التستر . والله أعلم . وإن كانت أسماء لم تفعله عن توقيف ، فحديث ابن عباس مقدم على فعلها ، لكن يقوي الأول قول أبي داود : ثنا محمد بن خلاد الباهلي ، ثنا يحيى ، عن ابن جريج ، أخبرني عطاء ، أخبرني مخبر عن أسماء أنها رمت الجمرة بليل . قلت : إنا رمينا الجمرة [ ص: 597 ] بليل! قالت : إنا كنا نصنع هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال البخاري : ثنا أبو نعيم ، ثنا أفلح بن حميد ، عن القاسم ، عن محمد ، عن عائشة قالت : نزلنا المزدلفة ، فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تدفع قبل حطمة الناس ، وكانت امرأة بطيئة ، فأذن لها ، فدفعت قبل حطمة الناس ، وأقمنا نحن حتى أصبحنا ، ثم دفعنا بدفعه ، فلأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنت سودة أحب إلي من مفروح به . وأخرجه مسلم ، عن القعنبي عن أفلح بن حميد به . وأخرجاه في " الصحيحين " من حديث سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة به .

وقال أبو داود : ثنا هارون بن عبد الله ، ثنا ابن أبي فديك ، عن الضحاك - يعني ابن عثمان - عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر ، فرمت الجمرة قبل الفجر ، ثم مضت فأفاضت ، وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أبو داود : يعني عندها . انفرد به أبو داود ، وهو إسناد جيد قوي ، رجاله ثقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية