صفحة جزء
فصل ( خروج النبي صلى الله عليه وسلم من أسفل مكة )

ثم خرج ، عليه الصلاة والسلام ، من أسفل مكة ، كما قالت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة من أعلاها ، وخرج من أسفلها أخرجاه .

وقال ابن عمر : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثنية العليا التي بالبطحاء ، وخرج من الثنية السفلى . رواه البخاري ومسلم . وفي لفظ : دخل من كداء ، وخرج من كدى .

وقد قال الإمام أحمد : ثنا محمد بن فضيل ، ثنا أجلح بن عبد الله ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة عند غروب الشمس ، [ ص: 664 ] فلم يصل حتى أتى سرفا ، وهي على تسعة أميال من مكة . وهذا غريب جدا . وأجلح فيه نظر ، ولعل هذا في غير حجة الوداع فإنه ، عليه الصلاة والسلام ، كما قدمنا طاف بالبيت بعد صلاة الصبح ، فماذا أخره إلى وقت الغروب ؟! هذا غريب جدا ، اللهم إلا أن يكون ما ادعاه ابن حزم صحيحا من أنه ، عليه الصلاة والسلام ، رجع إلى المحصب من مكة بعد طوافه بالبيت طواف الوداع ، ولم يذكر دليلا على ذلك إلا قول عائشة حين رجعت من اعتمارها من التنعيم ، فلقيته مصعدة وهو منهبط على أهل مكة ، أو منهبطة وهو مصعد . قال ابن حزم : الذي لا شك فيه أنها كانت مصعدة من مكة وهو منهبط ; لأنها تقدمت إلى العمرة ، وانتظرها حتى جاءت ، ثم نهض عليه الصلاة والسلام إلى طواف الوداع ، فلقيها منصرفة إلى المحصب من مكة .

وقال البخاري : باب من نزل بذي طوى إذا رجع من مكة . وقال محمد بن عيسى : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان إذا أقبل بات بذي طوى ، حتى إذا أصبح دخل ، وإذا نفر مر بذي طوى ، وبات بها حتى يصبح ، وكان يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك . هكذا ذكر هذا معلقا بصيغة الجزم ، وقد أسنده هو ومسلم من حديث حماد بن زيد به ، لكن ليس فيه ذكر المبيت بذي طوى في الرجعة . فالله أعلم .

[ ص: 665 ] فائدة عزيزة : فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصحب معه من ماء زمزم شيئا .

قال الحافظ أبو عيسى الترمذي : حدثنا أبو كريب ، ثنا خلاد بن يزيد الجعفي ، ثنا زهير بن معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنها كانت تحمل من ماء زمزم ، وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله . ثم قال : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

وقال البخاري : ثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله - هو ابن المبارك - ثنا موسى بن عقبة ، عن سالم ونافع ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من الغزو أو الحج أو العمرة ، يبدأ فيكبر ثلاث مرات ، ثم يقول : " لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون عابدون ساجدون ، لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده " . والأحاديث في هذا كثيرة ، ولله الحمد والمنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية