صفحة جزء
[ ص: 237 ] فصل في ذكر أولاده عليه وعليهم الصلاة والسلام

لا خلاف أن جميع أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، سوى إبراهيم فمن مارية بنت شمعون القبطية ، قال محمد بن سعد : أنبأنا هشام بن الكلبي ، أخبرني أبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : كان أكبر ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم ، ثم زينب ، ثم عبد الله ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية ، رضوان الله عليهم أجمعين ، فمات القاسم - وهو أول ميت من ولده - بمكة ، ثم مات عبد الله ، فقال العاص بن وائل السهمي : قد انقطع نسله فهو أبتر . فأنزل الله عز وجل : إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر [ سورة الكوثر ] قال : ثم ولدت له مارية بالمدينة إبراهيم في ذي الحجة ، سنة ثمان [ ص: 238 ] من الهجرة ، فمات ابن ثمانية عشر شهرا .

وقال أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري : ثنا عبد الباقي بن قانع ، ثنا محمد بن زكريا ، ثنا العباس بن بكار ، حدثني محمد بن زياد والفرات بن السائب ، عن ميمون بن مهران عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال : ولدت خديجة من النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن محمد ، ثم أبطأ عليه الولد من بعده ، فبينا رسول الله يكلم رجلا والعاص بن وائل ينظر إليه إذ قال له رجل : من هذا ؟ قال له : هذا الأبتر . وكانت قريش إذا ولد للرجل ولد ، ثم أبطأ عليه الولد من بعده قالوا : هذا الأبتر . فأنزل الله ، تبارك تعالى : إن شانئك هو الأبتر أي ; مبغضك هو الأبتر من كل خير . قال : ثم ولدت له زينب ، ثم ولدت له رقية ، ثم ولدت له القاسم ، ثم ولدت الطاهر ، ثم ولدت المطهر ، ثم ولدت الطيب ، ثم ولدت المطيب ، ثم ولدت أم كلثوم ، ثم ولدت فاطمة ، وكانت أصغرهم ، وكانت خديجة إذا ولدت ولدا دفعته إلى من ترضعه ، فلما ولدت فاطمة لم يرضعها أحد غيرها .

وقال الهيثم بن عدي حدثنا هشام بن عروة ، عن سعيد بن المسيب ، عن [ ص: 239 ] أبيه قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم ابنان ; طاهر والطيب . وكان يسمي أحدهما عبد شمس والآخر عبد العزى . وهذا فيه نكارة . والله أعلم .

وقال محمد بن عائذ : أخبرني الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن عبد العزيز ، أن خديجة ولدت القاسم والطيب والطاهر ومطهرا وزينب ورقية وفاطمة وأم كلثوم .

وقال الزبير بن بكار أخبرني عمي مصعب بن عبد الله قال : ولدت خديجة القاسم والطاهر - وكان يقال له : الطيب . وولد الطاهر بعد النبوة ، ومات صغيرا ، واسمه عبد الله - وفاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم ، رضوان الله عليهم أجمعين .

قال الزبير ، وحدثني إبراهيم بن المنذر ، عن ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الأسود أن خديجة ولدت القاسم والطاهر والطيب وعبد الله وزينب ورقية وفاطمة وأم كلثوم .

وحدثني محمد بن فضالة عن بعض من أدرك من المشيخة قال : ولدت خديجة القاسم وعبد الله ، فأما القاسم ، فعاش حتى مشى ، وأما عبد الله ، فمات ، [ ص: 240 ] وهو صغير .

وقال الزبير : كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة بنت خويلد ، وقد ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم ، وهو أكبر ولده وبه كان يكنى ، ثم زينب ، ثم عبد الله ، وكان يقال له : الطيب . ويقال له الطاهر . ولد بعد النبوة ، ومات صغيرا ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية . هم هكذا الأول فالأول ، ثم مات القاسم بمكة - وهو أول ميت من ولده - ثم مات عبد الله ثم ولدت له مارية بنت شمعون إبراهيم ، وهي القبطية التي أهداها له المقوقس صاحب إسكندرية ، وأهدى معها أختها سيرين ، وخصيا يقال له مأبور . فوهب سيرين لحسان بن ثابت ، فولدت له ابنه عبد الرحمن ، وقد انقرض نسل حسان بن ثابت

وقال أبو بكر بن البرقي : يقال إن الطاهر هو الطيب وهو عبد الله . ويقال : إن الطيب والمطيب ولدا في بطن ، والطاهر والمطهر ولدا في بطن .

