صفحة جزء
إخباره صلى الله عليه وسلم بمقتل علي بن أبي طالب ، فكان كما أخبر سواء بسواء

قال الإمام أحمد : ثنا علي بن بحر ، ثنا عيسى بن يونس ، ثنا محمد بن إسحاق ، حدثني يزيد بن محمد بن خثيم المحاربي ، عن محمد بن كعب ، عن محمد بن خثيم ، عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 205 ] لعلي حين ولي غزوة العشيرة : " يا أبا تراب - لما يرى عليه من التراب - ألا أحدثك بأشقى الناس رجلين؟ " قلنا : بلى يا رسول الله . قال : " أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه - يعني قرنه - حتى يبل هذه " يعني لحيته .

وروى البيهقي عن الحاكم ، عن الأصم ، عن الحسن بن مكرم ، عن أبي النضر ، عن محمد بن راشد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري - وكان أبوه من أهل بدر - قال : خرجت مع أبي عائدا لعلي بن أبي طالب في مرض أصابه ، ثقل منه . قال : فقال له أبي : ما يقيمك بمنزلك هذا؟ فلو أصابك أجلك لم يلك إلا أعراب جهينة ، تحمل إلى المدينة ، فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلوا عليك . فقال علي : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي أن لا أموت حتى أؤمر ثم تخضب هذه - يعني لحيته - من دم هذه يعني هامته . فقتل وقتل أبو فضالة مع علي يوم صفين .

وقال أبو داود الطيالسي : ثنا شريك ، عن عثمان بن المغيرة ، عن زيد بن وهب قال : جاء رأس الخوارج إلى علي فقال له : اتق الله فإنك ميت . فقال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ولكن مقتول من ضربة على هذه تخضب هذه - [ ص: 206 ] وأشار بيده إلى لحيته - عهد معهود ، وقضاء مقضي ، وقد خاب من افترى وقد روى البيهقي بإسناد صحيح ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي سنان الدؤلي ، عن علي في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقتله .

وروى من حديث هشيم ، عن إسماعيل بن سالم ، عن أبي إدريس الأزدي ، عن علي قال : إن مما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الأمة ستغدر بك بعدي " .

ثم ساقه من طريق فطر بن خليفة وعبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ثعلبة بن يزيد الحماني قال : سمعت عليا يقول : إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي : " إن الأمة ستغدر بك بعدي " قال البخاري : ثعلبة هذا فيه نظر ، ولا يتابع على حديثه هذا .

وروى البيهقي عن الحاكم ، عن الأصم ، عن محمد بن إسحاق الصغاني ، عن أبي الجواب الأحوص بن جواب ، عن عمار بن [ ص: 207 ] زريق ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ثعلبة بن يزيد قال : قال علي : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه - للحيته من رأسه - فما يحبس أشقاها؟ فقال عبد الله بن سبع : والله يا أمير المؤمنين لو أن رجلا فعل ذلك لأبرنا عشيرته . فقال : أنشدك بالله أن لا تقتل بي غير قاتلي . قالوا : يا أمير المؤمنين ، ألا تستخلف؟ قال : لا ، ولكني أترككم كما ترككم رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالوا : فما تقول لربك إذا لقيته وقد تركتنا هملا؟ قال : أقول : اللهم استخلفتني فيهم ما بدا لك ، ثم قبضتني وتركتك فيهم ، فإن شئت أصلحتهم ، وإن شئت أفسدتهم وهكذا روى البيهقي هذا . وهو موقوف ، وفيه غرابة من حيث اللفظ ومن حيث المعنى ، ثم المشهور عن علي أنه لما طعنه عبد الرحمن بن ملجم الخارجي وهو خارج لصلاة الصبح عند السدة ، فبقي علي يومين من طعنته ، وحبس ابن ملجم ، وأوصى علي إلى ابنه الحسن بن علي ، كما سيأتي بيانه ، وأمره أن يركب في الجنود ، وقال له : لا تحر علي كما تحر [ ص: 208 ] الجارية . فلما مات قتل عبد الرحمن بن ملجم قودا . وقيل : حدا . والله أعلم ، ثم ركب الحسن بن علي في الجنود ، وسار إلى معاوية كما سيأتي بيانه ، إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية