صفحة جزء
حديث فيه كرامة لولي من هذه الأمة

وهي معدودة من المعجزات; لأن كل ما يثبت لولي فهو معجزة لنبيه .

قال الحسن بن عرفة : ثنا عبد الله بن إدريس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي سبرة النخعي قال : أقبل رجل من اليمن ، فلما كان ببعض الطريق نفق حماره ، فقام فتوضأ ، ثم صلى ركعتين ، ثم قال : اللهم إني جئت من الدثينة مجاهدا في سبيلك وابتغاء مرضاتك ، وأنا أشهد أنك تحيي [ ص: 49 ] الموتي وتبعث من في القبور ، لا تجعل لأحد علي اليوم منة ، أطلب إليك اليوم أن تبعث حماري . فقام الحمار ينفض أذنيه قال البيهقي : هذا إسناد صحيح .

ومثل هذا يكون كرامة لصاحب الشريعة . قال البيهقي : وكذلك رواه محمد بن يحيى الذهلي وغيره ، عن محمد بن عبيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي وكأنه عند إسماعيل . والله أعلم .

طريق أخرى :

قال أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب " من عاش بعد الموت " : حدثنا إسحاق بن إسماعيل وأحمد بن بجير وغيرهما قالوا : ثنا محمد بن عبيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، أن قوما أقبلوا من اليمن متطوعين في سبيل الله ، فنفق حمار رجل منهم ، فأرادوه أن ينطلق معهم فأبى ، فقام فتوضأ وصلى ، ثم قال : اللهم إني جئت من الدثينة مجاهدا في سبيلك وابتغاء مرضاتك ، وإني أشهد أنك تحيي الموتى وتبعث من في القبور ، فلا تجعل لأحد علي منة ، فإني أطلب إليك أن تبعث لي حماري ، ثم قام إلى الحمار فضربه فقام الحمار ينفض أذنيه ، فأسرجه وألجمه ، ثم ركبه وأجراه فلحق بأصحابه ، فقالوا له : ما شأنك؟ قال : شأني أن الله بعث حماري قال الشعبي : فأنا رأيت الحمار بيع أو يباع في الكناسة . يعني بالكوفة .

قال ابن أبي الدنيا : وأخبرني العباس بن هشام ، عن أبيه ، عن جده ، عن [ ص: 50 ] مسلم بن عبد الله بن شريك النخعي ، أن صاحب الحمار رجل من النخع ، يقال له : نباتة بن يزيد . خرج في زمن عمر غازيا ، حتى إذا كان بشن عميرة نفق حماره ، فذكر القصة ، غيرأنه قال : فباعه بعد الكناسة ، فقيل له : تبيع حمارك وقد أحياه الله لك؟! قال : فكيف أصنع؟ وقد قال رجل من رهطه ثلاثة أبيات فحفظت هذا البيت :


ومنا الذي أحيا الإله حماره وقد مات منه كل عضو ومفصل

وقد ذكرنا في باب رضاعه ، عليه السلام ما كان من حمارة حليمة السعدية ، وكيف كانت تسبق الركب في رجوعها لما ركب معها عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو رضيع ، وقد كانت أذمت بالركب في مسيرهم إلى مكة وكذلك ظهرت بركته عليهم في شارفهم - وهي الناقة التي كانوا يحلبونها - وشياههم وسمنها وكثرة ألبانها ، صلوات الله وسلامه عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية