صفحة جزء
[ ص: 659 ] قصة سلمان في تكثيره صلى الله عليه وسلم القطعة من الذهب لوفاء دينه في مكاتبته

قال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، حدثني رجل من عبد القيس ، عن سلمان قال : لما قلت : وأين تقع هذه من الذي علي يا رسول الله ؟ أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلبها على لسانه ثم قال " " خذها فأوفهم منها " . فأخذتها فأوفيتهم منها حقهم أربعين أوقية . .

ذكر مزود أبي هريرة وتمره : قال الإمام أحمد : حدثنا يونس ، حدثنا حماد ، يعني ابن زيد ، عن المهاجر ، عن أبي العالية ، عن أبي هريرة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بتمرات فقلت : ادع الله لي فيهن بالبركة . قال : فصفهن بين يديه ، ثم دعا فقال لي : " اجعلهن في مزود ، وأدخل يدك ولا تنثره " قال : فحملت منه كذا وكذا وسقا في سبيل الله ونأكل ونطعم ، وكان لا يفارق حقوي ، فلما قتل عثمان رضي الله عنه ، انقطع عن حقوي فسقط ورواه الترمذي عن عمران بن موسى القزاز البصري ، عن حماد بن زيد ، [ ص: 660 ] عن المهاجر أبي مخلد ، عن رفيع أبي العالية عنه ، وقال الترمذي : حسن غريب من هذا الوجه .

طريق أخرى عنه : قال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار ، أنا الحسين بن يحيى بن عياش القطان ، ثنا حفص بن عمرو ، ثنا سهل بن زياد أبو زياد ، ثنا أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فأصابهم عوز من الطعام فقال : " يا أبا هريرة عندك شيء ؟ " قال : قلت : شيء من تمر في مزود لي . قال : " جئ به " . قال : فجئت بالمزود . قال : " هات نطعا " . فجئت بالنطع فبسطته فأدخل يده فقبض على التمر ، فإذا هو واحد وعشرون تمرة ، ثم قال : " بسم الله " . فجعل يضع كل تمرة ويسمي حتى أتى على التمر فقال به هكذا فجمعه ، فقال : " ادع فلانا وأصحابه " . فأكلوا حتى شبعوا وخرجوا ، ثم قال : " ادع فلانا وأصحابه " . فأكلوا وشبعوا وخرجوا ، ثم قال : " ادع فلانا وأصحابه " . فأكلوا وشبعوا وخرجوا ، وفضل ، ثم قال لي : " اقعد " . فقعدت فأكل وأكلت . قال : وفضل تمر فأدخلته في المزود ، وقال لي : " يا أبا [ ص: 661 ] هريرة إذا أردت شيئا فأدخل يدك وخذه ، ولا تكفئ فيكفأ عليك " . قال : فما كنت أريد تمرا إلا أدخلت يدي فأخذت منه خمسين وسقا في سبيل الله . قال : وكان معلقا خلف رحلي ، فوقع في زمن عثمان فذهب . .

طريق أخرى عن أبي هريرة في ذلك : روى البيهقي من طريقين ، عن سهل بن أسلم العدوي ، عن يزيد بن أبي منصور ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : أصبت بثلاث مصيبات في الإسلام لم أصب بمثلهن ؛ موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت صويحبه ، وقتل عثمان ، والمزود . قالوا : وما المزود يا أبا هريرة ؟ قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقال : " يا أبا هريرة أمعك شيء ؟ " قال : قلت : تمر في مزود . قال : " جئ به " . فأخرجت تمرا ، فأتيته به . قال : فمسه ودعا فيه ، ثم قال : " ادع عشرة " . فدعوت عشرة ، فأكلوا حتى شبعوا ، ثم كذلك حتى أكل الجيش كله ، وبقي من تمر معي في المزود ، فقال : " يا أبا هريرة ، إذا أردت أن تأخذ منه شيئا فأدخل يدك فيه ولا تكبه " . قال : فأكلت منه حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأكلت منه حياة أبي بكر كلها ، وأكلت منه حياة عمر كلها ، وأكلت منه حياة عثمان كلها ، فلما قتل عثمان انتهب ما في يدي وانتهب المزود ، ألا أخبركم كم أكلت منه ؟ أكلت منه أكثر من مائتي وسق . .

طريق أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر ، ثنا إسماعيل يعني ابن مسلم ، عن أبي المتوكل ، عن أبي هريرة قال : أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من [ ص: 662 ] تمر ، فجعلته في مكتل ، فعلقناه في سقف البيت ، فلم نزل نأكل منه حتى كان آخره أصابه أهل الشام حيث أغاروا على المدينة . تفرد به أحمد .

حديث عن العرباض بن سارية في ذلك : رواه الحافظ ابن عساكر في ترجمته من طريق محمد بن عمر الواقدي ، حدثني ابن أبي سبرة عن موسى بن سعد ، عن العرباض بن سارية قال : كنت ألزم باب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر ، فرأينا ليلة ونحن بتبوك ، وذهبنا لحاجة فرجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تعشى ومن عنده ، فقال : " أين كنت منذ الليلة ؟ " فأخبرته ، وطلع جعال بن سراقة وعبد الله بن مغفل المزني ، فكنا ثلاثة كلنا جائع ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت أم سلمة فطلب شيئا نأكله فلم يجده ، فنادى بلالا : " هل من شيء ؟ " فأخذ الجرب ينفضها ، فاجتمع سبع تمرات ، فوضعها في صحفة ووضع عليهن يده ، وسمى الله ، وقال : " كلوا بسم الله " . فأكلنا ، فأحصيت أربعا وخمسين تمرة أكلتها ، أعدها ونواها في يدي الأخرى ، وصاحباي يصنعان ما أصنع ، فأكل كل منهما خمسين تمرة ، ورفعنا أيدينا ، فإذا التمرات السبع كما هن ، فقال : " يا بلال ، ارفعهن في جرابك " . فلما كان الغد وضعهن في الصحفة وقال : " كلوا بسم الله " . فأكلنا حتى شبعنا ، وإنا لعشرة ، ثم رفعنا أيدينا [ ص: 663 ] وإنهن كما هن سبع ، فقال : " لولا أني أستحي من ربي عز وجل لأكلنا من هذه التمرات حتى نرد المدينة عن آخرنا " فلما رجع إلى المدينة طلع غليم من أهل المدينة فدفعهن إلى ذلك الغلام فانطلق يأكلهن .

حديث آخر : روى البخاري ومسلم من حديث أبي أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت له : لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي ، فأكلت منه حتى طال علي ، فكلته ففني .

حديث آخر : روى مسلم في " صحيحه " عن سلمة بن شبيب ، عن الحسن بن أعين ، عن معقل ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستطعمه فأطعمه شطر وسق شعير ، فما زال الرجل يأكل منه وامرأته وضيفهما حتى كاله ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لو لم تكله لأكلتم منه ، ولقام لكم " .

وبهذا الإسناد عن جابر ، أن أم مالك كانت تهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عكتها سمنا ، فيأتيها بنوها فيسألون الأدم وليس عندها شيء ، فتعمد إلى الذي [ ص: 664 ] كانت تهدي فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتجد فيه سمنا ، فما زال يقيم لها أدم بيتها حتى عصرتها ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أعصرتيها ؟ " قالت : نعم . فقال : " لو تركتيها ما زال قائما " وقد رواهما الإمام أحمد عن موسى ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر .

حديث آخر : قال البيهقي : أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو جعفر البغدادي ، ثنا يحيى بن عثمان بن صالح ، ثنا حسان بن عبد الله ، ثنا ابن لهيعة ، ثنا يونس بن يزيد ، ثنا أبو إسحاق ، عن سعيد بن الحارث ، عن جده نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، أنه استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في التزويج ، فأنكحه امرأة ، فالتمس شيئا فلم يجده ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع وأبا أيوب بدرعه ، فرهناه عند رجل من اليهود بثلاثين صاعا من شعير ، فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه . قال : فطعمنا منه نصف سنة ، ثم كلناه فوجدناه كما أدخلناه . قال نوفل : فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " لو لم تكله لأكلت منه ما عشت " .

[ ص: 665 ] حديث آخر : قال الحافظ البيهقي في " الدلائل " : أنا عبد الله بن يوسف الأصفهاني ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، ثنا عباس بن محمد الدوري ، أنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، أنا أبو بكر بن عياش ، عن هشام ، يعني ابن حسان ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : أتى رجل أهله ، فرأى ما بهم من الحاجة ، فخرج إلى البرية ، فقالت امرأته : اللهم ارزقنا ما نعتجن ونختبز . قال : فإذا الجفنة ملأى خميرا ، والرحا تطحن ، والتنور ملأى خبزا وشواء . قال : فجاء زوجها فقال : عندكم شيء ؟ قالت : نعم ، رزق الله . فرفع الرحا فكنس ما حوله ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لو تركها لدارت إلى يوم القيامة " .

وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار ، ثنا أبو إسماعيل الترمذي ، ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح ، حدثني الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، أن رجلا من الأنصار كان ذا حاجة ، فخرج وليس عند أهله شيء فقالت امرأته : لو أني حركت رحاي وجعلت في تنوري سعفات . فسمع جيراني صوت الرحا ورأوا الدخان ، فظنوا أن عندنا طعاما وليس بنا خصاصة . فقامت إلى تنورها ، فأوقدته وقعدت تحرك الرحا . قال : فأقبل زوجها وسمع الرحا فقامت إليه لتفتح له الباب ، فقال : ماذا كنت تطحنين ؟ فأخبرته ، فدخلا وإن رحاهما لتدور وتصب دقيقا ، فلم يبق في البيت وعاء إلا ملي ، ثم خرجت إلى تنورها ، فوجدته مملوءا [ ص: 666 ] خبزا ، فأقبل زوجها فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال : " فما فعلت الرحا ؟ " قال : رفعتها ونفضتها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو تركتموها ما زالت لكم حياتي " . أو قال " حياتكم " . وهذا الحديث غريب سندا ومتنا .

حديث آخر : وقال مالك ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضافه ضيف كافر ، فأمر له بشاة فحلبت فشرب حلابها ، ثم أخرى فشرب حلابها ، ثم أخرى فشرب حلابها ، حتى شرب حلاب سبع شياه ، ثم إنه أصبح فأسلم ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له بشاة فحلبت فشرب حلابها ، ثم أمر له بأخرى فلم يستتمها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن المسلم يشرب في معى واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء " ورواه مسلم من حديث مالك .

حديث آخر : قال الحافظ البيهقي : أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ثنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثني محمد بن الفضل بن جابر ، ثنا الحسين بن عبد الأول ، ثنا حفص بن غياث ، ثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : ضاف النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي . قال : فطلب له شيئا ، فلم يجد إلا كسرة في كوة . قال فجزأها رسول الله صلى الله عليه وسلم أجزاء ودعا عليها ، وقال " كل " قال : فأكل وأفضل . قال : فقال : يا محمد إنك لرجل صالح . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : [ ص: 667 ] " أسلم " فقال : إنك لرجل صالح . ثم رواه البيهقي من حديث سهل بن عثمان ، عن حفص بن غياث بإسناده نحوه .

حديث آخر : قال الحافظ البيهقي : أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ قال : وفيما ذكر عبدان الأهوازي ، ثنا محمد بن زياد البرجمي ، ثنا عبيد الله بن موسى ، عن مسعر ، عن زبيد عن مرة عن عبد الله بن مسعود قال : أضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيفا ، فأرسل إلى أزواجه يبتغي عندهن طعاما ، فلم يجد عند واحدة منهن شيئا ، فقال : " اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك فإنه لا يملكها إلا أنت " . قال : فأهديت له شاة مصلية ، فقال : " هذا من فضل الله ونحن ننتظر الرحمة " قال أبو علي : حدثنيه محمد بن عبدان الأهوازي عنه . قال : والصحيح عن زبيد مرسلا ، حدثناه محمد بن عبدان حدثنا أبي ، ثنا الحسن بن الحارث الأهوازي ، أنا عبيد الله بن موسى ، عن مسعر ، عن زبيد فذكره مرسلا .