وقال المفضل بن غسان ، أنا أبي ، عن أحمد بن حنبل ، حدثنا عبد الرزاق : ، ثنا ابن جريج ، عن مجاهد قال : مكث القاسم بن النبي صلى الله عليه وسلم سبع [ ص: 241 ] ليال ، ثم مات . قال المفضل : وهذا خطأ ; والصواب أنه عاش سبعة عشر شهرا .

وقال الحافظ أبو نعيم : قال مجاهد : مات القاسم وله سبعة أيام . وقال الزهري : وهو ابن سنتين .

وقال قتادة : عاش حتى مشى .

وقال هشام بن عروة : وضع أهل العراق ذكر الطيب والطاهر . فأما مشايخنا فقالوا : عبد العزى وعبد مناف والقاسم ، ومن النساء رقية وأم كلثوم وفاطمة . هكذا رواه ابن عساكر ، وهو منكر ، والذي أنكره هو المعروف . وسقط ذكر زينب ولا بد منها . والله أعلم .

فأما زينب فقال عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال لي غير واحد : كانت زينب أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت فاطمة أصغرهن وأحبهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وتزوج زينب أبو العاص بن الربيع ، فولدت منه عليا وأمامة ، وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها في الصلاة ، فإذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها . ولعل ذلك كان بعد موت أمها سنة ثمان من الهجرة على ما ذكره الواقدي وقتادة [ ص: 242 ] وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيرهم ، وكأنها كانت طفلة صغيرة . فالله أعلم . وقد تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، بعد موت فاطمة ، على ما سيأتي ، إن شاء الله ، وكانت وفاة زينب رضي الله عنها ، في سنة ثمان . قاله قتادة عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، وخليفة بن خياط ، وأبو بكر بن أبي خيثمة ، وغير واحد . وقال قتادة ، عن ابن حزم : في أول سنة ثمان .

وذكر حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أنها لما هاجرت دفعها رجل فوقعت على صخرة فأسقطت حملها ، ثم لم تزل وجعة حتى ماتت ، فكانوا يرونها ماتت شهيدة .

وأما رقية فكان قد تزوجها أولا ابن عمها عتبة بن أبي لهب ، كما تزوج أختها أم كلثوم أخوه عتيبة بن أبي لهب ، ثم طلقاهما قبل الدخول بهما ; بغضة في رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله تعالى : تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد [ سورة المسد ] فتزوج عثمان بن عفان رضي الله عنه ، رقية ، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة ، ويقال : إنه أول من هاجر إليها . ثم رجعا إلى مكة كما قدمنا ، وهاجرا إلى المدينة وولدت له ابنه عبد الله ، فبلغ ست سنين ، فنقره ديك ، في عينيه فمات ، [ ص: 243 ] وبه كان يكنى أولا ، ثم اكتنى بابنه عمرو ، وتوفيت وقد انتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ، ولما أن جاء البشير بالنصر إلى المدينة - وهو زيد بن حارثة - وجدهم قد ساووا على قبرها التراب ، وكان عثمان قد أقام عليها يمرضها بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وضرب له بسهمه وأجره ، ولما رجع صلى الله عليه وسلم زوجه بأختها أم كلثوم أيضا ، ولهذا كان يقال له ذو النورين ، ثم ماتت عنده في شعبان سنة تسع ، ولم تلد له شيئا ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو كانت عندي ثالثة لزوجتها عثمان " وفي رواية قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " لو كن عشرا لزوجتهن عثمان " .