حديث آخر : قال الحافظ البيهقي : أنا أبو عبد الرحمن السلمي ، ثنا أبو عمرو بن حمدان ، أنا الحسن بن سفيان ، ثنا إسحاق بن منصور ، ثنا سليمان بن عبد الرحمن ، ثنا عمرو بن بشر بن السرح ، ثنا الوليد بن سليمان بن أبي السائب ، ثنا واثلة بن الخطاب ، عن أبيه عن جده واثلة بن الأسقع قال : حضر رمضان ونحن في أهل الصفة فصمنا ، فكنا إذا أفطرنا أتى كل رجل منا رجل من [ ص: 668 ] أهل البيعة ، فانطلق به فعشاه ، فأتت علينا ليلة لم يأتنا أحد وأصبحنا صياما ، وأتت علينا القابلة فلم يأتنا أحد فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بالذي كان من أمرنا ، فأرسل إلى كل امرأة من نسائه يسألها ؛ هل عندها شيء ؟ فما بقيت منهن امرأة إلا أرسلت تقسم ؛ ما أمسى في بيتها ما يأكل ذو كبد . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا فدعا وقال : " اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك ؛ فإنهما بيدك لا يملكهما أحد غيرك " . فلم يكن إلا ومستأذن يستأذن فإذا بشاة مصلية ورغف ، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعت بين أيدينا فأكلنا حتى شبعنا ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنا سألنا الله من فضله ورحمته ، فهذا فضله ، وقد ذخر لنا عنده رحمته " .

حديث الذراع : قال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل ، ثنا يحيى بن أبي إسحاق ، حدثني رجل من بني غفار في مجلس سالم بن عبد الله ، قال : حدثني فلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بطعام من خبز ولحم فقال : ناولني الذراع " . فنوول ذراعا - قال يحيى : لا أعلمه إلا هكذا - ثم قال : " ناولني الذراع " . فنوول ذراعا ، فأكلها ، ثم قال : " ناولني الذراع " . فقال : يا رسول الله ، إنما هما ذراعان ، فقال : " وأبيك لو سكت ما زلت أناول منها ذراعا ما دعوت [ ص: 669 ] به " . فقال سالم : أما هذه فلا ، سمعت عبد الله بن عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم " هكذا وقع إسناد هذا الحديث وهو عن مبهم عن مثله ، وقد روي من طرق أخرى .

قال الإمام أحمد : حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا أبو جعفر - يعني الرازي - عن شرحبيل ، عن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أهديت له شاة فجعلها في القدر فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ما هذا يا أبا رافع ؟ " قال شاة أهديت لنا يا رسول الله ، فطبختها في القدر . فقال : " ناولني الذراع يا أبا رافع " فناولته الذراع ، ثم قال " ناولني الذراع الآخر " فناولته الذراع الآخر ، ثم قال " ناولني الذراع الآخر " فقال : يا رسول الله ، إنما للشاة ذراعان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما إنك لو سكت لناولتني ذراعا فذراعا ما سكت " . ثم دعا بماء فمضمض فاه وغسل أطراف أصابعه ، ثم قام فصلى ثم عاد إليهم فوجد عندهم لحما باردا ، فأكل ثم دخل المسجد فصلى ولم يمس ماء . .

طريق أخرى عن أبي رافع : قال الإمام أحمد : ثنا مؤمل ، ثنا حماد ، حدثني عبد الرحمن بن أبي رافع عن عمته ، عن أبي رافع قال : صنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية فأتي بها فقال لي : " يا أبا رافع ، ناولني الذراع " فناولته ثم قال " يا أبا رافع ناولني الذراع " . فناولته ثم قال : " يا أبا رافع ناولني الذراع " فقلت : يا رسول الله وهل للشاة إلا ذراعان ؟ فقال : " لو سكت [ ص: 670 ] لناولتني منها ما دعوت به " قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الذراع . قلت ولهذا لما علمت اليهود عليهم لعائن الله ، بخيبر سموه في الذراع في تلك الشاة التي أحضرتها زينب اليهودية ، فأخبره الذراع بما فيه من السم ، لما نهس منه نهسة ، كما قدمنا ذلك في غزوة خيبر مبسوطا .