وأما فاطمة فتزوجها ابن عمها علي بن أبي طالب في صفر سنة اثنتين ، فولدت له الحسن والحسين ، ويقال : ومحسنا . وولدت له أم كلثوم وزينب ، رضوان الله عليهم أجمعين ، وقد تزوج عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، في أيام ولايته بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فاطمة رضي الله عنها ، وأكرمها إكراما زائدا ; أصدقها أربعين ألف درهم لأجل نسبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فولدت له زيد بن عمر بن الخطاب ، ولما قتل عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، تزوجها بعده ابن عمها عون بن جعفر ، فمات عنها ، فخلف عليها أخوه محمد ، فمات عنها ، فتزوجها أخوهما عبد الله بن جعفر ، فماتت [ ص: 244 ] عنده ، وقد كان عبد الله بن جعفر تزوج بأختها زينب بنت علي من فاطمة ، وماتت عنده أيضا ، وقد توفيت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر على أشهر الأقوال ، وهو الثابت عن عائشة في " الصحيح " ، وقاله الزهري أيضا وأبو جعفر الباقر . وعن الزهري : بثلاثة أشهر . وقال أبو الزبير بشهرين . وقال أبو بريدة : عاشت بعده سبعين من بين يوم وليلة . وقال عمرو بن دينار مكثت بعده ثمانية أشهر . وكذا قال عبد الله بن الحارث . وفي رواية ، عن عمرو بن دينار بثلاثة أشهر .

وأما إبراهيم فمن مارية القبطية كما قدمنا ، وكان ميلاده في ذي الحجة سنة ثمان .

وقد روي عن ابن لهيعة وغيره ، عن عبد الرحمن بن زياد قال : لما حبل بإبراهيم أتى جبريل ، عليه السلام ، فقال : السلام عليك يا أبا إبراهيم ، إن الله قد وهب لك غلاما من أم ولدك مارية ، وأمرك أن تسميه إبراهيم ، فبارك الله لك فيه ، وجعله قرة عين لك في الدنيا والآخرة .

[ ص: 245 ] وروى الحافظ أبو بكر البزار ، عن محمد بن مسكين ، عن عثمان بن صالح ، عن ابن لهيعة ، عن عقيل ويزيد بن أبي حبيب ، عن الزهري ، عن أنس رضي الله عنه قال : لما ولد للنبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم ، وقع في نفسه منه شيء ، فأتاه جبريل ، عليه السلام ، فقال : السلام عليك يا أبا إبراهيم .

وقال أسباط ، عن السدي ، وهو إسماعيل بن عبد الرحمن ، قال : سألت أنس بن مالك ; قلت : كم بلغ إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم من العمر ؟ قال : قد كان ملأ مهده ، ولو بقي لكان نبيا ، ولكن لم يكن ليبقى ; لأن نبيكم صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا سفيان ، عن السدي ، عن أنس بن مالك قال : لو عاش إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم لكان صديقا نبيا .

وقال أبو عبد الله بن منده : ثنا محمد بن سعد ومحمد بن إبراهيم ، ثنا محمد بن عثمان العبسي ، ثنا منجاب ، ثنا أبو عامر الأسدي ، ثنا سفيان ، عن السدي ، عن أنس قال : توفي إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ابن ستة عشر شهرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ادفنوه في البقيع ، فإن له مرضعا تتم رضاعه في الجنة " .

[ ص: 246 ] وقال أبو يعلى : ثنا أبو خيثمة ، ثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن عمرو بن سعيد ، عن أنس قال : ما رأيت أحدا أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم ; كان إبراهيم مسترضعا في عوالي المدينة فكان ينطلق ونحن معه ، فيدخل إلى البيت وإنه ليدخن ; وكان ظئره قينا ، فيأخذه فيقبله ، ثم يرجع . قال عمرو : فلما توفي إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن إبراهيم ابني ، وإنه مات في الثدي ، وإن له لظئرين تكملان رضاعه في الجنة " .