طريق أخرى : قال الحافظ أبو يعلى : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا زيد بن الحباب ، حدثني فائد مولى عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبي رافع قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق بشاة في مكتل ، فقال : " يا أبا رافع ناولني الذراع " . فناولته ، ثم قال : " يا أبا رافع ، ناولني الذراع " . فناولته ، ثم قال : " يا أبا رافع ناولني الذراع " . فقلت : يا رسول الله ، أللشاة إلا ذراعان ؟ فقال : " لو سكت ساعة ؛ ناولتنيه ما سألتك " . فيه انقطاع من هذا الوجه .

وقد قال أبو يعلى أيضا : ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، ثنا فضيل بن سليمان ، ثنا فائد مولى عبيد الله ، حدثني عبيد الله أن جدته سلمى أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى أبي رافع بشاة ، وذلك يوم الخندق فيما أعلم ، فصلاها أبو رافع ليس معها خبز ثم انطلق بها ، فلقيها النبي صلى الله عليه وسلم راجعا من الخندق فقال : " يا أبا رافع ، ضع الذي معك " . فوضعه ثم قال : " يا أبا رافع ناولني الذراع " . فناولته ثم قال : " يا أبا رافع ناولني الذراع " . فناولته ، ثم قال : " يا أبا رافع ناولني الذراع " . فقلت : يا رسول الله ، هل للشاة غير ذراعين ؟ فقال : " لو [ ص: 671 ] سكت لناولتني ما سألتك " .

وقد روي من طريق أبي هريرة ؛ قال الإمام أحمد : ثنا الضحاك ، ثنا ابن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن شاة طبخت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطني الذراع " . فناولته إياه فقال : " أعطني الذراع " فناولته إياه ، ثم قال : " أعطني الذراع " فقال : يا رسول الله إنما للشاة ذراعان ، قال : " أما إنك لو التمستها لوجدتها " .

حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن إسماعيل ، عن قيس ، عن دكين بن سعيد الخثعمي قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربعون وأربعمائة نسأله الطعام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر : " قم فأعطهم " فقال : يا رسول الله ما عندي إلا ما يقيظني والصبية . قال وكيع : القيظ في كلام العرب أربعة أشهر . قال : " قم فأعطهم " . قال : يا رسول الله سمعا وطاعة . قال : فقام عمر وقمنا معه فصعد بنا إلى غرفة له ، فأخرج المفتاح من حجزته ففتح الباب . قال دكين : فإذا في الغرفة من التمر شبيه بالفصيل الرابض . قال : شأنكم . قال : فأخذ كل رجل منا حاجته ما شاء . ثم التفت وإني لمن آخرهم فكأنا لم نرزأ منه تمرة . ثم رواه أحمد ، عن محمد ويعلى ابني عبيد ، عن [ ص: 672 ] إسماعيل ، وهو ابن أبي خالد ، عن قيس ، وهو ابن أبي حازم ، عن دكين به . ورواه أبو داود ، عن عبد الرحيم بن مطرف الرواسي ، عن عيسى بن يونس ، عن إسماعيل به

حديث آخر : قال علي بن عبد العزيز : ثنا أبو نعيم ، ثنا حشرج بن نباتة ، ثنا أبو نضرة ، حدثني أبو رجاء قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل حائطا لبعض الأنصار فإذا هو يسنو فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما تجعل لي إن أرويت حائطك هذا ؟ " قال : إني أجهد أن أرويه فما أطيق ذلك . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تجعل لي مائة تمرة أختارها من تمرك ؟ " قال : نعم . فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الغرب ، فما لبث أن أرواه حتى قال الرجل : غرقت حائطي . فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم من تمره مائة تمرة . قال : فأكل هو وأصحابه حتى شبعوا ، ثم رد عليه مائة تمرة ، كما أخذها . هذا حديث غريب أورده الحافظ ابن عساكر في دلائل النبوة من أول تاريخه ، بسنده عن علي بن عبد العزيز البغوي ، كما أوردناه . وقد تقدم في ذكر إسلام سلمان الفارسي ما كان من أمر النخيل التي غرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة لسلمان ، فلم يهلك منهن واحدة ، بل أنجب الجميع ، وكن ثلاثمائة ، وما كان من تكثيره الذهب حين قلبه على لسانه [ ص: 673 ] الشريف ، حتى قضى منه سلمان ما كان عليه من نجوم الكتابة وعتق ، رضي الله عنه وأرضاه .

التالي السابق


الخدمات العلمية