وقد روى جرير وأبو عوانة ، عن الأعمش ، عن مسلم بن صبيح أبي الضحى ، عن البراء قال : توفي إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستة عشر شهرا ، فقال : " ادفنوه في البقيع ، فإن له مرضعا في الجنة " ورواه أحمد من حديث جابر ، عن عامر ، عن البراء . وهكذا رواه سفيان الثوري ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن البراء بن عازب بمثله . وكذا رواه الثوري أيضا ، عن أبي إسحاق ، عن البراء .

[ ص: 247 ] وأورد ابن عساكر من طريق عتاب بن محمد بن شوذب ، عن عبد الله بن أبي أوفى قال : توفي إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرضع بقية رضاعه في الجنة " .

وقال أبو يعلى الموصلي : ثنا زكريا بن يحيى الواسطي ، ثنا هشيم ، عن إسماعيل قال : سألت ابن أبي أوفى - أو سمعته يسأل - عن إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : مات وهو صغير ، ولو قضي أن يكون بعد النبي صلى الله عليه وسلم نبي لعاش .

وروى ابن عساكر من حديث أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ ، ثنا عبيد بن إبراهيم الجعفي ، ثنا الحسن بن أبي عبد الله الفراء ، ثنا مصعب بن سلام ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو عاش إبراهيم لكان نبيا " .

وروى ابن عساكر من حديث محمد بن إسماعيل بن سمرة ، عن محمد [ ص: 248 ] بن الحسن الأسدي ، عن أبي شيبة ، عن أنس قال : لما مات إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدرجوه في أكفانه حتى أنظر إليه " فجاء فانكب عليه وبكى حتى اضطرب لحياه وجنباه صلى الله عليه وسلم .

قلت : أبو شيبة هذا لا يتعامل بروايته ، ثم روى من حديث مسلم بن خالد الزنجي ، عن ابن خثيم ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت : لما توفي إبراهيم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو بكر وعمر : أنت أحق من علم لله حقه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تدمع العين ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب ، ولولا أنه وعد صادق ، وموعود جامع ، وأن الآخر منا يتبع الأول ، لوجدنا عليك يا إبراهيم وجدا أشد مما وجدنا ، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون " .

وقال الإمام أحمد : ثنا أسود بن عامر ، ثنا إسرائيل ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن البراء قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم ، ومات وهو ابن ستة عشر شهرا ، وقال : " إن له في الجنة من يتم رضاعه ، وهو [ ص: 249 ] صديق " وقد روي من حديث الحكم بن عتيبة ، عن الشعبي ، عن البراء .

وقال أبو يعلى : ثنا القواريري ، أنبأنا عبيد بن القاسم ، ثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن ابن أبي أوفى قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه ، وصليت خلفه وكبر عليه أربعا .

وقد روى يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال : مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو ابن ثمانية عشر شهرا ، فلم يصل عليه .

وروى ابن عساكر من حديث إسحاق بن محمد الفروي ، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي جده ، عن علي رضي الله عنه قال : لما توفي إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى أمه مارية القبطية ، [ ص: 250 ] وهي في مشربة ، فحمله علي في سفط ، وجعله بين يديه على الفرس ، ثم جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فغسله وكفنه وخرج به ، وخرج الناس معه ، فدفنه في الزقاق الذي يلي دار محمد بن زيد ، فدخل علي في قبره حتى سوى عليه التراب ودفنه ، ثم خرج ورش على قبره ، وأدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في قبره ، فقال : " أما والله إنه لنبي ابن نبي " وبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبكى المسلمون حوله حتى ارتفع الصوت ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يغضب الرب ، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون " .

وقال الواقدي : مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوم الثلاثاء لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر ، وهو ابن ثمانية عشر شهرا ، في بني مازن بن النجار في دار أم بردة بنت المنذر ، ودفن بالبقيع .

قلت : وقد قدمنا أن الشمس كسفت يوم موته ، فقال الناس : كسفت لموت إبراهيم ، فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في خطبته : : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، عز وجل ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته " .

التالي السابق


الخدمات العلمية